غسان سعود
يستصعب معظم مؤيدي المعارضة وزن إنجازاتهم وإخفاقاتهم للعام الراحل، دون أي تغيير سياسي. ويجدون في السؤال عن الإيجابيات التي حققوها، حبكة موالية تهدف إلى إضعاف عزيمتهم وإحباطهم. وفيما يعترف كثيرون بأن معنوياتهم وثقتهم بقدرتهم على إحداث التغيير المنشود تراجعت كثيراً، يبدو أن الكلام على الحماسة للتحركات النوعية لم يعد يصحّ إلا بصيغة الماضي، لكن «دون أن يعني هذا الأمر تراجعاً في التأييد الشعبي»، كما يوضح أحد المواطنين، مؤكداً أن استفتاء مؤيدي المعارضة سيظهر رغبة هؤلاء في ترك الأمور تأخذ مجراها في انتظار الانتخابات النيابية، البوابة الحقيقية لإحداث التغيير، بعدما ثبت عقم «تهديد المعارضة ووعيدها».
وبأسف، يدعو أحد أوائل الشبان الذين حجزوا مساحة لخيمتهم في وسط بيروت العام الماضي، المعارضة إلى إعادة النظر باستراتيجيتها المفترضة، وخطة العمل، والوسائل المنوي استخدامها لتحقيق الأهداف، مستغرباً إصرار مسؤولي المعارضة على إبقاء جمهورهم ضحية أسئلة لا تنتهي، نتيجة الضبابية التي تحيط باستراتيجيتهم المفترضة لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة، وغياب البرنامج الواضح المعالم، أقله بالنسبة إلى معظم مؤيدي المعارضة الذين يجدون أنفسهم يدخلون في شبّاك ويخرجون من آخر قبل أن يعودوا إلى البداية، كأن تظاهراتهم وانشداد أعصابهم بلا جدوى. وإذ يحمّل معظم مسؤولي المعارضة تعنّت الرئيس السنيورة وعدم اكتراثه برأي الشعب المسؤولية عن عدم تحقيق إنجازات، منوّهين بقدرتهم على «الصمود» و«منع الحريري من أكل البلد»، ترى الموالاة أن العام انتهى بتأكّد المعنيّين أن المعارضة لا تحمل مشروعاً وطنياً، وأنها مجرّد قناع لأوامر خارجية تأخذها يميناً ويساراً، ثم تعيدها إلى نقطة البداية بهدف تقطيع الوقت، ريثما تنضج التسوية الإقليمية وتصبح مناسبة للسوريين أو الإيرانيين.
ويبدو أن أساس مشكلة المعارضة، كما يرى النائب البيروتي عاطف مجدلاني، كان في وضع سقف مطلبي مرتفع يتخطى قامة المعارضة بكثير، إضافة إلى التزامها أمر عمليات سوري لا يأخذ رأي جمهورها ورغباته بعين الاعتبار، الأمر الذي أفقد التيار الوطني الحر القدرة على حشد الجمهور، فيما شعر مؤيّدو حزب الله مع مرور الوقت بأنهم مجرد سائرين خلف عناوين وهميّة، فيما يجد بعض الموالين إنجازات مهمة للمعارضة، سواء في ما يتعلق بتعطيل الحياة الاقتصادية في وسط بيروت ومنع الاستثمارات أو أخذ الاستحقاق الرئاسي رهينة بين يديها وشل الحركة السياسية جزئياً في مجلسي النواب والوزراء. ويؤكد النائب مصطفى علوش أن هذه الإنجازات الباهرة لم تحل دون إخفاق المعارضة في تعطيل إقرار المحكمة الدولية، وإسقاط الحكومة، واستدراج الجيش إلى حياد سلبي يخدم مخططها في الاستيلاء على المؤسسات. ويرجع علوش فشل المعارضة في تحقيق أهدافها إلى سببين رئيسيين: الأول، إساءة التقدير في ما يتعلق بحجم المعارضة. والثاني، افتراض ضعف الخصم (الأمر الذي ثبت عكسه في التظاهرات البيروتية والطرابلسية).
وفي السياق نفسه، يقول أحد مؤيدي السنيورة إن المعارضة لم تُقم هذا العام احتفالاً في وسط بيروت والسبب، عدم إقامة، مشكلة المعارضة بعدم جرأتها على المبادرة واكتفائها بمحاكاة الموالاة في كل ما تقوم به.