149; العريضة النيابيّة أنجزت و«تكتّل التغيير» يدعو الحريري إلى ملاقاته في منتصف الطريق
قبل 24ساعة من الموعد الثامن لانتخاب رئيس الجمهورية، لم تتظهّر صورة جلسة الثلاثاء لتعثر الاتفاق السياسي الكامل من جهة، ورفض الموالاة استقالة الحكومة من جهة أخرى، وهما أمران تعتبرهما المعارضة ممر التعديل الدستوري

ينتظر أن تتكثف الاتصالات في الساعات القليلة الفاصلة عن جلسة غد لتذليل العقبات أمام إنجاز التعديل الدستوري، والتي تتمثل بعقدتين أساسيتين: الأولى سياسية تتمحور حول رئاسة الحكومة المقبلة، والثانية قانونية تتعلق برفض المعارضة تحويل التعديل الدستوري إلى الحكومة والمطالبة باستقالتها لإتمام التعديل داخل المجلس النيابي.

اتّفاق على ثلاثة عناوين

فعلى الصعيد السياسي، أكدت أوساط المعارضة وجود تقدّم في بعض النقاط، وخصوصاً حول الشراكة وقانون الانتخاب، مشيرة إلى أن العقدة أمام الحل الكامل هي في تمسّك رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري برئاسة الحكومة، وأوضحت أن تحفظها على تولي الحريري هذا المنصب مرده إلى أنه يعيق تنقية العلاقات اللبنانية ـــــ السورية.
وبالرغم من رفض الموالاة البحث في هذا الموضوع قبل انتخاب رئيس الجمهورية، فإن حل هذه العقدة معلّق على موقف النائب الحريري بعد عودته من المملكة العربية السعودية.
وفي هذا الإطار، أكد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب كميل خوري «حرص العماد ميشال عون وتكتله على الوصول إلى حل ينقذ البلاد شرط أن يكون على قاعدة توافقية تقتضي تنازل الطرفين لمصلحة لبنان». وقال: «يتعيّن على النائب الحريري ملاقاتنا في منتصف الطريق»، معتبراً «أنه لا يمكن المعارضة أن تقبل به رئيساً للحكومة في ظل هذه المعادلة».
ورأى الوزير المستقيل محمد فنيش «أنه لا بد من أجل حل الأزمة السياسية القائمة، من أن تتضافر الجهود حتى لو استغرق ذلك بعض الأيام أو بعض الأسابيع للوصول معاً إلى حل ما بعد انتخابات الرئاسة»، فيما أكد عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله «أن المدخل للمعالجة الدستورية هو التفاهم السياسي، معلناً «أننا في مرحلة المشاورات والاتصالات لتذليل العقبات التي تعترض إنجاز التوافق على كيفية إدارة البلد ومن خلال تركيبة السلطة الإجرائية الجديدة»، وأكد أن عون هو إحدى ركائز الحل.
ورأى الوزير السابق وئام وهاب، بعد لقائه شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نصر الدين الغريب، يرافقه كبير مشايخ البياضة الشيخ أبو سهيل غالب قيس، أنه لا يجوز «أن يستمر الحريري معرقلاً للحل نتيجة تمسكه برئاسة الحكومة»، مؤكداً أن «لبنان أهم من رئاسة الحكومة». وشدد على «أن المعارضة لن تخون العماد عون لا سياسياً ولا أخلاقياً، ولا قدرة لها على خيانة من حمى الوحدة الوطنية»، داعياً إلى مناقشة ملاحظاته.
في المقابل، أعلن وزير الاتصالات مروان حمادة أنه تم «الاتفاق على ثلاثة عناوين: انتخاب رئيس الجمهورية مع تعديل الدستور، ضرورة قيام حكومة اتحاد وطني وقانون انتخابي جديد وعادل مبني على القضاء أو دائرة أصغر، ما يرضي الطوائف الصغيرة في لبنان»، مؤكداً أن لا شيء قابل للتفاوض غير هذه العناوين، وأعلن «أن الثلث الضامن في الحكومة الجديدة سيكون في يد رئيس الجمهورية».
أما عضو «التكتل الطرابلسي» النائب محمد كبارة فقد نبّه من أن «العناد ومحاولات فرض الشروط تهدد مشروع التسوية». وقال: «لن نسمح بتمرير المحاولات المحمومة لإلغاء الإطار الدستوريلاختيار رئيس الحكومة عبر استشارات نيابية ملزمة تنتهي باختيار رئيس حكومة قوي يفتخر به اللبنانيون بصورة عامة والمسلمون بصورة خاصة».
من جهته، لفت عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبو فاعور إلى أن هناك ضغوطاً جدية محلية وعربية ودولية يمكن أن تؤدي إلى حصول الانتخابات يوم غد الثلاثاء. ورأى أنه «لا مصلحة في استثناء أحد من التسوية السياسية، معتبراً أن العماد ميشال عون يجب أن يكون جزءاً من هذه التسوية، لكن هذه مسؤولية عون نفسه».
في غضون ذلك، كشف النائب بطرس حرب عن اتصال أجراه بالعماد ميشال سليمان عبّر له خلاله عن موقفه، لافتاً إلى أنه تمنى عليه «رفض الشروط التي تضعها بعض القوى السياسية، زعماً منها أنها لتقوية الرئيس فيما هي تكبّله وتضعفه، وأكد لي العماد سليمان عدم استعداده للموافقة على أي من هذه الشروط».

