صيدا- خالد الغربي
لا يستفيق أهالي محلة سينيق عند المدخل الجنوبي لمدينة صيدا على خرير مياه النهر الذي يحمل اسم محلتهم (نهر سينيق)، ولا يكحلون عيونهم بروعة مشهد لو قُيّض الاهتمام به لكان رائعاً، بل يستفيقون بعد ليل مثقل بالبرغش على واقع مزر لمجرى هذا النهر الذي يمكن القول فيه إنه يشبه كل شيء إلّا مجرى الأنهر، وما يسبّبه من ضرر على السلامة العامة. فمجرى مياهه الراكدة تحوطها سدود من العوائق المادية وبقايا أثاثات منزلية، فضلاً عن معوّقات أخرى من نفايات وأتربة وحجارة وخشب ودواليب وردميات ونفايات صناعية من ورش صناعية وإعمارية ترمي بمخلّفاتها في النهر.
وما يمعن في تشوّه النهر الذي تحولت مياهه بركاً في أماكن وجفافاً في أخرى تحويل مياه «الآبار المالحة» في بعض المنازل القريبة من درب السيم ومخيم عين الحلوة الى النهر، ليتحوّل المشهد من رومنسي الى مفجع مع تزايد الخطر الذي يهدّد صحة المواطنين.
وقد أدى إهمال المسؤولين وعدم إكتراث المعنيين للتنظيف الدوري للنهر، ولا سيما قرب الأماكن السكنية، الى تحويله مستنقعات آسنة تخلّف وراءها الأوبئة بفعل الروائح الكريهة والبعوض والجرذان التي ترى أرضاً خصبة لنشاطها وعملها، فضلاً عن تلوّث مياه النهر والتشوّه البيئي، وما يشير إليه بعض الأهالي من دماء تجري في مياه النهر بفعل مخلفات تُرمى من مسلخ صيدا القريب من سينيق.
في المحلة التي تقطنها عشرات الأسر الصيداوية يرفع الأهالي صرخة احتجاج، وتقول سيدة من آل سعد «صار معنا أمراض، ومش قادرين نتنفس متل الخلق بسبب الروائح الكريهة والبرغش هالكنا». وتشاطرها قريبتها بالقول: «ما حدا مهتم. بالشتاء بتفوت المي على بيوتنا وبتخرب الدنيا وبيصير فيضان وبالصيف على باب الله»، فيما يشكو عامل مصري في إحدى المؤسسات التجارية قائلاً: «يا بيه مش عم بعرف طعم النوم في الليل، إيه الحل دا هوا مرتبط بالصراع اللبناني؟»!
وفي موقع «معانقة» النهر للبحر تبدو الأضرار أكثر وضوحاً، وكأن نهر سينيق يقول للبحر «جسمك لبيس وبتحمل أكتر مني»، مفرغاً حمولته وعارضاً بضاعته الملوثة للشاطئ.