149; السنيورة يرفض الاستقالة والتسوية و«المستقبل» يواصل حملته على برّي
المعارضة توكل الى عون التفاوض مع الأكثرية للوصول الى تفاهم خطت المعارضة خطوة نوعية متجاوزة ضغوط الموالاة عليها إثر اغتيال اللواء فرنسوا الحاج لدفعها الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل التفاهم السياسي، فيما رفض رئيس الحكومة أي تسوية مرجئاً حل الخلافات إلى ما بعد الانتخاب

ما زال لبنان تحت وطأة صدمة اغتيال رئيس غرفة العمليات في الجيش اللبناني، اللواء فرنسوا الحاج، الذي يشيّع اليوم في مأتم رسمي وشعبي في بلدته رميش، وسط حداد عام وإقفال للجامعات والمدارس الرسمية والخاصة. وفيما حاولت الموالاة جعل الجريمة تسرّع إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل الاتفاق على «سلة» المعارضة، ردّت الأخيرة بخطوة استعادت من خلالها زمام المبادرة، بتفويضها رئيس «تكتل التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، التفاوض باسمها مع الأكثرية للوصول الى تفاهم.
هذا القرار أعلنه العماد عون، نفسه، بعد ترؤّسه اجتماع التكتل، أمس، معرباً عن استعداده للانفتاح «على كل من يرغب في التفاهم أو التفاوض معي للوصول إلى إنقاذ الوطن»، وأشار إلى أن «هناك ورقة يجري الحوار على أساسها، وانطلاقاً منها نعلن إذا اتفقنا أم لم نتفق»، رافضاً الكشف عن مضمون الورقة إلّا أثناء التفاوض.
وأكد أن «الوطن لا يحيا بالمحاصصة ولا بالمنهجية التي نعيش في ظلها اليوم»، مشدّداً على وجوب «التوصل إلى منهجية حكم في الدرجة الأولى، وإعطاء الحقوق المتأخرة للناس، وهي ليست حقوقاً مكتسبة أو مكاسب بل حقوق أساسية مستحقة، ومن بعدها تصحيح القوانين والتغيير»، وقال: «أنا صامد ولا أقبل بحلول تمثّل استمرارية للماضي. وأنا لا أتراجع إلا مقطوع الرأس».
وشدد على أن يكون هناك ضمانات للتفاهم، إذا تم، والضمانت هي «الأشخاص الذين سيتولّون شؤون الحكم من جانبنا، ومن جانب قوى السلطة، لذلك، نسعى الى تفاهم معهم قبل تأليف الحكومة».
وأشار إلى أن «البلد هادئ فقط لأن هناك إرادة داخلية محلية بعدم التقاتل، لكنهم لا يتركون إرادتنا بعدم التقاتل فيغتالوننا، وكأننا مجبرون على الصراع»، وأضاف: «نحن لا نريد أن يقتل بعضنا بعضاً ولذلك يقتلوننا».
ورأى أن اغتيال الحاج هو «محاولة لضرب مؤسسة الجيش في مرحلة دقيقة جداً من تاريخ لبنان»، آملاً ألّا يكون هذا العمل بداية لمسلسل آخر، ولاحظ أن «السيناريو ذاته يتكرر: تصعيد سياسي، تبشير بحوادث أمنية، اغتيال ثم مطالبة بحدث سياسي معين وإتمام عملية معينة في لبنان»، لافتاً الى أن «قضية المحكمة الدولية استهلكت الكثير من الشهداء، والآن قضية الانتخابات؛ تصعيد سياسي من جانب الموالاة المحلية، واكبه تجاوب من مجلس الأمن الذي بشّرنا بعدم الاستقرار في بيانه الرئاسي، وجاء اغتيال العميد الحاج ومطالبة من الأمين العام للأمم المتحدة بتسريع عملية الانتخاب».
وسأل «ما الارتباط بين الاغتيال وانتخاب الرئيس؟ ما الارتباط بين تصريحهم الأول أنه سيحصل ضرب للاستقرار في لبنان وعملية الاغتيال؟ يبدو أنهم على اطّلاع كامل»، مؤكداً أننا «لن نكون كالأرانب كلما «زركونا» نركض الى جحرنا ونختبئ... سوف نبقى على سطح الأرض، ولا نقبل أن نسير كأغنام».
واذ رأى أن «هذه الحكومة ساهرة على عملية القتل إن لم تكن شريكة فيها»، أكد عون أن «منطق اتهام المعارضة يجب أن يكسّر»، وقال: «بعض المراجع لا يفهمون التحولات في المنطقة، ولا يزالون يتهمون إيران وسوريا بالقتل، ويتهموننا بتشكيل غطاء لهما وكأنهم ليسوا في هذا البلد. أريد أن أعرف من يلقّنهم ذلك. هذا الموضوع لا يجوز أن يستمر إطلاقاً».
ونفى عون رداً على سؤال، أن يكون حليفاً لسوريا، مؤكداً أنه ينشد الصداقة معها على مستوى بلدين.
من جهته، أوضح المسؤول في «التيار الوطني الحر» سيمون أبي رميا أن عون سيفاوض «حول ورقة جديدة هي عبارة عن المبادرة التي تقدّم بها في السابق، وأُعيدت كتابتها بطريقة جديدة». وأشار الى أن الورقة «تتضمن سلة متكاملة تتناول الحكومة ورئاسة الحكومة وقانون الانتخابات والتعيينات الأمنية والمهجرين وكل النقاط التي كانت موجودة في مبادرة عون».

