strong>هاني نعيم
في 1 شباط 2008 يمكن كل علماني أن يزور «بيته» الجديد في شارع المكحول في الحمراء، حيث يستطيع الزائر أن يخرج من طائفته ويبدأ البحث عن «الوطن» داخل وطنه، يحضنه ويرعاه.
تعود فكرة «البيت العلماني» إلى الراحل فوزي أبي خليل، وهو من المغتربين اللبنانيين العلمانيين، حيث كوّن مع أصدقائه من علمانيّين لبنانيّين وبلجيكيين في بلجيكا مجموعة تعمل «من أجل لبنان علماني-APLL»، وتطمح إلى إنشاء مؤسسات علمانية في حقول الإعلام والتربية، لكنّ حادث سير مؤسفاً أودى بحياته قبل عامين ونصف عام، وبقي من «المشروع الأكبر» إقامة البيت العلماني وتمويله في المرحلة الأولى (إيجار لمدة عام) على أن يقوم البيت في السنة التالية بإنشاء مشاريع ماليّة تؤمّن استمراريته.
ويوضح المنسق المؤقت للبيت نصري الصايغ «أن البيت العلماني هو فسحة لقاء العلمانيين وكلّ شخص غير طائفي يريد ممارسة لا طائفيّته. لنا فلسفتنا الخاصة في هذا البيت، فهو ليس واجهة لأيّ حزب أو تنظيم أو توجّه سياسي، ونحن نستقبلّ كلّ العلمانيّين الذين يريدون العلمانية الشاملة أو الجزئية...»، بمعنى آخر «البيت يستقبل كلّ علماني بغضّ النظر عن توجّهه الفكري والسياسي، شرط أن يمارس علمانيّته داخل البيت، والهدف: أن يكون للعلمانيين صوت».
يقع البيت العلماني في شارع المكحول في منطقة الحمراء، ولاختيار الموقع خصوصيّته. يشرح الصايغ: «شارع المكحول هو أكثر شارع في الحمراء وبيروت لا يزال محافظاً على تنوّعه الاجتماعي منذ ما قبل الحرب الأهليّة التي فرزت المناطق والأحياء طائفيّاً ومذهبيّاً».
ويقول المدير التنفيذي للبيت انجلو بعيني إنه «كان خربة وغير مؤهّل لأيّ شيء، قمنا منذ نحو ستة أشهر بتجهيز البيت بالبنية التحتيّة والضروريّة ليصبح جاهزاً لإقامة مختلف النشاطات التي نحضّر لها».
يحتضن البيت العلماني مكتبة عامّة للكتب العلمانيّة سيطلق عليها اسم «مكتبة فوزي أبي خليل»، وقد أسهمت دور نشر لبنانية كثيرة برفد المكتبة بما لديها من كتب ومنشورات بمختلف اللغات الحيّة وتأمين التواصل عبر الإنترنت بالمواقع الفكرية والثقافيّة. كما أنّ جدران البيت مجهّزة لاستقبال معارض تشكيليّة لفنّانين لبنانيين وعرب «مع إمكان مستقبليّ لفتح الأبواب أمام إنتاج المصوّرين الفوتوغرافيين، وسيكون هناك نادي سينما خاص يعرض أفلام المخرجين اللبنانيين والعرب، وطلاب المعاهد البصريّة». يقول بعيني، ويضيف: «هناك قاعة كبيرة خاصّة بالندوات والمؤتمرات الثقافيّة والفكريّة، ولحلقات الفكر، ومن أهدافنا المستقبليّة، أن يكون البيت مقرّاً للمؤتمرات العلمانيّة ونشاطات مختلف الجمعيات والهيئات العلمانية التي لا مركز لها للاجتماع وإقامة نشاطاتها فيه». وهناك فسحة خضراء للتأمّل «في الصيف، ستكون هناك طاولات صغيرة للزائرين، وخصوصاً أننا نفتقد الأخضر في بيئتنا».
أمّا البيانو المتربّع في إحدى الزوايا، فهو «فسحة لممارسة كل النشاطات التي تمارسها وكأنك في بيتك، إضافةً إلى صالون صغير لمن يريد النقاش الهادئ بعيداً عن حركة البيت».
وللبيت مشروعه الدائم الذي سيعمل على تحقيقه، وهو شطب الإشارة إلى الطائفة في سجّل النفوس. «المشروع القديم ـــــ الجديد يقوم على إرسال كل مواطن طلباً خاصاً به الى دائرة النفوس المسجّل فيها يطلب فيه شطب الإشارة إلى الطائفة، وسيؤمّن البيت الأوراق والطلبات اللازمة لهذه الخطوة، ويعيد إحياء المشروع عبر الضغط الإعلامي والاجتماعي».
بدأ التحضير لهذا الافتتاح قبل شهر من جانب طلاب وطالبات جامعيين يدرسون في مختلف الاختصاصات، إضافةً الى ناشطين مدنيين وموسيقيّين ورسّامين وكتّاب وصحافيين وأساتذة جامعات.
الدعوة إلى الافتتاح مذيّلة باسم «نصري الصايغ ـــــ منسّق مؤقّت»، لذا يحضر السؤال: لماذا مؤقّت؟ يجيب الصايغ باقتضاب «لقد أشرفت على المشروع في هذه المرحلة التأسيسية، ولكن في ما بعد سيكون هناك انتساب للبيت وسيصار لانتخاب هيئة إداريّة تدير نشاطاته كأي جمعيّة أخرى»، وخصوصاً أن البيت حصل على رخصة علم وخبر من وزارة الداخلية منذ نحو شهرين.
«لا يتضمّن برنامج الافتتاح خطابات مثلما جرت العادة في افتتاح أيّ مركز. ستكون هناك مقطوعات موسيقيّة يؤديها عدد من الموسيقيين، ومعرض لفنانين تشكيليين»، بحيث تأتي الموسيقى واللوحات بمثابة تحيّة من هؤلاء للبيت، كي لا نشعر بأننا وحدنا، يقول الصايغ. وستعرض على شاشة كبيرة تحيّات من كتّاب وإعلاميين وشعراء وفنانين وناشطين في مختلف الميادين الحياتية.
تجدر الإشارة إلى أنّ عدداً من السياسيين استُثنوا من توجيه الدعوة إليهم لكتابة تحية للبيت أو حتى لحضور الافتتاح «إذا قرّرنا تهديم البيت فذلك يتمّ بإدخال السياسة إليه» يوضح، وعن التوقعات بالنسبة إلى الاستمرارية، يقول إن «التفاؤل بحجم العمل، هناك شباب وصبايا لديهم الحماسة والبيت يحتضن مواهبهم وإبداعاتهم وسيدعمها، فالبيت يستمرّ بشبابه وصباياه».