strong> نادر فوز
•الموالاة والمعارضة تؤكّدان حرصهما على تجنّب التصادم رغم الاحتقان

مضى عام على قيام المعارضة بتحركها الواسع الذي أقفل الطرقات الرئيسية في جميع المناطق. سقط أربعة قتلى والحكومة لم تسقط والشراكة لم تتحقق والوضع الاقتصادي يتجه نحو المزيد من التدهور، والحديث اليوم يدور حول تحرك معارض جديد

«نجح التحرك، لم ينجح...». لم تحسم بعد «زهرة الربيع» الطرف الرابح من تحرك 23 كانون الثاني الماضي. حلّت الذكرى السنوية الأولى لـ«الثلاثاء الأسود»، إلا أنّ مشاهد الفوضى «المنظّمة» التي اتّسم بها هذا اليوم لا تزال عالقة في الذاكرة، وخاصةً أنّ بعضاً منها عاد ليتكرّر، احتجاجاً على الأزمة المعيشية، من خلال قطع الطرقات وحرق الإطارات ورمي الحجارة. وما أنتجه 23 كانون الثاني 2007 لا يزال عالقاً في النفوس، ولو أنّ ردّة الفعل عليه لم تترجم شعبياً إلا بعد يومين من ذلك التاريخ في اضطرابات جامعة بيروت العربية.
واليوم تجدّد الحديث عن تحرك المعارضة لتحقيق المشاركة السياسية مع فريق السلطة. ويدفع هذا الإعلان السياسي معظم المواطنين إلى التساؤل عن نتائج هذه الخطوة، سواء وافقوا على أهدافها أو عارضوها، في ظلّ وجود أفراد عبّروا يوم التحرك السابق عن حنينهم إلى حمل السلاح والسيطرة على شوارع ضاقت ذرعاً بحواجزهم وأقنعتهم على اختلاف انتماءاتهم.
أثبت تحرك العام الماضي، بحسب المسؤول في اللجنة التنفيذية في التيار الوطني الحر سيمون أبي رميا، القوة الشعبية للمعارضة وقدرتها على التحرك الميداني، «كما نجحت في إبقاء ملف الشراكة مفتوحاً رغم عدم سقوط الحكومة». ويرى أبي رميا أنّ هذه المعادلة لا تزال موجودة، «فمنعت الحكومة الحالية من التمادي»، على اعتبار أنّ التحرك أظهر أنها لا تمثّل كل المجتمع اللبناني. ومن النقاط التي سجّلها المعارضون أيضاًَ، منع سقوط لبنان في حالة الصراع الداخلي «بفضل حسّ المسؤولية لدى قادة المعارضة».
ويشدّد أبي رميا على الخطوط الحمراء التي رسمتها هذه القوى والتي تكمن في «ترسيخ السلم الأهلي وعدم إعطاء ذريعة للطرف الآخر يستخدمها لافتعال حروب أهلية». ويشير أبي رميا إلى أنّ المعارضة مستعدة للقيام بأي تحرك يعزز السلم الأهلي ويعيد الحياة السياسية إلى طبيعتها وميثاقيتها «رغم احتمال حصول مشاكل»، مؤكداً عدم انجراف المعارضين وراء هذا النوع من الصراعات، في إشارة إلى التحرك الذي تنوي المعارضة تنفيذه.
أما عضو المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي، فيقول إن تحرك العام الماضي رسالة أدّت مفعولها حينها، و«إنّ أي تحرك يمكن أن يشلّ البلد بأكمله، دون حصره في موقف للسيارات بالعاصمة».
