149; ساترفيلد يحمّل سوريا مسؤوليّة الأزمة ومبارك «يعلّق» مصير قمّة دمشق
ماذا سيحصل اليوم؟ هو السؤال الوحيد الذي يترقبه اللبنانيون بقلق من حصول أي تطور سلبي وأمل في أن يمر على خير، فيما كان مسؤولوهم يتسابقون على توقع فشل الحل العربي، ويجتهدون في البحث عن عبارات القلق والتشاؤم

قبل ثلاثة أيام من اجتماع وزراء الخارجية العرب، واتجاه الأنظار إلى القاهرة لمعرفة ما سيقرره مطلقو المبادرة العربية، تصاعدت المواقف الغربية والعربية من الأزمة اللبنانية، مطلقة أكثر من رسالة، بعضها اعتمد التسمية، ولجأ الآخر إلى الدبلوماسية والتحذير.
ففيما بدأ نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر سلطانوف، زيارة لبيروت بلقاء مع الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري، دون الإدلاء بأي تصريح، كان الوزير سيرغي لافروف، يعلن في موسكو وقوف بلاده ضد معرقلي التسوية، دون أن يسميهم، معولاً على نجاح جهود الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وآملاً أن يتيح تأجيل انتخاب رئيس جديد «متسعاً من الوقت لتحقيق هذا النجاح».
لكن مستشار وزيرة الخارجية الأميركية، ومنسق الشؤون العراقية ديفيد ساترفيلد، وفي موقف ممتعض من عدم تعاونها «حول العراق ولبنان والقضية الفلسطينية أو بخصوص علاقتها مع إيران وحزب الله»، سمّى سوريا وحمّلها مسؤولية الأزمة و«عرقلة انتخاب رئيس جديد من أجل الترويج لمتطلباتها في هذا البلد، سعياً وراء استعادة هيمنتها عليه». وقال: «هذا السلوك مرفوض منّا وغير مقبول من الأكثرية الديموقراطية في لبنان نفسه، ويتعين أن يكون مرفوضاً أيضاً من المنطقة والمجتمع الدولي»، داعياً إلى محاسبتها على «منع اللبنانيين من تقرير مستقبلهم بأنفسهم».

دعوات عربيّة للتمسّك بالمبادرة وتشاؤم لبناني

وإذا كان بري قد اكتفى بالاتصال بموسى واتفق معه حسبما علمت «الأخبار» على متابعة الحوار بين الموالاة والمعارضة واستمراره في إطار المبادرة العربية، فإن السنيورة فاجأ المراقبين بالتوجه ليلاً إلى مصر، في زيارة تستمر يومين يلتقي خلالها الرئيس حسني مبارك وعدداً من المسؤولين. ورأى في تصريح له في مطار القاهرة، أن انتخاب رئيس جديد «يُعَدّ الأولوية الأساس»، وقال إنه على ضوء اجتماع الوزراء العرب الأحد المقبل «يمكن تصور الخطوات التالية التي يمكن الأمين العام (موسى) أن يقوم بها».
وكان مبارك قد قال في تصريحات أمس إن المبادرة العربية كانت «أفضل» المبادرات المطروحة، ووصفها بأنها «مبادرة عادلة». لكنه رأى «أن الصراع في لبنان تحول إلى صراعات شخصية، ما قد يؤدي إلى ضياع الشعب اللبناني». ودعا رداً على سؤال عن تأثير الأزمة في لبنان على القمة العربية المقبلة في دمشق، إلى الانتظار «لنرى كيف سيتبلور الموقف».
كذلك رأى ملك الأردن عبد الله الثاني، أن المبادرة العربية «فرصة ثمينة ومهمة»، داعياً اللبنانيين إلى «التمسك بها وعدم تفويتها لتجنيب لبنان تداعيات خطيرة ستمس أمن المنطقة برمتها»، وقال إن «استقرار لبنان وسيادته خط أحمر».
أما في لبنان، فعكست معظم المواقف عدم ترقب الكثير من اجتماع القاهرة، فجزم رئيس حزب الكتائب المستقيل كريم بقرادوني، بعد لقائه بري، بأن «المبادرة العربية متعثرة جداً»، متخوفاً من استمرار الأزمة «إلى أجل غير مسمى». كما استبعد النائب نعمة الله أبي نصر، وصول الاجتماع إلى نتيجة إيجابية «إذا لم يرافق ذلك نية لبنانية». وقال النائب آغوب بقرادونيان إن المبادرة العربية «انطلقت بالفشل»، ورأى أن «أي مبادرة للتحكيم أو حل المشاكل يجب أن تنطلق من موقف محايد». وأمل النائب أيوب حميد أن يأخذ العرب في الاعتبار أن «الإقلاع عن نزعة الغلبة ومنطق السطو السياسي هو المدخل الحقيقي لنجاح أي مسعى لحل الأزمةوبعد لقائه السفيرين الألماني هانس هابر والمصري أحمد البيديوي، أصرّ النائب ميشال المر على التمايز عن تكتل التغيير والإصلاح، بتأكيد تأييده للمبادرة العربية ببنودها الثلاثة، ووصفه مجلس النواب بأنه «شبه مشلول»، إضافة إلى تحميله مسؤولية عدم انتخاب رئيس جديد للفريق الذي «لا يحضر» الجلسات. ورفض باسم المتنيين المشاركة في تحركات المعارضة، قائلاً: «لا أحد يطلب منا النزول إلى الشارع بدون سبب».

