149; مجلس المطارنة ينتقد «الشروط المسبقة» ونصر الله يرفض تهميش أي طائفة بعد يوم ونصف يوم من استئناف مساعيه المكوكية،لم يفلح الطبيب الفرنسي في فك «القطبة المخفية» في جرح الفراغ الرئاسي، رغم العناية الفائقة التيأولاها لعملية تقريب وجهات النظر وحلّ معادلة مَن أولاً: «البيضة أم الدجاجة»؟

حاول وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن يضفي طابع التشويق على مهمته، وغلّف عدم توصله إلى نتيجة في اليوم الثاني لزيارته الحالية إلى بيروت، بإعطاء موعد للبنانيين اليوم، من دون أن يتضح إذا ما كان موعداً مع الحلحلة أو استمرار المعضلة.
وما يشير إلى الاحتمال الثاني، هو تزايد مهاجمي المعارضة، وأبرزهم أمس مجلس المطارنة الموارنة الذي مع استعماله عبارة «هذا الفريق أو ذاك»، انتقد ضمناً وحصرياً المعارضة بالقول إن «الشروط المسبقة قد تعوق الاستحقاق إلى ما لا نهاية».

موعد كوشنير ودراسة التعديل

فقد زار كوشنير أمس رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، البطريرك الماروني نصر الله صفير وقائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي التقى أيضاً سفيري الأردن زياد المجالي، والنروج أود ليز نورهايم، واتصل برئيس حركة التجدد الديموقراطي نسيب لحود.
وبعد الظهر جمع الموفد الفرنسي رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سعد الحريري، في عين التينة، لـثلاث ساعات تخللها غداء. وقال كوشنير: «كان اللقاء طويلاً جداً وغنياً وودياً ومثمراً. المساعي لم تنته، وأعطيكم موعداً غداً (اليوم)». وتهرب من الحديث عن «عراقيل أو نجاحات»، مكرراً أن اللقاء كان «طويلاً مثمراً».
وكان بري قد اجتمع مع هيئة تحديث القوانين برئاسة رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم الذي أشار إلى إطلاع بري على خلاصة الدراسة الأولية في شأن آلية تعديل الدستور «التي هي أقرب وأسلم، نصاً وروحاً، لمقتضيات الدستور اللبناني». وأعلن التوافق معه على كل الخطوات والآليات التي ستعتمد و«ستكون دستورية في الظرف الذي نعيشه اليوم»، مشيراً إلى أن «من الطبيعي» أن تتطلب هذه الآليات التوافق «لإتمامها وترجمتها إلى عمل فعلي في القريب العاجل وملء سدة الرئاسة بانتخاب رئيس وفاقي».
وفي مواكبة دولية للمساعي في لبنان، حثّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الزعماء اللبنانيين، على إيجاد حل لمأزق انتخاب رئيس جديد. وقالت الناطقة باسمه ميشيل مونتاس إنه «قلق للغاية إزاء استمرار تأخير الانتخاب»، مضيفةً إن «التأجيل تجاوز الإطار الزمني الدستوري»، وإن بان يعتقد «أنه حان الوقت لحل هذه المسألة دون تأخير». وذكرت أنه سيبقى على اتصال وثيق بالزعماء اللبنانيين «الذين يتحملون مسؤولية إيجاد حل أمام الشعب».
وفي الاطار نفسه اتصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالحريري.

المطارنة يرفضون الشروط المسبقة

وفي المواقف رأى المطارنة الموارنة اثر اجتماعهم الشهري برئاسة صفير، أن الفراغ الرئاسي غير المسبوق «ينطوي على خلل كبير يجب الخروج منه لتوفير الطمأنينة للبنانيين». وأكدوا «أن الاعتراضات التي يأتي بها هذا الفريق أو ذاك والتي تربط الاستحقاق الرئاسي بشروط مسبقة ريثما تكون كل القضايا المتعلقة به أو تعقبه قد تم الاتفاق عليها، قد تعوق هذا الاستحقاق إلى ما لا نهاية، وليست كل هذه الأمور المثارة من صلاحيات رئيس الجمهورية وحده وفقاً للدستور. ولا بد من النظر جدياً في الهواجس الوطنية المطروحة بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعودة الحياة الطبيعية إلى المؤسسات الدستورية الكفيلة بذلك».
وقالوا إن «ركود الأحوال، وضيق فسحة العيش، وانكفاء السياح عن ارتياد لبنان وتعطيل الحياة الاقتصادية في البلاد»، وتراكم الديون، كل ذلك «يوجب على أهل السياسة نسيان خلافاتهم، أو على الأقل وضعها جانباً للاهتمام بالأهم». ورأوا أن المحافظة على مناخ الحرية في لبنان «الذي يندر وجوده في هذه المنطقة»، من «أوجب الواجبات على اللبنانيين»، مكررين دعوتهم لهم إلى «وضع خلافاتهم جانباً، وفك ما يربطهم بغيرهم من روابط تؤذي وطنهم، وتخرج عن العلاقات المألوفة التي تقوم بين الدول». وختموا مهنئين بعيدي الميلاد والأضحى.
من جهة ثانية، نقل الوزير السابق فريد هيكل الخازن، عن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي التقاه أمس حرصه على «الدور الريادي للمسيحيين وعلى المشاركة الحقيقية لكل الطوائف في النظام السياسي، وهو يرفض تهميش أي منها». وقال الخازن إن الحزب «ملتزم رفض الفراغ في سدة الرئاسة، وهو يعمل ما بوسعه من أجل انتخاب رئيس توافقي».

