strong>عفيف دياب
لا يترك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط مناسبة سياسية أو اجتماعية إلا يعلن فيها رفضه المطلق لوصول أصحاب «البذلات المرقطة» إلى سدة الرئاسة الأولى، بل حتى إلى أي منصب رسمي من «عيار» الفئة الأولى. فهذا الرفض و«الممانعة» أصبحا «عقيدة» عند جنبلاط ورفاقه في الحزب الذين «ذاقوا» الأمرّين من تجربة الجنرال إميل لحود في السلطة «بعد أن رفضنا انتخابه لرئاسة الجمهورية وتعديل الدستور لتمديد ولايته... فالعسكر يرفض كل ما يسمى حواراً أو انفتاحاً، ولا يعمل إلا وفق لغة القمع و«الأمر لي» و«نفّذ ثم اعترض»، وهذا ما كنا قد حذّرنا منه قبل وخلال تولي لحود رئاسة الجمهورية»، على حد قول أكثر من قائد في الحزب التقدمي، حيث يرون موقف حزبهم الرافض وصول «جنرال» إلى رأس السلطة من «أحد مبادئنا» لأن «تجربة لحود في السلطة علّمتنا الكثير وأكّدت ما كان يحذّر منه الرفيق وليد جنبلاط».
هذه «العقيدة» القائمة منذ ما بعد استشهاد كمال جنبلاط في الحزب التقدمي الاشتراكي الرافضة لوصول «العسكر» إلى السلطة، نمت وتطورت، فنُبذ كل «العسكر» في أدبيات الحزب ورئيسه وأصبح التعاطي أو التعاون أو دعم «الجنرالات» شرّاً مستطيراً.
لكن هل «الضرورات تبيح المحظورات»، وأين يقف الحزب التقدمي ورئيسه اليوم من «وصول» قائد الجيش العماد ميشال سليمان الى الرئاسة الأولى؟ يجيب أمين السر العام في الحزب المقدم شريف فياض بهدوء ويقول لـ«الأخبار» إن «الإنسان لا يقدر أن يبقى أسير النظريات البعيدة عن الواقع الذي يعيشه. فالفراغ في رئاسة الجمهورية وما قد ينجم عنه من تطورات سياسية وأمنية واجتماعية، تهدد السلم الأهلي والوحدة الوطنية عامة، يقتضي اتخاذ خطوة جريئة جداً، وهذا ما تعودناه في الحزب التقدمي، حين نتحاور ونقرأ الامور بواقعية ودقة. فالمصلحة الوطنية العليا تبقى فوق كل اعتبار أو عقيدة ومبدأ».
ويوضح فياض أن الحزب التقدمي الاشتراكي لم «يقف ضد وصول عسكري إلى الرئاسة الاولى بالمطلق. فنحن دعمنا بقوة وصول الجنرال فؤاد شهاب إلى الرئاسة. والحزب ورئيسه الرفيق وليد جنبلاط ليسا ضد وصول من يؤمن بالديموقراطية وعمل المؤسسات إلى رئاسة الجمهورية، فالرئيس شهاب كان ديموقراطياً ورجل مؤسسات ووطنياً في القول والفعل، وعمل من أجل لبنان والحفاظ على استقلاله وسيادته. وهذا ما نأمله اليوم من العماد ميشال سليمان». ويؤكد فياض أن الحزب التقدمي الاشتراكي «لديه الثقة الكاملة» في أن العماد سليمان «لن يمارس عسكريته في السلطة، ولن يكون مدمراً للمؤسسات».
ويضيف فياض أن الحزب التقدمي، وعلى رأسه جنبلاط، رفض وصول الجنرال إميل لحود إلى سدة الرئاسة الأولى لأنه «غير ديموقراطي وكان مرتبطاً جدّاً بنظام الوصاية السورية وينفّذ تعليمات فريقه المخابراتي، الذي أساء كثيراً إلى لبنان ومؤسساته، وبالتالي رفضنا وصول هذا العسكري إلى الرئاسة الأولى وتعديل الدستور لانتخابه أو تمديد ولايته التي كلفتنا الكثير من الدماء». ويتابع فياض أن «عداء كبيراً كان بين لحود والديموقراطية. فهو لم يبن المؤسسات كما فعل الجنرال فؤاد شهاب، لا بل أقدم (لحود) على تدميرها ولم يحافظ عليها، وهذا ما كنا قد حذّرنا منه قبل وصوله الى الرئاسة وخلالها وقبل تمديد ولايته قسراً وترهيباً وفرضاً بالقوة... وبالتالي أصبح عندنا هواجس من العسكر الذين يشبهون (الرئيس السابق) إميل لحود، وتحول الى قلق دائم عندنا، لكن هذا لا يمنع وصول العماد سليمان الى سدة الرئاسة الاولى لما نعرفه عنه».
ويختم فياض مؤكداً أن الحزب التقدمي الاشتراكي «يلتزم بمواقفه» وأنه «لن يعدل عن دعمه لوصول العماد سليمان إلى الرئاسة الأولى، وندعم بالتالي تعديل الدستور لأن مصلحة البلد وأمنه واستقراره تعنينا، ونحن لن نكون حجرة عثرة أمام أي توافق يجمع عليه اللبنانيون، وهذا ما أكد عليه رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط».