149;موسى عائد وفيلتمان يحرّض على انتخاب رئيس جديد للجمهورية «الآن»فيما كان الموضوع اللبناني يكسر الجليد المصري ـ الإيراني، انشغل اللبنانيون، أمس، بنوعين من «الاشمئزاز»، واحد من الحديث عن أشلاء الجنود الإسرائيليين، وآخر من «طريقة» التعبير الاحتجاجي على الغلاء وانقطاع الكهرباء

تأرجح الوضع، أمس، بين ملمحين: انفراج مصدره خارجي، وانفجار تغذيه السجالات في أي شيء وكل شيء. وفي الأول سُجل إعلان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أنه سيعود الى لبنان عقب اجتماع وزراء الخارجية العرب الأحد المقبل، لمواصلة مشاوراته لإيجاد حل للأزمة، رغم إصراره على أن تفسيره لبند الحكومة في المبادرة العربية «واضح».
وفي خطوة هي الأولى من نوعها، اتصل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بنظيره المصري حسني مبارك، وتناولا «تطورات الأوضاع على الساحتين اللبنانية والفلسطينية».
كما كان موضوع لبنان، ضمن مباحثات نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف، مع المسؤولين السوريين. وقال إن المبادرة العربية «تعطي فرصة للبنانيين ليرتبوا بيتهم بأنفسهم، وينتخبوا رئيساً جديداً لبلادهم». وشدّد نظيره السوري فيصل المقداد على ضرورة أن يحل اللبنانيون مشاكلهم في ما بينهم، وقال إن بلاده مع عدم تمكين أي فريق من «الاستئثار بالسلطة» أو من «التعطيل».

السنيورة يتّصل ببان وصلوخ بموسى

وفي موقف تحريضي، قال السفير الأميركي جيفري فيلتمان، إثر زيارته رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «إن كل الظروف مؤاتية» لانتخاب رئيس جديد «الآن»، وذلك بعد قوله: «أعلم أن الجلسة النيابية المخصصة لذلك تأجلت إلى 11 شباط المقبل»، وأضاف إنه لا يفهم لماذا لم ينتخب قائد الجيش «حتى الآن، لا يبدو أن هناك أي شيء يقف في طريق انتخابه بحسب الأصول الدستورية الآن». وكان السنيورة قد اتصل بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأطلعه على الأوضاع، كما أبلغه استنكاره لما يجري في غزة.
وناقش الوزير المستقيل فوزي صلوخ، في اتصال مع موسى «أهمية استكمال المبادرة العربية». كما أبلغه تأييد لبنان لـ«أي موقف عربي من شأنه الضغط على اسرائيل لوقف مجازرها في حق الفلسطينيين». كما التقى صلوخ القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران.
وفي المواقف، جدّد البطريرك الماروني نصر الله صفير، انتقاده لـ«مزاجية بعض الوزراء في ممارسة مهماتهم، وإقفال المجلس النيابي واستهداف البعثات الدبلوماسية والقوات الدولية ومؤسسة الجيش اللبناني».
وبعد جولة وداعية، شملت السنيورة وصفير والوزير مروان حمادة ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، قال الممثل الشخصي لبان، غير بيدرسون، إن صدور قرار جديد عن مجلس الأمن بشأن لبنان «يتوقف على أعضاء المجلس، ولا شيء حتى الساعة».

استنكار عارم للمواقف من حديث نصر الله

وأمس، قوبلت المواقف من حديث الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله عن أشلاء لجنود إسرائيليين، بردود فعل عنيفة، فقال رئيس الحزب القومي علي قانصو بعد زيارته ووفداً من الحزب لرئيس مجلس النواب، إن الإسرائيليين «لم يبدوا اشمئزازاً كما أبداه جعجع والجميل».
وفيما انتقد النائب محمد رعد «اشمئزاز حلفاء أولمرت في لبنان، من وجود أشلاء لجنود صهاينة لدى حزب الله»، قال: «غداً سيذهب أولمرت وبعد غد سيلحقه فؤاد السنيورة». وهاجم النائب نوار الساحلي الجميل وجعجع والنائب وليد جنبلاط بالقول: «كان أوّلهم يحن إلى 17 أيار ويتذكر تعزيته في باريس بالمجرم رابين، ويشمئز. وثانيهم يحن إلى المجازر من الشمال والصفرا وصربا وقتل رئيس حكومة لبنان الأسبق، مروراً بصبرا وشاتيلا، ويشمئز. أما ثالثهم (...) فقد حنّ إلى مجازره في الجبل وأجراس الكنائس وحرقه العلم اللبناني، ويشمئز».
ودعا رئيس حركة الشعب نجاح واكيم «أركان فريق 14 شباط، وقبل أن تزول «النوبة الإنسانية» عنهم، الى أن يخبرونا عن أشلاء اللبنانيين الذين قطعوا أجسادهم على حواجزهم إبان الحرب الأهلية»، عازياً هذه «الحملة» الى أن «الإشارة الأميركية» جاءت بالاستعداد للانتخاب بالنصف زائداً واحداً. ورأى أن مواقف الجميل هي لـ«تقديم أوراق ترشيحه الى السيد الأميركي» للرئاسة.
واستغرب النائب السابق عدنان عرقجي صدور هذه المواقف «عن أناس امتهنوا القتل وبرعوا في تقطيع الناس الى أشلاء». وسأل أمين سر شبيبة جورج حاوي رافي مادايان أن «حزب الله» أرسل صور الأشلاء الى المواقع الالكترونية لحكومة العدو، ولم ينشرها في لبنان لأسباب إنسانية وأخلاقية، سأل: «لماذا انزعج بعض السياسيين عندنا من ذلك؟». كما استنكر هذه المواقف عدد من الأحزاب والشخصيات والتجمعات.

