طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
تُرجم «التوافق السّياسي» بين أطراف السّلطة والمعارضة عملياً يوم أمس، في خطوة افتقدتها السّاحة اللبنانية منذ مدّة، بانتخاب رئيس محكمة طرابلس الشرعية الشيخ مالك الشعّار مفتياً جديداً لطرابلس والشّمال خلفاً للمفتي الشيخ طه الصابونجي.
لكن هذا التوافق الذي تولّد نتيجة التقاء موقف الرئيس عمر كرامي وبقية قوى المعارضة من دعم ترشيح الشعار، مع موقف الرئيس نجيب ميقاتي و«تيّار المستقبل» و«التكتل الطرابلسي» بعد لقائهم قبل أيّام في قريطم بدعوة من النّائب سعد الحريري، شابته عوامل عدّة سبقت عملية الاقتراع، وكادت تطيحه، ما أدّى إلى إجراء سلسلة اتصالات وتحركات من أجل الحفاظ على التوافق الذي حصل والتزامه، وعدم تعرّضه للخرق، أو فرطه، وهو ما دفع السّياسيين إلى الحضور لمركز الإفتاء والإدلاء بأصواتهم.
فبعدما باءت كلّ المساعي التي بذلت من أجل تأمين انسحاب بقية المرشحين بالفشل، سرت شائعات عن أنّ أصواتاً من تحت الطاولة ستمرر لإمام المسجد الحميدي الشيخ وليد علوش، من أجل عدم حصول الشعّار على نسبة أصوات مرتفعة من نوّاب ومسؤولين في «تيّار المستقبل»، أبرزهم النّائب سمير الجسر، الذي عارض التوافق على الشعار، ومسؤولين في مكتب الوزير محمّد الصفدي، الذين أجروا اتصالات مساء السبت ببعض أعضاء الهيئة النّاخبة، طلبوا منهم التصويت لعلوش!
ووجهت انتقادات بشكل غير مباشر إلى ميقاتي وبقية نوّاب طرابلس الذين شاركوا في لقاء قريطم، من خلال ما أبدته جريدة «الرقيب» الطرابلسية المقربة من كرامي، عندما أشارت إلى أنّ ذلك «اللقاء من أجل التوافق على مفتي طرابلس؛ كان دافعاً إلى التساؤل: طرابلس كانت دائماً في المقدمة، ورأساً لكلّ الأمور، فلماذا جعلتموها ذَنَباً ملحقاً بالغير؟».
في مقابل ذلك، كانت دار الإفتاء في طرابلس قد غصّت باكراً بالموظفين والمُكلفين الإشراف على عملية الانتخاب، وببعض أعضاء الهيئة النّاخبة، إلا أنّ ذلك لم يفسح المجال للبدء بعملية الاقتراع في الجلسة الأولى التي كانت محدّدة في السّاعة الحادية عشرة بسبب عدم اكتمال النصاب، فتأجل ذلك إلى السّاعة الثانية عشرة ظهراً، على أنْ تعقد بنصاب نصف أعضاء الهيئة النّاخبة، وفق القانون الداخلي لانتخابات مفتي المناطق، ما دفع عضو المجلس الإسلامي الشّرعي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، المكلّف من دار الفتوى الإشراف على الانتخابات، إلى الإعلان أنّ عدد أعضاء الحضور تجاوز 69 ناخباً، من أصل 139 هم مجموع النّاخبين، فأعلن عندها افتتاح الجلسة.
وبعد تلاوة أسماء المرشحين الـ12، وأسماء المنسحبين منهم، بدأت عملية الاقتراع.
وأُقفل صندوق الاقتراع عند السّاعة الواحدة والنصف، بمشاركة 124 ناخباً، وبدأ فرز الأصوات، ليعلن بعدها فوز الشيخ الشعار بلقب «صاحب السماحة»، وليكون بذلك المفتي السّابع في تاريخ طرابلس الذي يتبوأ هذا المنصب منذ الاستقلال، بعدما نال 71 صوتاً، وعلوش 37 صوتاً، والحموي 9 أصوات، ووجدت 7 أوراق بيضاء.
وبعد إعلان انتخابه، ألقى الشعّار كلمة تعهّد فيها أن يكون «أباً وراعياً لمصالح الطائفة في الشّمال والذود عنها».