149; الموالاة تتجاهل تقرير فينوغراد وتصعّد حملتها على سوريا وتحذّر من الشارع
بينما استحوذ تقرير لجنة فينوغراد الإسرائيلية على اهتمام المعارضة التي رأت فيه تأكيداً لانتصار المقاومة، لم يصدر أي تعليق عن قوى الأكثرية، باستثناء الرئيس فؤاد السنيورة، الذي أخذ على التقرير تجاهله جرائم إسرائيل

لم تبرز أي مؤشرات لانعكاسات سياسية محتملة لخلاصات لجنة التحقيق الإسرائيلية عن عدوان تموز 2006، على الداخل اللبناني، علماً بأن فريق 14آذار تجاهل التقرير كلياً، مصعّداً في المقابل حملته على سوريا، ومتّهماً المعارضة بالتخلي عن ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان إلى رئاسة الجمهورية، الأمر الذي نفته المعارضة، وأكّدت أن سليمان ما زال مرشح التوافق، رافضةً الربط بين هذا الموقف وبين التحقيق في حوادث الأحد الدامي.
وفي هذا الإطار، أكد عضو المكتب السياسي في «حزب الله» غالب أبو زينب أن التحقيق ليس له علاقة بترشيح سليمان إلى رئاسة الجمهورية، أو بعدم ترشيحه، لافتاً إلى أن «النظرة إلى الجيش لها علاقة باستكمال التحقيق حتى النهاية، وإلا فسيكون هناك علامات استفهام كبيرة وتضيع الأمور».
بدوره أكد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا أن العماد سليمان «ما زال حتى الساعة مرشحاً توافقياً لأن المشكلة ليست فيه»، معتبراً أن نتائج التحقيقات وتعامل سليمان معها قد يعطيانه زخماً أقوى كي يكون رئيساً للجمهورية، لكن إذا جرت تغطية المجرمين ولم يكن هناك جدّية في التحقيق، فمن الطبيعي أن تتغيّر الأمور».
في غضون ذلك، وعد سليمان في اتصال أجراه مع المرجع السيد محمد حسين فضل الله، معزياً بشهداء حوادث مار مخايل «بالسير قدماً في التحقيق حتى الوصول إلى النتيجة الحاسمة والدقيقة».
وهذا الموضوع عرضه السيد فضل الله مع الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله خلال اتصال بينهما، أكّدا خلاله «ضرورة أن يأخذ التحقيق مجراه من خلال ما وعد به قائد الجيش، من حيث القيام بتحقيق دقيق شفّاف احتراماً لأرواح الشهداء، وتقديم أجوبة دقيقة وحاسمة لعائلات الضحايا وغيرهم».
كذلك تناول الحديث «الاعتراف الإسرائيلي من خلال إعلان تقرير لجنة «فينوغراد» بالهزيمة أمام المقاومة، والمسؤوليات التي تقع على عاتق الجميع في لبنان وخارجه حيال هذا الاعتراف، وخصوصاً لجهة توحيد الرؤى والمواقف في مواجهة العدو».

انفجار الشرق الأوسط بأكمله

في المقابل، صعّدت قوى 14 آذار حملتها على سوريا والمعارضة، وفي هذا السياق، اتهم وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت، المعارضة بزج الجيش في فتنة داخلية كي تقول إن الجيش أصبح طرفاً، ولم يعد العماد سليمان صالحاً ليكون مرشح تسوية،
ودعا إلى «موقف عربي ودولي أكثر صلابة ووضوحاً تجاه النظام السوري».
ورأى أنه «ليس لأحد مصلحة في تدويل الأزمة اللبنانية، إلا إذا أرادوا أن يصبح لبنان ساحة صراع للنزاعات الدولية والإقليمية، وهذا أمر خطير لأنه سيؤدّي إلى انفجار في الشرق الأوسط بأكمله».
من جهته، رأى وزير الدولة لشؤون التنمية والإصلاح الإداري جان أوغاسبيان أن أحداث الشياح كشفت، هشاشة الوضع الأمني، ورأى أن النزول إلى الشارع سيؤدي إلى الفتنة والفوضى الشاملة، واستبعد إمكان انتخاب رئيس في 11 شباط.
أمّا عضو اللقاء الديموقراطي النائب أنطوان سعد، فقد رفض وصف ما جرى في مار مخايل بالجريمة لأن هذه «تكون في حال الاغتيال أو القتل المتعمّد المباشر، وليس في الدفاع عن الدولة وحماية السلم ومنع التمرد على السلطة».

