غسان سعود
من أين تبدأ تحقيقات الجيش في ما حصل يوم الأحد الماضي، وما هي الوجهة الرئيسية التي سيسلكها التقصّي؟ أسئلة تشغل معظم المهتمين بحوادث مار مخايل، علماً بأن اختلاف المعلومات التي يتداولها هؤلاء يصل إلى حدِّ التناقض. فيما يقول ضابط متقاعد متابع عن كثب لعمل مديرية المخابرات، إن هذه تلاحق خيوط ثلاثة احتمالات رئيسية:
الاحتمال الأول يحمّل المعارضة مسؤولية ما حصل عبر «إنزال» المتظاهرين من جهة، وإرسال من يطلق الرصاص عليهم من جهة أخرى، تمهيداً لسقوط قتلى بينهم، ممّا يسهّل على المعارضة إحباط وصول العماد ميشال سليمان إلى الرئاسة.
فيما يتهم الاحتمال الثاني القوات اللبنانيّة بالمسؤولية، بناءً على شهادات بعض سكان عين الرمانة والشياح، وإفادات من أوقفهم الجيش في عين الرمانة وجوارها، بعد ساعات من بدء المواجهات، وعددهم، وفق الضابط نفسه، يتجاوز ثمانية. ومن خيوط هذا الاحتمال، مبادرة بعض الوسائل الاعلاميّة الموالية إلى الإعلان، بعد دقائق قليلة من إعلان مقتل مسؤول التنسيق بين حركة «أمل» والجيش، أن الرصاص انطلق من منطقة عين الرمانة، ما دفع بالمتظاهرين إلى تحويل وجهة سيرهم ودفعهم نحو عين الرمانة، الأمر الذي سارعت القوات اللبنانيّة، دون غيرها من قوى الأكثرية، إلى محاولة استغلاله.
ويرى الضابط المتقاعد أن الجيش لا يبرّئ نفسه عبر احتمال ثالث يحصر بمسؤولي الجيش في تلك المنطقة مسؤولية إطلاق النار. وخيوط هذا السيناريو كثيرة، أبرزها نوع الرصاص الذي أدى إلى سقوط القتلى، وصور القناصة المرتدين ثياباً تشبه كثيراً ثياب العسكريين، إضافة إلى انهمار الرصاص من أماكن يفترض أن يكون وجود الجيش كثيفاً في محيطها، فضلاً عن تأكيد سكان في عين الرمانة أن الجيش كان يتمركز فوق أسطح بعض البنايات، علما بأن هذا السيناريو ينتهي عند حدود تحميل المسؤولية لضابطين على الأكثر وبضعة جنود.
هذه الخيوط المتشعبة لا تمنع بعض المراقبين من المطالبة بإضافة طرف ثالث إلى لائحة المستفيدين من حوادث الأحد، يتمثل بالسلفيين الجهاديين «الذين كانوا حتماً سعداء يوم الأحد لحصول اشتباكات بين المسيحيين والشيعة».
عند هذا الحد من توسيع دائرة الاتهام، يعود خبير عسكري آخر ليؤكد أن معظم السيناريوات سيبقى مجرد تكهنات، وخصوصاً في ما يتعلق بالسيناريوين الأول والثاني، وستنتهي قيادة الجيش، في نهاية المطاف، بالتضحية بمجموعة صغيرة من عناصرها بغية وأد الفتنة. فيما يرى العميد المتقاعد أمين حطيط أن الجيش مطالب بتحديد من اغتال أحمد حمزي بداية، علماً بأن أحد ضباط الجيش كان يحاور حمزي حين إصابته، وكان يمكن أن يصاب هو أيضاً.
وإذ يشرح حطيط أن انسحاب الجيش من المعركة نتيجة «تغير البيئة العملانية» أمر مبرر عسكرياً، يستغرب العودة الهجومية التي قامت بها الوحدات العسكرية، وإطلاق العسكريين الرصاص على المحتشدين الذين لم يتجاوزوا خمسين شخصاً، موضحاً أن فتح الطريق لا يوجب مثل هذا التصرف، مطالباً وزارة الدفاع بأجوبة واضحة عن سبب استعمال الرصاص في وجه عزّل.
ويختم حطيط بسؤال القيادة عمّا فعلته لإيقاف القناصة، الذين بقوا فوق السطوح قرابة أربع ساعات، علماً بأن المنطق العسكري يرفض استخدام الجنود النظاميين لسطوح الأبنية في مهمات حفظ الأمن.