أنطون الخوري حرب
تتوالى النصائح السياسية لقائد الجيش العماد ميشال سليمان على خلفية تصاعد وتيرة التعقيد الذي يواجه مشروع ملء الفراغ الرئاسي. وتؤكد مصادر بطريركية أن شيئاً ما يجب أن يصدر عنه ليكون باكورة حلول الأزمات. ففي بكركي هذه الأيام هموم موزعة على مسائل جوهرية عديدة يمكن اختصارها بواحدة تنقسم شقين أساسيين: الوضع المسيحي في ضوء الفراغ الرئاسي، والانقسام الحاد والخطير بين مسيحيي المعارضة والسلطة.
يرى أحد الأساقفة أن حدة الانقسام المسيحي زادها التوتر بين سيد بكركي ومسيحيي المعارضة، والذي يمثّل مادة للاستغلال السياسي عند مسيحيي الأكثرية. فالمشهد السياسي على الصعيد المسيحي يلقي المسؤولية على السياسيين الموارنة قبل غيرهم، ولا يستثني الدور التحريضي الذي يضطلع به الفريق المسلم في تجمع الأكثرية، والذي لا يترك إدارة الشأن الرئاسي للموارنة لكي يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية حيال خطر استمرار الفراغ الرئاسي. أما السياسيون المسيحيون، فقد فشلوا في موازنة ضرورة الانتهاء من الفراغ مع متطلبات حل الأزمة الحكومية، حيث إن استمرار تلازم الأزمتين بات يوجب حلاً متكاملاً من أجل الانطلاق بمسيرة جديدة مستقرة سياسياً واقتصادياً وأمنياً.
لكن ما لم يقاربه الأسقف، الذي يرفض ذكر اسمه، هو رد فعل البطريرك نصر الله صفير بالرد على منتقديه، حيث إنه ينزلق إلى السجالات السياسية ويصبح طرفاً من أطراف النزاع، فيما دور بكركي الوطني يتطلب أعلى نسبة من التعالي والتجرد. كما يطرح الأسقف الماروني التساؤلات الآتية:
ـــ لماذا رد البطريرك على كلام الوزير السابق سليمان فرنجية بالتذكير بواقعة التظاهرة العونية إلى بكركي في عام 1989، واليوم بالذات، بعدما كان قد أحجم عن الكلام فيها طيلة 18 سنة؟. وهل نسي البطريرك أن الذين أساؤوا إليه حينها هما شخصان معروفان من عائلتي ليشا والمعلوف وكانا من جهاز أمن القوات اللبنانية، والبطريرك يملك شريط فيديو أرسله إليه العماد عون يظهر الشخصين المذكورين بوضوح؟.
ـــ إن استهجان أي كلام مسيء إلى البطريرك الماروني أمر طبيعي، وأيضاً قدوم وفود من مسيحيي 14 آذار للتعبير عن هذا الاستهجان. لكن على البطريرك أن لا ينسى أن قادة هؤلاء كانوا أول المتنكرين لموقف البطريرك والمطارنة الموارنة من «قانون انتخابات غازي كنعان» في دورة 2005. ورغم ذلك تصالح البطريرك مع لقاء قرنة شهوان وأعطى أركانه صك براءة في آخر اجتماع سبق انفراط عقد اللقاء المذكور، ولم يستغل العماد عون ذلك لتجييش وفود داعمة للبطريركية في عز حملة التيار الانتخابية، كما أنه لم يوجه اللوم إلى البطريرك بسبب تبرئته لقاء القرنة حينذاك.
ـــ هل يقارن البطريرك بين مطالبة العماد له بتوضيح موقفه أو حسمه بكلام فرنجية الأخير عنه؟
وترى هذه الأوساط أن خروج فرنجية عن صمته أصبح أيضاً واجباً وطنياً أمام خطر استمرار الفراغ الذي سيطيح المؤسسات الدستورية والدولة وربما الكيان. وتبقى مخاوف رجال الدين الموارنة من تداعيات المرحلة الحالية محقة وجدية، ولكن دون أن يفقدوا الأمل بالحل الذي بات على قائد الجيش أن يوضح ملامحه... على الأقل.