نعمت بدر الدين
هل أهدر اللبنانيون الفرصة الأخيرة التي منحهم إياها المجتمع العربي؟ وما هو مصير المبادرة العربية بعد انتهاء الوقت الذي أُعطي لها؟ وما نوع الضمانات الجديدة التي تقدم إلى الحكم المتهم بالانحياز؟ وهل يقرر المعنيون إعطاء الأزمة اللبنانية وقتاً إضافياً جديداً للخروج بحلول توافقية؟
أسئلة تنتظر (شكلياً) الاجتماع العربي غداً الأحد للإجابة عنها، لكن الإجابة الحقيقية هي في التوافق العربي أولاً، والمسؤولية اللبنانية ثانياً، وخصوصاً في ظل اتجاه الأوضاع إلى الأسوأ سياسياً وأمنياً، بحسب تقديرات اللاعبين المحليين والإقليميين، وضياع الفرصة الأخيرة يتحمل مسؤوليته اللبنانيون المسؤولون عن نقل الوقائع إلى الخارج وفقاً لمصالحهم، والخارج المسؤول عن تحريك الداخل وفقاً لمصالحه.
وفي هذا السياق نقل زوار عن مصادر رفيعة في السفارة المصرية، أن القاهرة أعلنت قبل الاجتماع الوزاري العربي أن «المبادرة العربية هي أقصى ما يمكن أن يقدمه العرب للبنانيين» وأن الوزراء العرب لن يتراجعوا عن خطتهم للحل وسيرفدونها بعدد من الخطوات أبرزها: عدم إعلان فشل المبادرة خلال الاجتماع العربي المقبل، وسيبذلون أقصى الجهود لإعادة إبراز المبادرة على أساس أنها «حل وسط لطرفي النزاع»، إضافة إلى مناقشة اقتراح عقد قمة عربية طارئة. وتساءلت: «أما آن الأوان لأن يتحمل اللبنانيون المسؤولية أيضاً، وهم يدفعون وحدهم الضرائب بسبب تدهور الوضع الأمني؟». وأكدت أن الاقتراح السعودي بعقد قمة عربية طارئة في القاهرة سيناقش في الاجتماع العربي غداً، متسائلة عن الجديد الذي ستحمله القمة العربية إن لم تقرر كل من السعودية وسوريا التعامل بجدية ومسؤولية قومية مع خلافاتهما، لافتة إلى أن مصر تبذل جهدها منذ فترة طويلة لعقد لقاءات بين المسؤولين السوريين والسعوديين تخفيفاً للاحتقان بين البلدين.
وعن المشاركة اللبنانية في اجتماع الغد الذي يغيب عنه وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ، قالت مصادر دبلوماسية لبنانية إن السفارة اللبنانية في القاهرة تنتظر وصول الوفد اللبناني اليوم، الذي يترأسه وزير الخارجية بالوكالة، طارق متري، والأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين، بسام النعماني، والسفير محمد الحجار، والدبلوماسي إبراهيم عساف، وسفير لبنان لدى القاهرة، خالد زيادة، وأوضحت أن الوفد المرسل من الوزارة هو وفد دبلوماسي تقني، مشيرة إلى أن الدعوة التي تلقتها، تشير إلى أن جدول أعمال الاجتماع التقويمي يتضمن بندين: هما الوضع الفلسطيني، وتداعيات الأزمة اللبنانية في ضوء التقرير الذي أعده الأمين العام عمرو موسى، المعروف مضمونه، وهو يشبه مضمون ما توصل إليه الفرنسيون سابقاً.
وعن مناقشة أسباب فشل المبادرة العربية داخلياً وخارجياً، نقلت مصادر لبنانية عن دوائر عربية رفيعة المستوى قولها إن مصير المبادرة العربية يرتبط بالمصالح الأميركية في المنطقة، مذكرة بجولة الرئيس الأميركي جورج بوش الأخيرة التي كرر فيها تأكيد دعمه لحكومة الرئيس السنيورة على اعتبار أنها «الممثل الشرعي». وأضافت أن نجاح المبادرة العربية والاتفاق على بنودها، بما فيها صيغة الحكومة الجديدة، يتضارب مع مصالح الرئيس بوش الذي يحتاج الآن إلى انتصار في المنطقة، وهو انتصار مرتبط بكل من رئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس السنيورة. وقالت إن بوش يخشى سقوط أولمرت بسبب نتائج تقرير فينوغراد، وهو في هذه الحال سيتمسك بالسنيورة أكثر من أي وقت آخر مضى، وإذا نجا أولمرت، فسيكون التخلي عن السنيورة من الأمور الممكنة، ومثله نجاح المبادرة العربية.