سارة أنطون
«من أصل مئة تلميذ يدخلون إلى كنف المدرسة في لبنان، خمسة وعشرون يُطفئون مشعل العلم قبل الصف التاسع الأساسي». هذا الواقع الأليم الذي أعلنه المجلس الأعلى للطفولة في عام 2007، تؤكده لائحة مطوّلة من النسب التي تؤسس سجناً من دون أن تقفل مدرسة. وفي إطار خطواتها لدرء خطر التسرب المدرسي، نظمت الحركة الاجتماعية بتمويل من الاتّحاد الأوروبي منتدى بعنوان «التعليم واقع وآفاق»، في كلية العلوم الإنسانية في الجامعة اليسوعية.
وعرض المنتدى على مدى يومين ملفّات تربوية عمل عليها تحالف اللّجان البلديّة الذي انبثق من المنتدى السابق للجمعية العام الماضي. كما قدّم مقاربات تربوية شددت على دور التربية في إرساء المواطنية منذ نعومة الأظفار، إضافة إلى سبل نشر ثقافة حقوق الطفل في المناهج المدرسية.
وأوضح ممثل لجنة بلديّة حارة حريك حسين عبّاس أن بيئة المدرسة الرسمية تعاني تدني التجهيزات، إلى جانب حاجة الكادر التعليمي إلى مزيد من التدريب، مشيراً إلى أنّها تصبح أكثر تراجعاً مع تلامذة الدوامين، حيث هناك نقص في ساعات التعليم قد يصل إلى 73 ساعة أقل من زملائهم في دوام ما قبل الظهر.
وإذا كان الوضع الاقتصادي يؤدي دوراً في تشجيع الأهل على قرارات تصبّ في خانة التسرّب المدرسي كعمالة الأطفال أو التسجيل المتقطّع في المدرسة، فإنّ الدراسات تشير إلى أنّ نسبة كبيرة من الذين يتخلّون عن تحصيلهم العلمي كانوا ضحايا العنف المدرسي. وأشار المحامي طوني فرسان من لجنة تنسيق مؤسسات برج حمّود وسنّ الفيل إلى أنّ الفرق بين «العنف في المدرسة» و«العنف المدرسي» هو أنّ الأوّل قد يكون عنفاً صادراً عن تلميذ أو أستاذ في المدرسة، أمّا المفهوم الثاني فهو العنف الممنهج والمتغلغل في السلوك المعتمد في المدرسة. وفيما منع القانون الرقم 1130 م، الصادر في أيلول 2001 أيّ تأديب، أو عبارات نابية أو عقاب جسدي، تبقى الثغرة في غياب آلية محاسبة المربّين. واقترح فرسان وضع ميثاق سلوكي في المدارس في انتظار السيرورة الطويلة الّتي يتطلبها تشريع خاص بالعقوبات.
إلى جانب العوامل الخارجية هناك الصعوبات التعليمية، وهي عامل داخلي وفردي ناتج من قضايا فيزيولوجية ونفسية. ففيما يخصّص عدد قليل من المدارس اللّبنانية قسماً بالصعوبات التعليمية، رأت سوزان جبّور من لجنة بلدية طرابلس أنّ التعامل في هذا الخصوص شبه غائب في المدارس الرسمية، إذ أوضحت الدّراسة التي أطلقتها اللّجنة البلدية أن تعاطي الإدارة مع الحالات، إن تمكّنت من تشخيصها، يقتصر على «الحثّ على التقدّم، استدعاء الأهل، متابعة مع المعلمين لوضع الحالة، من دون اتباع أي تكييف للبرنامج بحيث يتماشى مع وضع التلميذ».