اتّهامات للمعارضة باستغلال النقابات

وفي المقابل، التقى الوزير مروان حمادة السفير الأميركي جيفري فيلتمان فسفيرة بريطانيا فرنسيس ماري غاي ثم وفداً من «الجماعة الإسلامية»، وأعلن أن ذلك «بداية تحرك شامل لقوى 14 آذار في كل الاتجاهات وكل الساحات»، تهيئة لإحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري «وتأكيداً لوجوب فرض انتخاب الرئيس التوافقي للجمهورية». وقال على الصعيد الأول: «سنرفع الصوت لدى الجامعة العربية تهيئة لاجتماع يوم الأحد، وفي كل المحافل الصديقة»، وعلى الصعيد الثاني: «ساحة لبنان المستقل والديموقراطي لن تُترك لأحد»، محذراً من أنه «ليس في لبنان شارع في اتجاه واحد». فيما اتهم النائب أكرم شهيب «النظام السوري ومعارضته في لبنان» بأنهما «أفشلا المبادرة العربية»، مشيراً إلى أن «تفسير المبادرة هو الاسم الحركي لرفضها من أساسها»، وقال: «المعركة اليوم هي معركة كل العرب والنظام السوري».
ورأت الأمانة العامة لقوى 14 آذار، أن الإضراب المطلبي اليوم هو تحضير للضغط على اجتماع القاهرة، واتهمت من سمتها «القوى التابعة للمحور السوري ـ الإيراني» بـ«إطلاق حملة تهويل إعلامية ـ سياسية مركزة»، داعية «فوراً، إلى وقف الاستغلال الرخيص للمطالب الاجتماعية من قوى تستند إلى موارد مالية خاصة، فيما غالبية اللبنانيين ينتظرون بصبر قيام الدولة حتى تستقيم أوضاعهم».

خطاب نصر الله: ردود وردود مضادة

على صعيد خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ونتائجه والمواقف منه، رأى نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، أن هدف الخطاب في إيصال مجموعة من الرسائل «قد تحقق بالكامل في الكيان الإسرائيلي»، و«نتوقع أن تزداد النتائج أكثر فأكثر، وهذا يثبت مجدداً أننا في الموقع القوي والمؤثر، حتى في مجريات السياسة الإسرائيلية». وحذّر الإسرائيليين من المسّ بنصر الله، قائلاً إن ذلك «ستكون له عواقب غير محسوبة وغير خاضعة للضوابط التي يفكرون بها».
وعن المواقف الداخلية من الخطاب، قال: «جاء الهلع اللبناني المنسجم مع الهلع الإسرائيلي سريعاً جداً، بل التعابير التي استخدمها الإسرائيلي عن الاشمئزاز هي نفسها التي استخدمها بعض جماعة 14 شباط، وهذا التماهي أراد الأميركي منه أن يخفف الوطأة عن الإسرائيليين، لكن في الحقيقة قد أصاب مقتلاً في جماعة 14 شباط، لأنهم انفضحوا أمام الرأي العام اللبناني».
ودعا بيان مشترك للمؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي ـ الإسلامي والمؤتمر العام للأحزاب العربية، الحكومات العربية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، إلى استنكار التهديدات الإسرائيلية باغتيال نصر الله.
وأمس، تواصلت الردود على «المشمئزين» من حديث نصر الله، واتسعت لتطال كتلة «المستقبل» ورئيسها، إذ انتقد النائب حسين الحاج حسن موقف النائب مصطفى علوش، قائلاً إنه «لم يكتف بالإسفاف، بل تجاوز ذلك إلى فضح مكنونات صدره ممثلاً رئيسه السيد سعد الحريري من حقد على المقاومة، بل فضح غضبهم وأسفهم من جراء انتصار المقاومة على العدو الصهيوني»، وخاطب الحريري بالقول: «تستطيع أن تتكلم مباشرة بما تريد بدل أن تختبئ وراءهم». بينما اتهم النائب حسن فضل الله الرئيس أمين الجميل بإصدار بيان مذيَّل باسم مكتب الإعلام في إقليم المتن الكتائبي، يدعوه إلى الكف عن «الفجور والعهر والتحريض والتهديد».
ولم ير لقاء أحزاب المعارضة، تصريحات الجميل وجعجع «غريبة عن أمراء الحرب الذين سببوا خراب لبنان وتهجير أهله وهجرة أبنائه منذ الاستقلال إلى اليوم»، وعن «أصحاب مشاريع الفدرلة والتقسيم والقتل والتهجير»، مشيراً إلى أنها «تصب في خانة الرغبة الواضحة والصريحة في تدويل المسألة اللبنانية».
من جهة ثانية، رداً على قول النائب محمد رعد أول من أمس: «غداً يذهب أولمرت وبعد غد يلحقه فؤاد السنيورة إلى مأواه ومرعاه في البيت الابيض»، رأى المكتب الإعلامي في رئاسة الحكومة «أن الاستمرار في إطلاق الشتائم والسباب والإهانات للآخرين، يُسهم يوماً بعد يوم في زيادة الشقاق والتباعد بين الإخوة في الوطن الواحد والتشجيع على الكراهية».