علي حيدر
كلما اقترب موعد نشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد، في نهاية الشهر الجاري، ارتفع مستوى التوتّر على الساحة السياسية الداخلية في إسرائيل، في وقت نفى فيه المندوب الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، جون بولتون، رواية رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت من أن العملية العسكرية البرية في نهاية حرب لبنان الثانية أثرت على صيغة قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701.
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «هآرتس» عن بولتون قوله إن العملية العسكرية البرية التي حاولت القوات الإسرائيلية من خلالها الاقتراب من نهر الليطاني في لبنان «لم تؤدّ دوراً في الاتصالات بشأن القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن» والذي أدى إلى إنهاء الحرب. وأضاف: إن المسودة الأميركية ـ الفرنسية للقرار، التي تبلورت في الخامس من آب 2006، أي قبل ستة أيام من صدور القرار 1701، «كانت جيدة لإسرائيل، لكنها تطلبت تعديلات من أجل الحصول على موافقة حكومة لبنان عليها».
في هذا الوقت، شدّدت مصادر مقربة من أولمرت على أنه «لن يتم إجراء أي مفاوضات للاتفاق على موعد إجراء انتخابات عامة»، وذلك انطلاقاً من الرغبة بـ«عدم إدخال الدولة لمدة سنة في حالة جنون سياسي، لن يكون من الممكن القيام خلالها بأي شيء». ودعت «من يريد انتخابات بعد تقرير فينوغراد، فليتفضل وليستقل من الحكومة وستجرى الانتخابات في الأشهر المقبلة».
وتأتي هذه المواقف في ظل تقديرات سائدة في الأوساط السياسية حول إمكان أن يطلب رئيس حزب «العمل»، إيهود باراك، من أولمرت الاتفاق على موعد لإجراء انتخابات عامة في نهاية السنة الجارية أو بداية السنة المقبلة.
ويعمل حزب «الليكود»، الذي يترأس المعارضة في الكنيست، على بلورة ائتلاف مؤيد لتحديد موعد للانتخابات، حيث حاول عضو الكنيست سيلفان شالوم (الليكود)، نهاية الأسبوع الماضي، إقناع أعضاء في حزب «العمل» بدعم هذا المسار.
وقال شالوم «من الواضح أنه من غير الممكن تقريباً في هذا الوقت استبدال رئيس الحكومة بشخص آخر من حزب كديما من الناحية التقنية، ولذلك ينبغي الاتفاق على موعد للانتخابات».
وذكرت مصادر في حزب «شاس» بزعامة إيلي يشاي، الذي تتجه إليه الأنظار بشأن إمكان استقالته من الحكومة بعد استقالة حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف، أنه «لا توجد حتى الآن بوادر أزمة حقيقية، إلا إذا أصر أولمرت على إجراء مفاوضات بشأن القدس، وسيعقد مجلس حكماء شاس اجتماعاً من أجل اتخاذ قرار بالاستقالة من الحكومة».
وأشارت مصادر في مكتب أولمرت إلى أنه «لا يوجد أي اتفاق تجاه القدس، ومن غير المؤكّد حدوث أمر كهذا». كما أكدت المصادر نفسها على أن أولمرت مستعد لإطلاع يشاي بشكل متواصل على التطورات السياسية المتعلقة بالمفاوضات.
ويأتي اشتداد الأزمة السياسية انطلاقاً من عدم وجود آلية لإقالة أولمرت من داخل حزبه، فضلاً عن عدم إمكان إقالة الكنيست للحكومة إلا بعد تأييد 61 من أعضائها لاسم المرشح البديل لرئاسة الحكومة. وعليه، يمكن الجزم أن الأمور مرتبطة بقرار أولمرت نفسه في الموافقة على تقديم استقالته لأنه في هذه الحال يصبح بالإمكان إعادة تأليف الحكومة بعد تكليف من رئيس الدولة للشخص البديل أو غيره، ومن دون الاضطرار إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة، وهو ما تحاول غالبية أعضاء الكنيست تجنبه.
وفي السياق، يواصل جنود الاحتياط كفاحهم ضد أولمرت وباراك عبر نصب لافتات ضخمة تدعو الاثنين للذهاب إلى البيت، تمهيداً لنشر تقرير فينوغراد بعد عشرة أيام.