strong>حسن عليق
افتتحت الحركة الاجتماعية أمس في مركزها ببدارو معرضاً لمنتجات يصنعها عدد من نزلاء السجون الحاليين والسابقين من الأحداث والنساء. ويساعد مردود المعرض السجناء الحاليين على تأمين جزء من جاجاتهم خلف القضبان، أو لمساعدة من خرجوا إلى الحرية في حياتهم

لم ينطق أحمد (17 عاماً) بأي كلمة في المشهد المسرحي الذي أدّاه أمس خلال افتتاح معرض في مركز الحركة الاجتماعية ببدارو يضم منتجات سجناء حاليين وسابقين من نزلاء مبنى الأحداث في رومية وسجن بربر الخازن للنساء في فردان. فقد اقتصر أداء أحمد، وهو الذي خرج في أيلول الماضي من السجن، على حركات وضحك وبكاء، حاول عبرها نقل مشاعر نزلاء السجن. وكان كلما أدى حركة وابتسم، بادله الجمهور، وخاصة رفاقه السابقين في السجن، ضحكاً أعلى من صوته. وكلّما بكى، عبس الحاضرون حتى كاد بعضهم يبكي.
المعرض المذكور، الذي يمتد حتى يوم الجمعة القادم (يومياً من العاشرة صباحاً حتى التاسعة مساءً في مركز الحركة الاجتماعية في بدارو، قرب مصرف فرنسبنك) يضم لوحات رسمها أو لوّنها سجناء حاليون وسابقون، وأعمالاً حرفية تتضمن حفراً على الخشب وحقائب جلدية نسائية وتلويناً على الزجاج.
أحمد هو أحد الشبان والسيدات الذين عملوا بعد خروجهم من السجن ضمن برنامج «إعادة الاندماج الاجتماعي» الذي تديره الحركة الاجتماعية، والذي رأت منسقة مشروع «نساء وأحداث في خلاف مع القانون» في الحركة، روكسان صالومي، في حديث مع «الأخبار» أنه يبشّر بنتائج إيجابية. فحتى اليوم، لم يكرر القيام بأعمال مخالفة للقانون سوى 6 من أصل 105 تابعتهم الحركة منذ سنتين.
وقال أحمد لـ«الأخبار» إن الحركة الاجتماعية ساعدته، بعد خروجه إلى الحرية، على إعادة ترتيب علاقته بعائلته، التي كانت متوترة أصلاً قبل دخوله السجن. «فمرشدات الحركة يزرن بيتي كل فترة، ويتابعن معنا قضايانا ومشاكلنا، ويحاولن مساعدتنا على إيجاد الحلول. كما أن الحركة حاولت تأمين عمل لي، إلا أنني اليوم أعمل في منشرة، لأنني لم أستطع التأقلم مع الأعمال التي عُرضت علي».
وكانت صالومي قد تحدّثت في افتتاح المعرض مؤكدة أن الحركة اختارت، منذ بدء عملها قبل 45 عاماً، العمل مع «الأكثر حاجة أينما وجدوا. وعام 1993، بدأت العمل مع الأحداث في سجن رومية، وعام 1998 مع النساء في سجن بربر الخازن، من خلال برنامج التأهيل المهني والاجتماعي». ورأت صالومي، أن التحدي الأكبر كان «ما بعد السجن»، وهي الفترة التي يعيش السجين فيها فترة عدم الثقة بالذات، وخشيةً من نظرة المجتمع إليه.
وقال صالومي لـ«الأخبار» إن هدف المعرض الذي أقامته الحركة الاجتماعية أمس هو بالدرجة الأولى جعل المجتمع اللبناني يشعر بقضية الأحداث والنساء في السجن، وإظهار أن هذه الفئة تنتج جمالاً يناقض الحكم المجتمعي الذي يصدر بحقهم بعد توقيفهم، والذي من الممكن أن يكون أشد تأثيراً وإيلاماً من حكم القانون.
وبالدرجة الثانية، أضافت روكسان صالومي، يهدف المعرض إلى تأمين مردود مالي للسجناء من خلال بيع البضاعة التي أنتجوها في السجن أو خارجه، مما يؤمّن لهم إمكان الاستمرار بعملهم، ويمكن أن يؤمّن لبعضهم حياة أفضل خارج السجن أو داخله.
وعن عمل الحركة الاجتماعية مع السجناء، قالت صالومي إن الحركة تدرّب كل ثلاثة أشهر 50 قاصراً في سجن رومية على صيانة الكومبيوتر أو الحلاقة أو الحفر على الخشب أو صناعة الحقائب الجلدية. وإضافة إلى ذلك، تؤمن الحركة تسويقاً لمنتجات هؤلاء الطلاب الذين يستطيعون من خلال المردود تأمين حاجياتهم اليومية في السجن. وبعد السجن، تتابع الحركة عدداً من هؤلاء عبر «مشروع إعادة الاندماج»، فتساعدهم في مشروع حياتهم على الصعد المهنية والنفسية والاجتماعية والقانونية. ومن خلال المشروع المذكور، تؤمن الحركة توجيهاً مهنياً لهؤلاء، وأحياناً تساعدهم على تأمين
عمل.