ثائر غندور
هناك خلاصة سريعة يخرج بها من يتحدّث مع كوادر حزب الله وسياسييه: هؤلاء الناس يشعرون بالقهر. هم أقوياء، والجميع يعرف ذلك. لكنّ قوّتهم تكبّلهم وجمهورهم يضغط عليهم.
«هؤلاء أُناس عُزّل، أيواجهون بالقنص؟» يقول عضو المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي.
الضاحية الجنوبيّة تغلي، وحديث الناس يوجّه إصبع الاتهام إلى المعارضة بأنها تصبر أكثر من اللزوم. الناس هناك يرون أن دمها أصبح مستباحاً. تستذكر حوادث حي السلّم، يومها حُكي عن تحقيق بقي ضمن أدراج مغلقة، على افتراض أنه حصل. ثم حاولوا أن يُسكتوا أهالي العمّال ـــــ الشهداء بتعويضات ماليّة. يتذكّرون شهيد تحرّكهم الأول باسم المعارضة الوطنيّة أحمد محمود. أين التحقيق في قضيّته؟ ويكرّرون رواية شهيد حوادث الجامعة العربيّة عدنان شمص، ويسألون: «هل يريدوننا أن نأخذ حقّنا بيدنا؟». وهو الجو الذي ينقله عدد من الناشطين في المنطقة الذين يرفضون ذكر أسمائهم.
الأسئلة مشروعة. والأجوبة غائبة. لكن قماطي يعد جمهور المعارضة بأن حق شهداء أول من أمس لن يضيع. يضع الموضوع في عهدة الجيش، ويراه «المسؤول عمّا حصل لكونه المسؤول عن الأمن». ويرى أن صدقية الجيش على المحك، لذا عليه أن يجري تحقيقاً سريعاً يكشف فيه حقيقة ما جرى. ويقول قماطي إن أموراً كثيرةً تتوقّف على إجراء هذا التحقيق، والمعارضة قد تُقرّب موعد تحرّكها إذا لم يكن هناك تحقيق، لكنّ حزب الله لا يزال يعمل على تهدئة الخواطر وتخفيف حدّة بياناته «لأننا حريصون على البلاد».
أما القراءة السياسيّة لما جرى يوم أمس، فيخصّها قماطي: «هناك من حاول توجيه رسالة إلى معارضة عبر هذا التحرك الشعبي البسيط بأن أي تحرّك سياسي سيواجه بهذه الطريقة، وخصوصاً بعد التهديدات التي أطلقتها شخصيات في الأكثريّة بأنها لن تقف مكتوفة وستواجه الشارع بالشارع».
ويُطمئن قماطي الجميع: «عندما تُقرّر المعارضة النزول إلى الشارع ستنزل بعشرات الآلاف، ولن يردعها القنّاصون ولا إدخال الأجهزة في المواجهة، الأخيرة مهمّتها حماية التحرّكات ومنع أي شغب أمني». يختم قماطي حديثه بالقول: «وصلت الرسالة لكنّها لن تُعطي مفعولاً».
على الضفة الثانية في المعارضة، يشدّد أمين سرّ تكتل الإصلاح والتغيير النائب إبراهيم كنعان على وجوب انتظار نتائج التحقيق العسكري. ويطالب الجيش، «وهو من المؤسسات القليلة النظيفة في البلد» بتحديد المسؤوليّات عبر تحقيق جدّي وفوري، لأن هناك «وقائع وهناك شهداء، يجب كشف الحقيقة مهما كانت صعبة». ولا يضع هذا الأمر فقط في خانة كرامة الشهداء وأهلهم، بل للحفاظ على المؤسسات، ويرى أن السلطة السياسيّة تستدرج الشعب والجيش والمعارضة إلى الشارع للهرب من الواقع السياسي والاقتصادي والأمني، «فهذه السلطة فشلت على كلّ الصعد». وفي رأيه أن السلطة أصرّت على تسييس التحرّكات العمّالية «رغم أنّنا حرصنا على عدم دعوة جمهورنا للنزول إلى أي تحرّك عمّالي، تحاول هذه السلطة تحميل الآخرين المسؤوليّة السياسيّة عمّا يجري عبر تصريحات سياسييها ووسائل إعلامها، لكن الواقع يقول إن الجميع يتحمّلون مسؤوليّات سياسيّة، وإن بنسب مختلفة».