strong>وسط حزن وغضب عارمين شيّعت مدينة طرابلس وبلدة ديرعمار الشمالية الرائد الشهيد وسام عيد والمعاون الشهيد أسامة مرعب، فيما تتواصل التحقيقات في التفجير الذي أدى إلى استشهادهما مع ثلاثة من المواطنين الذين صودف مرورهم في المكان


كان المشهد مهيباً أول من أمس في بلدة دير عمار، مسقط رأس الرائد الشهيد وسام عيد. فالحشد البشري غير المسبوق في تاريخ البلدة ملأ المكان، بانتظار موكب التشييع الذي تأخر، نتيجة الحشد الذي كان بانتظاره على الطريق الدولية في بلدة البدّاوي المجاورة، حيث أصرّ الأهالي هناك على إنزاله من سيّارة الإسعاف والسير به مشياً على الأقدام مسافة تزيد على كيلومتر، وصولاً إلى مدخل دير عمار، وسط إطلاق كثيف للنّار في الهواء.
وما إنْ أطل موكب الجثمان، حتى انطلقت الحناجر بترداد الهتافات وصيحات التكبير والتهليل، وإطلاق النّار والمفرقعات النارية بغزارة في الهواء: «اليوم هو عرس وسام، أهله كانوا يأملون زواجه قريباً من خطيبته، فأردنا أن نحوّل المأتم إلى فرح»، يقول أحد أبناء البلدة، قبل أن تضيف قريبة منه قائلة: «الله ينتقم من المجرمين والقتلة، الذين نريد من الدولة أن تقبض عليهم».
اختنقت الخيمة التي نُصِبَت في ساحة البلدة بالحشود بعد وضع النعش تحتها. ألقيت في المكان كلمات لكلّ من رئيس بلدية دير عمار أحمد عيد باسم العائلة، ومفتي عكار الشيخ أسامة الرفاعي الذي ألهب الحضور كعادته بخطابه الحماسي، الذي شنّ فيه هجوماً لاذعاً على «المختبئين خلف الستائر، الخائفين على مصائرهم»، متوجهاً إليهم قائلا: «قبّح الله أعمالكم. وإن كنتم تخافون المحكمة الدولية فنقول لكم إنّها آتية، وإن ساعة الحقيقة قد دنت، وإنّ العدالة ستقتصّ منكم مهما طال الزمن».
وبعدما أمّ مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار المصلين في صلاة الجنازة، نقل الجثمان إلى منزل العائلة لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، قبل أن يوارى في الثرى في مدافن العائلة.
وفي طرابلس، اتشحت المدينة بالسواد وبكّر آلاف الأشخاص إلى ساحة النور وسط المدينة لوداع الشهيدين، الرائد وسام عيد ومرافقه المعاون أسامة مرعب. ساحة النور امتلأت بالأعلام اللبنانية وصور الشهيدين ولافتات نددت بالجريمة، وسط إقفال تام في المدينة، وخاصة على الشارع العام، وإجراءات أمنية مشددة اتخذتها وحدات من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. وتقدمت الفرق الصوفية موكب التشييع الذي بدأ بعد صلاة الظهر في جامع طينال في طرابلس بحضور سياسي وشعبي وأمني كبير تقدّمه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ومثل محافظ الشمال ناصيف قالوش رئيس الحكومة فؤاد السنيورة.
الحشود في بلدة القلمون تجمهرت بالآلاف، رافعةً الأعلام اللبنانية وصور الشهيدين، وأوقف الموكب لدقائق على الطريق العام المؤدي إلى مدينة طرابلس، وسط زغاريد النسوة ونثر الأرز، والهتافات المنددة بالجريمة. وعند الساعة الحادية عشرة والثلث وصل موكب الشهيدين إلى طرابلس، حيث أنزل النعشان من السيارتين اللتين أقلتهما من بيروت، وحملا على الأكف وشقا طريقهما نحو جامع طينال، وسط حشود كبيرة، ضاقت بها طرقات المدينة وساحاتها، تصرخ بغضب وحزن شديدين.
الشيخ حسن مرعب، الذي أَمّ المصلين في جامع طينال على جثمان الشهيد مرعب، أمل في كلمة باسم أهالي الشهداء أن «تتمكن الأجهزة الأمنية من القبض على المجرمين لمعاقبتهم، كي يكونوا عبرة للآخرين». أضاف: «نودع شهيدينا اللذين حملا أمانة حراسة لبنان من المتربصين به والمتآمرين عليه. فالرائد عيد كان يردد دائماً: «إنهم في قبضة يدي». والله، لن يضيع حق الشهداء. فمن قَتل سيُقتل. ومن سفك الدماء، ستسفك دماؤه. دماء الشهداء لن تذهب سدىً». وألقى قائد سرية درك طرابلس العقيد بسام الأيوبي كلمة باسم قوى الأمن الداخلي قال فيها إن من اغتال الشهيدين حاول النيل من الأمن والاستقرار في لبنان، والنيل من مؤسسة قوى الأمن الداخلي التي لن تتراجع وستبقى تكافح الإرهاب والإرهابيين مهما كبر عدد الشهداء».

تشييع فارس

وفي البقاع شيّع أهالي بلدة المريجات أمس الشهيد المحامي إميل فارس الذي قضى في انفجار الشيفروليه، في مأتم شعبي أُقيم على بوابة المريجات بحضور فاعليات سياسية وشعبية، بالإضافة إلى رؤساء بلديات البقاع. ولدى وصول النعش، ألقى رئيس بلدية المريجات خطاباً، وصف فيه السياسيين بالفاسدين وقال إن «يد الإرهاب طالت إلياس لأن الدولة ضعيفة ومشلولة، يدفع المواطن الثمن، فيما المسؤولون ينهالون بالتصاريح».
(الأخبار)