149; آلية التعديل الدستوري تنسف الاحتمال السادس لانتخاب رئيس للجمهورية
أطاحت «لا جلسة» أمس، بكل التوقعات: لم تؤجل ليلاً ولا صباحاً، ولم تعقد ظهراً لا للتعديل ولا الانتخاب ولا للتشاور، وأرجئت على غير عادة لأربعة أيام فقط. فيما غادرنا الموفد الدائم بموقف رمادي فيه الكثير من «ربما»

كانت كل المعطيات تشير الى إمكان حدوث أمر ما يريح الكتلة الشعبية، فالمعاني كلها حضرت: التنمية والتحرير والوفاء والتغيير والإصلاح، في لقاء ديموقراطي لمقاومة الفراغ، حتى المستقبل كان حاضراً، بعض المدارس أُقفِل، والطرقات التي بقيت مفتوحة اختنقت بالسيارات، وسائل الإعلام تتابع الحدث لحظة بلحظة، في انتظار اللحظة المنتظرة، وكل ذلك انتهى ببيان مقتضب بتأجيل جلسة مجلس النواب الى يوم الثلاثاء المقبل عسى ولعل.

توافق جدّي وخلاف على الآلية؟

وإذا كان بيان التأجيل السابع، لم يذكر الأسباب، فإن تصريحات النواب أوحت بتصدّر آلية التعديل الدستوري للائحة المواضيع الخلافية، وبروز عقدة رفض المعارضة لمرور التعديل على حكومة لا تعترف بشرعيتها منذ أكثر من عام، في مقابل إصرار الموالاة على هذا المعبر، إلا أنهم جميعاً تحدثوا عن مخارج وتوافق، مع تفاوت بتحديد النسبة.
فالنائب ميشال المر، كشف بعد لقائه الرئيس نبيه بري عن وجود مشروع عريضة للتعديل جرى التوافق عليها بين رئيس المجلس والنائب سعد الحريري وكتلة الوفاء للمقاومة، وأنه سيتم تحضيرها وتنقيحها من جانب قانونيين، ثم توقيعها من عشرة نواب مناصفة بين الموالاة والمعارضة. وذكر أنه سيجري الاطّلاع على الصيغة يوم الثلاثاء المقبل قبل جلسة الانتخاب.
وإذ أكد الوزير جان أوغاسبيان الجو التوافقي، أشار الى وجود «فكرة» لحل مسألة آلية التعديل، تتمثل بعودة الوزراء المستقيلين «على أن يتم التحفظ على القرارات التي كانت قد اتخذتها الحكومة طيلة فترة استقالتهم، وبعد أن توافق الحكومة على الاقتراح تعيده الى المجلس الذي يجتمع ويوافق عليه بأغلبية الثلثين». وتوقع عقد جلسة التعديل الثلاثاء المقبل، ثم تُرفع لتُفتح جلسة الانتخاب «إذا كانت النيّات صادقة والتوافق قد جرى بشكل نهائي».
كذلك أكد النائب سمير الجسر وجود «توافق جدي»، مشدّداً على ضرورة «أن يتم التعديل بشكل دستوري وإلا فإننا نكون بذلك نعرض عملية الانتخاب للطعن». وأمل النائب بهيج طبارة السير بالآلية التي وضعها، مشدّداً على ضرورة مرورها على الحكومة «أي بمعالجة موضوع الحكومة».
لكن النائب علي حسن خليل، رأى أن الحديث «عن تفاهم نهائي على صيغة دستورية، كلام غير دقيق»، مؤكداً أن الخيارات «ستحصل بالتوافق»، ولم يستبعد الدعوة الى جلسة للتعديل «وفقاً لتطور النقاش إذا جرى التوافق النهائي». وقال إن عون «جزء من النقاش المفتوح. آراؤه ومبادرته وأفكاره كلها يجري التداول بها».
أمّا الوزيرة نائلة معوض، ومثلما انفردت بالحديث من على منبر المجلس، انفردت أيضاً بإطلاق رشق هجومي على المعارضة، متهمةً إياها بالعرقلة، وخصّت بري بدعوته الى أن «يتوقف عن العرقلة»، و«أن لا يكون المنفذ للانقلاب على الدستور»، قائلةً إن «تعديل الدستور لا يمكن أن يمر إلا بحكومة غير مستقيلة، شرعية، هذا واضح جداً».
واتهمت النائب ميشال عون بأنه «واجهة» للمعارضة، و«لمزيد من المحور السوري ـــــ الإيراني»، «بعنوان الحفاظ على حقوق المسيحيين». وقالت: «لا أحد يضحك علينا بهذا العنوان. الفراغ في موقع رئيس الجمهورية هو أكبر انتهاك للمسيحيين في لبنان ولحقوقهم»، وطالبته بـ«ألاّ يكون واجهة لتدمير الدولة والدستور والمشروع السيادي والاستقلالي، وألّا يكون الواجهة لمزيد من الأطماع السورية والإيرانية».