العريضة النيابيّة واستقالة الحكومة

ووسط الأجواء المتفائلة بإحراز تقدم على المستوى السياسي، بقيت العقدة الدستورية تراوح مكانها علماً بأن العريضة النيابية التي تطالب بتعديل الدستور لانتخاب العماد سليمان أصبحت جاهزة وستقدم إلى رئيس المجلس النيابي خلال ساعات، على ما أعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم.
إلا أن الإشكال هو في رفض المعارضة تحويل طلب التعديل إلى الحكومة وتصرّ على استقالتها أولاً.
وأكد عضو كتلة التحرير والتنمية النائب علي خريس «أن آلية التعديل أصبحت جاهزة تقريباً»، مشيراً إلى استعداد نواب حركة أمل «للتوقيع أول الناس». لكن، في الوقت نفسه، «لا يمكن أن نسجل على أنفسنا أننا أرسلنا هذا القانون إلى حكومة لا نعترف بها» وقال: «المطلوب هو أن تستقيل الحكومة قبل ساعة من انتخاب رئيس الجمهورية وتصبح حكومة تصريف أعمال، عندها تجتمع الحكومة وتوقّع على التعديل الدستوري»، «مؤكداً «عدم القبول بعودة الوزراء المستقيلين، وهذا أمر لا يمكن أن يحصل».
إلا أن الوزير مروان حمادة اعتبر أن استقالة الحكومة فخ، بينما رأى وزير الثقافة طارق متري أن المعارضة تطرح شروطاً لا يسمح بها أي نظام سياسي لانتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية، مؤكداً أنه لا يمكن تعديل الدستور بطريقة غير دستورية، وقال: «يجب أن ينطلق التعديل من مجلس النواب، ثم يمر بالحكومة، ثم يعود إلى المجلس»، معرباً عن ثقته بأن العماد سليمان يرفض أن يكون رئيساً يطعن بدستورية انتخابه في ما بعد.
بدوره، أكد وزير الإعلام غازي العريضي في حديث إلى قناة «المستقبل» الإخبارية أنه «حتى الآن ليس ثمة بوادر إيجابية لترجمة الاتفاق السياسي على انتخاب العماد سليمان وبدء مسيرة عهد جديد في تاريخ لبنان»، وقال: «الأمور مجمدة بسبب إصرار بعض المعارضة على سلسلة من المواقف غير الموضوعية»، معتبراً «أن كل القانونيين الكبار أجمعوا على دور الحكومة، ثمة إصرار على تجاوز هذا الدور أي على تجاوز الدستور لتعديل الدستور» ورأى أن المعارضة لم تقدم شيئاً حتى الآن.
وطالب النائب الياس عطا الله «قوى 8 آذار بالإقلاع عن نهج المناورات وتضييع الوقت وأن تبادر لعقد اجتماع رسمي لمختلف مكوناتها وعلى مستوى شخصيات الصف الأول لتحدد موقفها من الموضوع الرئاسي نهائياً، بديلاً لنهج تنسيق الأدوار. ولحين ذلك فإن قوى 14 آذار ستكون في حالة الجهوز والترقب ومتابعة العمل بشكل طبيعي، بحيث تقوم الحكومة بأعمالها والجيش وفقاً لموقفه يكون ضامناً للأمن الوطني. محمّلاً «المعارضة المسؤولية عن كل المضاعفات السلبية في كل المستويات الاقتصادية والمالية والأمنية».
في غضون ذلك، وبالرغم من تحفظه على تعديل الدستور، أعلن النائب غسان تويني ترحيبه بترشيح العماد سليمان لرئاسة الجمهورية، «لكنني أطلب منه أن يتذكر من قتلتهم المخابرات العسكرية جيلاً بعد جيل، وأحذره من الحكم بالأدوات التي يحكم بها العسكر عادة».

صفير يفضّل التعديل على الفراغ

وفي المواقف من الأزمة الراهنة وتداعياتها، أكد البطريرك الماروني نصر الله صفير في عظة قداس الأحد أن اللبنانيين ينتظرون بفارغ الصبر الانتهاء من عملية انتخاب رئيس للجمهورية، على الرغم من كل المصاعب. واعتبر أنه «إذا كان لا بد من تعديل الدستور، فلا بأس اذا كان الخيار بين تعديله والفراغ. فالتعديل أفضل من الفراغ». ورأى أن «الطموح مشكور، لكنه إذا تجاوز الحدود أصبح ضرباً من الخيال. وما من أحد بإمكانه أن يستسلم لخياله، وإلا يكون قد خرج على الواقع المعاش».
في هذه الأثناء، جدد النائب مصباح الأحدب حملته على وزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي، مؤكداً أنه «فشل سياسياً» وأن مواقفه حول نصاب انتخاب رئيس الجمهورية «أضعفت موقف قوى 14 آذار». وقال: «أما انتقادي لأدائه كالموضوع الشهير في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، فليس لأنها محاولة لإدخال شركة تخصّه، بل لأن ذلك خطأ»، متسائلاً «عن إنجازات الصفدي في الشمال كما في كل لبنان إن في السياسة أو في المشاريع الحيوية».