وعن نجاح التحرك في إسقاط الحكومة، أكّد قماطي أنّ هذا العنوان لم يكن إلا لمضاعفة الضغط على السلطة «وصولاً إلى المشاركة السياسية والتوافق وكسر احتكار السلطة». وشدد قماطي على سلمية التحرك المقبل، «لكن بوتيرة أعلى من تلك التي كانت قائمة العام الماضي»، ولفت الى استهداف الخطوة المقبلة شلّ الإدارة بجميع مرافقها السياسية والإدارية، لينصح للموالاة بـ«توفير المرحلة الآتية على البلد، وليأتوا طوعاً إلى المشاركة بدل المجيء بالقوة». وأكد قماطي أنّ توقيت التحرك رهن بإعلان فشل المبادرة العربية، وأنّ «المعارضة مصرّة على إعطاء هذه المبادرة كل الوقت لإنجاحها».
وترى مصادر تيار المردة أنّ «القول إن التحرك ناجح مبالغ فيه، كما القول إنه فاشل لا يجوز»، في إشارة إلى وجود انتصارات وإخفاقات حصدت نتائجها المعارضة إثر تحركها في كانون الثاني من العام الماضي. وتؤكد هذه المصادر أنّ المعارضين برهنوا أنّ الشعب اللبناني يؤيّد مطالبهم، فيما فشلت المعارضة في الشكل الذي انتهى به تحركها. وأن «تولّي ميليشيات السلطة ضبط الأمن يظهر الموالاة كأنها الرابحة، لكن السلطة لم تمارس مسؤولياتها كحَكَم إنما لعبت دورها كفريق سياسي».
من الجهة الموالية، يصف عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا، التحرك بـ«السيّئ على المستوى السياسي، إذ لم يحقق نتيجة إلا زيادة الاحتقان وخاصةً في الشارع المسيحي»، كما يتحدث بتشاؤم عن وضع العلاقات السياسية المسيحية. ويضيف زهرا أن التحركات الشارعية لا مبرّر لها، و«لكن من الصعب إقناع المعارضة بهذا»، مؤكداً انعدام إمكان تحقيق أهداف سياسية من خلال الضغط في الشارع». ويقول إن أي تحرك يتوخى إرباك الوضع وإسقاط الحكومة «هو طعن للقانون والدستور»، مشدداً على ضرورة ملء الفراغ الرئاسي لتعتبر الحكومة حُكماً مستقيلة.
ولفت زهرا إلى أن الموالاة تترك لأجهزة الأمن مهمة الحفاظ على القانون في حال قيام أي تحرك للمعارضة «التي تتحمّل كامل المسؤوليات إذا حصل أي إخلال بالأمن لكونها هي من نزلت إلى الشارع».
أما عضو قوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، فيقول إنّ المعارضة «تجد صعوبة هذا العام في إخفاء هدفها الحقيقي من تحركاتها وهو تغيير طبيعة الدولة وشكلها وليس إدارتها»، من خلال إعادة صياغة علاقة لبنان بكل من إسرائيل وسوريا وإيران. ويعيد سعيد التأكيد على تولّي القوى الأمنية الوضع الأمني، فـ«سنترك كل الشاشات تبرز أنّ التحرك هو في مواجهة الجامعة العربية والمجتمع الدولي وليس 14 آذار».



سلاح وقنابل

عاد السلاح المدني إلى الظهور في الشوارع مع التحرك المعارض الأخير، فحصل تبادل للنيران في أمكنة عديدة، كما وصل الأمر إلى حد إلقاء قنابل يدوية. وسقط جراء هذه الاضطرابات أربعة قتلى هم: بلال الحايك، خالد أحمد خالد (طرابلس)، عبد الباسط مطر (توفي متأثراُ بجروحه يوم 4 شباط 2007) ورياض أبي خطار (شكا). والأخير، هو مناصر للقوات اللبنانية، ولم تكشف القوى الأمنية بعد تفاصيل مقتله.
وأدّت المشكلات المتنقلة إلى جرح أكثر من 300 مواطن، بين معارض وموال، ومنهم مارك حويّك الذي أدّت إصابته في جبيل إلى شلله. والمتهم بإطلاق النار على حويّك، بطرس فرام (أحد مرافقي النائب السابق فارس سعيد) اعتقل وأطلق بعد أيام.