مجلس المفتين يأسف للحوادث

وأسف مجلس المفتين بعد اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني لحوادث يوم الأحد الماضي، وطالب بإجراء التحقيقات التي تكشف حقيقة وأسباب سقوط هؤلاء الضحايا. وأكد دعمه للمؤسسات الأمنية اللبنانية، معتبراً أن حماية الدولة ومؤسساتها الشرعية وأجهزتها الأمنية واحترام القوانين واجب على جميع اللبنانيين. ورأى «أن كل من يراهن أو يحاول إشعال الفتنة هو خاسر وخائن لوطنه»، داعياً «إلى عدم الانجرار إلى فتنة يعمل لها من لا يريدون للبنان أمناً ولا سلاماً ولا استقراراً». كما دعا إلى الحرص على الوحدة الإسلامية والتآخي بين المسلمين والوقوف معاً للحيلولة دون وقوع الفتنة التي يثيرها المندسّون بين الصفوف، مطالباً بالتعاطي مع مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة بكل انفتاح وتجاوب، وتسهيل مهمة موسى لإنقاذ لبنان من محنته.
وفي المواقف، وصف رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان ضحايا حوادث مار مخايل بأنهم شهداء لبنان المنتصر على إسرائيل في وجه الطغمة الانقلابية التابعة لإسرائيل، وباقي دول العدوان الخماسي على لبنان في تموز»، وأشار إلى أنه ما من دولة ديموقراطية في العالم يُرتكب فيها عُشر ما ارتُكب في مجزرة الأحد الأسود ويبقى المتحكّمون في مراكزهم في منأى عن أي حساب، لافتاً إلى «أن وزير داخلية غزوة الأشرفية قبل سنتين هو نفسه وزير داخلية مجزرة الأحد الأسود بعد سنتين».
وتعليقاً على بعض المواقف التي صدرت بشأن حوادث مار مخايل، رأى النائب حسين الحاج حسن «أن تعليق بعض الدول الغربية والمنظمات الحقوقية، يمثّل الحد الأدنى من المبدئية الحقوقية تجاه هذه الجريمة. فيما عبّرت بعض الدول العربية عن مواقف الإدانه لما سمّته حوادث الشغب، لتنسجم مع طبيعة هذه الأنظمة القمعية، تجاه شعوبها». وأشار إلى «أن المواقف الصادرة عن مجلس الأمن وعن بعض الدول الغربية، تؤكّد من جديد التوظيف الأميركي لمجلس الأمن في خدمة فريق 14 شباط، الذي يخدم بسياساته الولايات المتحدة الأميركية، ومن خلالها العدو الصهيوني، لافتاً نظر هذا الفريق «إلى ضرورة تذكير المرجعيات والقيادات بأن تغييراً ما طرأ على خطاب التحريض المعمّم ليل الأحد - الاثنين، فأصبح خطاب تعاطف أيام الاثنين والثلاثاء، وبالتالي يبدو أن هذا التعميم لم يصل إلى الجميع».
على صعيد آخر، وردّاً على علامات الاستفهام التي أثارتها قوى الأكثرية بشأن مصير ورقة التفاهم بين «حزب الله» والتيار الوطني الحر، نظّم الأخير جولة على المنطقة التي شهدت إشكالات الأحد الماضي، فانطلق الوفد برفقة عدد من قادة «هيئة قدامى القوات اللبنانية» من مكتب التيار في الشياح، إلى بلدية المنطقة، مروراً بكنيسة مار جرجس ـــــ الشياح، واختتمها في بلدية الغبيري بلقاء مع النائب علي عمار، وعضو المكتب السياسي في حزب الله غالب أبو زينب، ورئيس البلدية محمد سعيد الخنسا.
وأكد الوفد خلال لقاءاته التمسك بروحية ورقة التفاهم، فيما أكد إيلي أسود باسم قدامى القوات رفض العودة إلى الحرب.
ووسط هذه الأجواء، تترقّب الأوساط السياسية عودة موسى إلى بيروت، المتوقّعة الأسبوع المقبل، وفي الانتظار، واصل السفير المصري أحمد البديوي تحرّكه لدى المسوؤلين، فيما شدّد مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الإيطالية سيزار راغاغليني بعد لقائه الرئيس أمين الجميل والبطريرك الماروني نصر الله صفير، والنائب ميشال المر على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية. وأعلن «أن الحوار الإيطالي القائم مع سوريا وإيران ليس مطلقاً على حساب لبنان».

السنيورة يشدّد على الوحدة

في مجال آخر، علّق المكتب الإعلامي في رئاسة الحكومة على تقرير لجنة فينوغراد، فرأى أنه «لا يشير إلى الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق لبنان وشعبه (...) ولا يأتي على ذكر الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية اللبنانية»، ملاحظاً أيضاً «أن التقرير تجاهل ما أشار إليه القرار 1701، الذي يرتّب على إسرائيل والمجتمع الدولي مسؤوليات جديدة، وخاصة تجاه استكمال تطبيق القرار 425، بإعادة مزارع شبعا المحتلة إلى لبنان عن طريق الأمم المتحدة». وأكد أن «استهدافات العدو تجاه لبنان ما زالت كما كانت، أي التحضير للاعتداء على لبنان في المستقبل، من أجل فرض هيمنتها على المنطقة، بعد نجاح مقاومة الشعب اللبناني العسكرية والسياسية في إفشال إسرائيل، ومنعها من تحقيق أهدافها بفضل التلاحم الداخلي»، داعياً اللبنانيين إلى استخلاص العبر المناسبة، في مقدمتها الوحدة الداخلية، لأنه من دونها لن «نتمكّن من تكرار نجاحنا».