ليس عليه أن يحقّق أي شيء!وعن يوم الثلاثاء، قال: «قد يكون هناك نجاح كامل»، مشيراً إلى أن الرئيس المقبل «مقبول من كل الطوائف». لكنه أضاف: «ربما هناك عوائق وسيكون هناك دائماً عوائق، يوماً نكون متفائلين في لبنان وفي يوم آخر متشائمين، لماذا؟ لأن هناك المواجهات السياسية العادية الضرورية في الديموقراطية، ولكن مبالغ بها في لبنان».
وبالطريقة نفسها، تحدث عن «تطوير الاقتصاد والاهتمام بالديون وإعادة بناء هذه الجمهورية اللبنانية»، و«هناك أيضاً إمكان المواجهة». وقال: «إنها المرة السابعة التي يأتي فيها وزير خارجية أجنبي، قد يصير سخرية ويقولون إنه لم يستطع تحقيق شيء، ليس علي أن أحقق أي شيء، علي أن أكون بجانبكم كأخ وهذا ما حاولت أن أفعله». وخلص الى القول: «مهما كان، هناك فرص كبيرة للإخفاق، أنا سعيد لأنني أمضيت هذه الأيام مرة أخرى معكم، ورغم أنني أخللت بواجباتي كوزير للخارجية مع دعم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي من الممكن أن تروه في يوم من الأيام، لدي شعور بأنني أكملت واجبي».
ورداً على سؤال قال إنه سيعبّر عن رضاه حين يُنتخب الرئيس، مبدياً سعادته لأن «العوائق يجري تذليلها الواحدة تلو الأخرى»، و«ستزال كلها». وأشاد بعون الذي «قدّم تضحية قيّمة بالتخلي عن الرئاسة»، ورأى أنه سيكون مفيداً جداً للبنان لأنه «من القليلين والنادرين الذين يتحدثون في السياسة عن مصير جميع اللبنانيين والذي يطرح مشاريع مفيدة».
وربط إمكان عودته الى لبنان بـ«المنتخِبين والخيار الذي سيتخذونه يوم الثلاثاء المقبل»، قائلاً إنه سيأتي للتهنئة إذا «جاء رئيس ومن ثم رئيس وزراء».
وأكّد أن تشكيلة الحكومة ستكون من مجموع الأحزاب الممثّلة في البرلمان. ونفى علمه بمن سيكون رئيساً للحكومة الذي «لا بد أن يكون مقبولاً من رئيس الجمهورية». وتمنى مشاركة عون و«أن يقدم الاقتراحات التي يطلبها في تطوير الجمهورية». كما تمنّى انتخاب رئيس يوم الثلاثاء «وهذا ما أتوقع حصوله».
وإذ أشار الى أنهم كانوا متفائلين مساء الخميس «واليوم (أمس) لم نكن متفائلين»، ختم بالقول: «جئنا نعبّر عن رضانا، ومرة أخرى سيكون ممتعاً ما بحثنا فيه وخاصة إذا نجح الأمر، هذه هي الديموقراطية».

جعجع يكشف كلمة السر

وكان كوشنير قد اتصل بالبطريرك الماروني نصر الله صفير الذي تلقى أيضاً اتصالاً من الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان.
وأبدى رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، في اتصال مع بري، ارتياحه لـ«التقدم في موضوع الاستحقاق الرئاسي»، بحسب الخبر الموزّع عن الاتصال.
كذلك حضر لبنان، في اتصال أجراه رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي، بالرئيس السوري بشار الأسد. وذكرت وكالة الأنباء السورية أنهما استعرضا «التطورات في لبنان والمشاورات السياسية الجارية فيه»، إضافة الى ما يطرح عن «عملية السلام في المنطقة فى الفترة المقبلة».
وفي إطار المواقف وتحركات ما بعد التأجيل وقبله، استقبل الحريري مساء أمس السفير السعودي عبد العزيز خوجة، والنائب السابق نسيب لحود والوزير محمد الصفدي.
وأعلن المكتب الإعلامي لرئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية، عن اجتماع مطوّل بين سمير جعجع والحريري ليل الخميس ــــــ الجمعة، وأنهما شدّدا «على عدم الرضوخ للابتزاز من جهة، وعلى الذهاب بأسرع وقت ممكن لانتخاب رئيس جديد للبلاد من جهة أخرى، الأمر الذي يمثّل بداية فعلية لإعادة التوازن للدولة ونقطة انطلاق لعودة المسيحيين العملية إليها».
وأمس قال جعجع إن ما حصل في المجلس كان متوقعاً، حاصراً العراقيل «بإيجاد الآلية الدستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية فقط لا غير». ورأى أن «كلمة السر أتت بالأمس للطرفين حزب الله وأمل، فقررا المشاركة بإجراء الانتخابات الرئاسية».
وفي موازاة ذلك، ومع بدء التداول غير المعلن بأسماء المرشحين للرئاسة الثالثة، التي كان نجماها أمس الوزير خالد قباني والنائب بهيج طبارة، أعلن النائب محمد كبارة أن الوزير محمّد الصفدي «من الممكن أن يترشّح» للمنصب «إذا جرى التوافق عليه من 14 آذار»، مؤكّداً في الوقت نفسه «أنّ الأمر ليس مطروحاً للبحث خارج الإجماع عليه».