جعجع موجوع من التعديل

وفي المواقف، شن رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع بعد لقائه الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون الذي زار أيضاً نسيب لحود، هجوماً ثنائياً على النائب ميشال عون و«حزب الله»، ومثله على إيران وسوريا، محاولاً تحييد بري، إذ رأى الأول «واجهة مسيحية لجمهورية إسلامية، الأمر الذي يجب تحويله إلى لجنة الحوار المسيحي ـــــ الإسلامي». وقال عن مطالب عون: «جميعنا نملك هذه المطالب، لكن في رأيي أن أهم مطلب مسيحي اليوم هو أن يكون هناك رئيس للجمهورية»، أضاف: «إن الكثير من المطالب والوقائع الأخرى صحيحة، لكنها لا تعالج بإقفال الطريق أمام ملء الفراغ في الرئاسة».
ورأى «أن المفاوضات في ملف الرئاسة أصبحت للأسف في إيران»، وأن السوريين «مشكلة وحل معاً»، فـ«يخلقون المشكلة ثم يعودون للمطالبة بثمنها من أجل حلها، ومن ثم يأتي آخر للعرقلة فيطالبون مرة أخرى بثمنها للمعالجة».
وعزا سبب مناقشة الحريري لملف الرئاسة مع بري لا مع عون، إلى أن «هناك تخوفاً من أن يكون عون نوعاً من الواجهة، من هنا يناقشون مع الفريق الأساسي»، مضيفاً أن بري «يمثل «أمل» و«حزب الله»، ولو كان يفاوض عن نفسه فقط لكانت مشكلة الرئاسة حلت منذ زمن». وتوقع قبل انتهاء لقاء عين التينة أنه «لن يوصل إلى نتيجة». وقال إن خيار ترشيح سليمان «وجع ألمّ بنا»، ليس بسبب الشخص، «لكن بسبب تعديل الدستور واستمرار التقليد والمتعلق بتناوب العسكر على منصب الرئاسة».

الأحدب يرشح الحريري لرئاسة الحكومة

ومع جزم عدد منهم بأن جلسة مجلس النواب غداً «باتت في حكم التأجيل»، واصل نواب الموالاة هجومهم على المعارضة، فقال النائب عمار حوري إن «السلة المتكاملة مجرد حجة»، وإنه «لا نية صادقة لدى الطرف الآخر في الحل». ومع أنه مُطلِق كلمة سر التعديل الدستوري، ردّ على مطالب المعارضة بالقول إنه «لا مجال لأي تجاوز للدستور، ولا للاعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية، ولا لخرق الاستشارات النيابية الملزمة التي حددها الدستور، والاعتداء على صلاحيات رئيس الوزراء العتيد في مشاوراته المقبلة»، واصفاً هذه الطروحات بالـ«هرطقة».
ودافع النائب مصباح الأحدب عن الموافقة على تعديل الدستور. وأعلن أن رئيس تيار المستقبل مرشحه لرئاسة الحكومة المقبلة.
وأمس، حسم الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ فيصل مولوي، موقف الجماعة إلى جانب الموالاة، بقوله إن «عون ـــــ ومن خلفه المعارضة ـــــ مستمر في فرض شروطه التعجيزية، ولو أدى ذلك إلى تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية وإطالة أمد الفراغ الرئاسي». ورأى أن معالجة المشاكل «لا يمكن أن تتم دفعة واحدة»، وأن انتخاب رئيس جديد «مدخل لإعادة إنتاج السلطة، ثم لطرح الأمور الخلافية عليها». وأضاف أن الموالاة أقدمت «على تضحية كبيرة عندما تخلت عن مرشحيها» لمصلحة سليمان، وكان «من المفترض أن تبادر المعارضة إلى القبول به دون شروط».
كنعان: الحل بالجملة يزيل العراقيل
وفي المقابل، اتهم النائب إبراهيم كنعان الموالاة بأنها «تتذرع وتهول بالفراغ لإمرار ما تريده»، مشيراً إلى رفضها سابقاً ترشيح سليمان و«تهويلها اليوم للإيحاء والقول: إما العماد سليمان وإما تتحمل المعارضة المسؤولية». ورفض «البلف» السياسي والحل «بالمفرق مع تكريس بقاء الأزمة»، مطالباً بحل «بالجملة يزيل العراقيل، ولا سيما من أمام الرئيس نفسه». كما رفض «التذرع بالمواقيت، مثلما حدث في الانتخابات النيابية عام 2005، لإمرار الصفقات على حساب المسيحيين».
على صعيد آخر، وفي بيان لمناسبة ذكرى ولادة مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، كمال جنبلاط، حمل منسق «الحركة الإصلاحية» في الحزب رائد الصايغ، على من سمّاهم «سماسرة وتجار الحزب»، وأعلن عن «عشرات الاستقالات» منه. وخاطب الراحل بالقول: «السياسة التي اتبعها وليد جنبلاط أوصلتنا إلى طريق مسدود، ونسمع الآن بمحاولات للعودة إلى السياسة السابقة عبر رسائل «طلب الرحمة والغفران» أو رسائل مضادة من حفيدك تيمور الذي نؤيد كلامه وعسى أن يستطيع إلى ذلك سبيلاً».
جنوبياً، نفى الناطق باسم الكتيبة الفرنسية، النقيب فاليريا أن تكون دوريات الكتيبة ونشاطاتها «تحمل أي طابع لرفع درجة الحذر»، أو «أن تكون لديها أية معلومات أو احتياطات مسبقة من أحداث أمنية كبيرة قد تحصل في الجنوب»، مؤكداً أن الدوريات «عادية وضمن المهام الطبيعية».