...وهجوم معاكس على تحرّكات الشارع

وفي المقابل، تركزت مواقف الموالاة على انتقاد احتجاجات مساء الاثنين، والتحذير من تصاعدها. فقد أعرب الوزير غازي العريضي، أمام وفد من نقابة المحررين برئاسة ملحم كرم، عن خشيته مما يجري على السلم الأهلي، سائلاً: «هل الغلاء محصور في شارع في بيروت وليس في شارع آخر؟ هل أولاد الجنوب يشعرون بالبرد وأولاد الجبل لا يشعرون بذلك أو العكس؟ هل الأزمة العالمية التي تهدد دولاً غنية أكثر بكثير من لبنان وغير غارقة في الديون، مفتعلة بقرار لمؤامرة كبيرة من مركز ما لاستهداف فريق معين وإلحاق الظلم به ليبرد ويجوع؟».
ورأى الوزير أحمد فتفت أن ما حصل «عملية منظمة بدقة من حزب الله»، ملوّحاً بأن «الناس قد يتحركون من دون أي دعوات من 14 آذار كما حصل في أحداث الجامعة العربية (...) وبالتالي نحن نعرف أن كل واحد سيدافع عن بيته وأرضه وعرضه».
كذلك اتهم النائب عمار الحوري المعارضة بالوقوف وراء التحرك لـ«تذكرنا مجدداً بقدراتها التخريبية والتعطيلية في الشارع». ووضع النائب مصطفى علوش ما حصل «في إطار جس نبض القوى الأمنية وردة فعل الجيش، ربما لإرهاقهما بشكل أساسي عبر تحركات متنقلة من مكان إلى آخر، أو لدرس سبل القيام بالتحرك الرئيسي». وهدّد النائب أنطوان زهرا بأنه «إذا تحول التحرك الى محاولة إظهار قوة شعبية من خلال تجمعات كبيرة أو تظاهرات، فسترد قوى الغالبية بالشكل المناسب».

سجالات حول المبادرة وكواليس اجتماع القاهرة

وفي المواقف من المبادرة العربية، قال مسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر جبران باسيل، بعد لقائه الرئيس عمر كرامي، إن المطالبة بالمشاركة لا تعني سعياً الى تغيير النظام، بل تعبر عن «احترام لصيغة التوافق القائم عليها اتفاق الطائف». وأعلن التعاطي بإيجابية مع المبادرة «إذا استطاعت أن تقدم الينا حقوقنا».
ورأى رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، بعد زيارته الرئيس سليم الحص والشيخ عبد الأمير قبلان، أن موسى «لم يحمل تفسيراً محايداً للمبادرة، بل تفسيراً يعبر عن رأي بعض الدول المنحازة الى فريق ضد فريق».
ورداً على قول جعجع إن المعارضة اتفقت مع الموالاة على انتخاب رئيس توافقي مقابل عدم المطالبة بالحكومة أو بأي أمر آخر، واستناده الى مبادرة بري في بعلبك، قال النائب حسين الحاج حسن «عجيب أمر هذا الرجل، فإما أنه لا يجيد قراءة أو أنه يقرأ الجزء الذي يهمه».
وحول ما جرى في الاجتماع الوزاري في القاهرة، نفى الوزير طارق متري اتهام النائب علي حسن خليل له بالاعتراض على البيان الختامي. فرد خليل «معترفاً» له: «لم تكن من يجري الاتصالات في القاهرة ويعترض لتغيير بيان الجامعة، بل إن قائمقام صاحب الأمر السيد محمد شطح هو من كان يديرها. خطئي أنني اعتقدت أنه ينسق معك باعتبارك الوزير المكلف، فتبين العكس». ورداً على الرد، ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، أن متري وشطح اجتمعا إلى الوزراء «لفترة قصيرة قبل الجلسة الرسمية، واطّلعا منهم على نص البيان المقترح واستمعا إلى تفسير له هو ذاته الذي قدمه (موسى) مراراً في بيروت».

14 آذار تهدّد بالرد على الشارع بالشارع

وأبدت قوى 14 آذار في بيان لها بعد اجتماع عقد ليل أمس أسفها لما آلت إليه المبادرة العربيّة والحملة التي تعرّضت لها مساعي الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وتعطيل أي جهد يرمي إلى انتخاب قائد الجيش. وقرّرت مواكبة التحرّكات العربيّة وإعداد مذكّرة مفصّلة ستُرفع لاجتماع مجلس الجامعة العربيّة في 27 من هذا الشهر.
وتوقّف المجتمعون عند حملات التأجيج والتحريض والتخوين التي «ملأت الشاشات بمواقف سوداء». ورفضوا «النهج التخريبي المنهجي للمؤسسات والاقتصاد الوطني تحت عناوين معيشية ونقابية»، وأكّدت مواجهته بكل الوسائل السياسية والقانونية والشعبيّة. كما أكّدت على مرجعيّة بكركي والبطريرك صفير الوطنيّة والأخلاقيّة والاستقلاليّة.