السنيورة ينتظر جلسة الاثنينوعما إذا اكانت الحكومة سترسل مرسوم مشروع تعديل الدستور الى المجلس النيابي، قال السنيورة خلال احتفال اقتصادي في السرايا الحكومية: «ننتظر جلسة الاثنين المقبل».
وخلال افتتاح الدورة الـ51 لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، أطلّ السنيورة من خلال شاشة مثبّتة في قاعة المحاضرات، ليحمّل المعارضة مسؤولية عدم عقد جلسة لانتخاب رئيس للبلاد، وإرباك عمل مؤسسات الدولة، معتبراً أن «الأزمة الحالية» والأزمة الممتدة منذ 3 عقود مسؤولة عن الوضع الاقتصادي المتردي وهجرة الشباب اللبناني.
وإذ تحدث عن «التلاقي والتوافق» ورغبته فيهما، قال إن ما يحول دون ذلك هو «اختلافات الرؤى والمصالح والأنانيات والتدخلات الخارجية».
وتلقّى السنيورة اتصالين هاتفيين من كل من مفوض الأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، ورئيس الحكومة الإيطالية، رومانو برودي، للتعزية باستشهاد الحاج، والاطّلاع على تطورات الأوضاع في لبنان.

اتهام سوريا بعرقلة الاستحقاق

من جهة أخرى، نسبت بعض وسائل الإعلام الى البطريرك الماروني نصر الله صفير أسفه لما وصفه بـ«ارتهان» فئة من اللبنانيين لم يسمّها إلى الخارج، و«تلقيها الأوامر من سوريا وإيران على حساب مصلحة الوطن»، معتبراً أن الحل في لبنان «لا يبدو سهلاً». وأضاف، بحسب ما نقل عنه إنه «في ظل شبه الإجماع على شخص قائد الجيش العماد ميشال سليمان، رئيساً توافقياً مقبلاً للبنان، لم يعد من مبرر للفراغ في الوصول إلى حل لرئاسة الجمهورية».
وكان صفير قد عرض موضوع الاستحقاق الرئاسي مع وفد من «قوى 14 آذار»، ضمّ النائب سمير فرنجية والنائب السابق فارس سعيد وأنطوان الخواجة، وأوضح فرنجية بعد اللقاء أنه جرى التركيز خلال اللقاء «على ضرورة التعجيل في العملية الانتخابية لمنع الفراغ، ولإعادة الأمور الى نصابها، أي الى المؤسسات»، متّهماً سوريا بمنع حصول الاستحقاق الرئاسي،واصفاً العوائق الدستورية بأنها شكلية.
كما التقى صفير المستشار السياسي لرئيس «تيار المستقبل» الدكتور داود الصايغ، ووفداً من الرابطة المارونية برئاسة الدكتور جوزف طربيه، الذي شدد بعد اللقاء على أن «الفراغ في سدة الرئاسة قاتل للبنان وللسياسة وللاقتصاد، ولأبناء لبنان».
في هذه الأثناء، واصل نواب كتلة المستقبل حملتهم على رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، ورأى النائب نبيل دو فريج أن بري «ما زال يتكلم بالمنطق نفسه، الذي يتكلم به (الرئيس السوري) بشار الأسد مع الفرنسيين، عندما يقول «اذهبوا واتفقوا مع العماد ميشال عون»، مع أن الرئيس بري يعرف تماماً أن عون يقول «أنا أو لا أحد». واتهم رئيس المجلس بأنه «لا يريد تطبيق الدستور، ولا يريد أن يجمع مجلس النواب».

خيوط جدية في التحقيق

على صعيد التحقيق في جريمة اغتيال اللواء الحاج، كشف وزير الدفاع الياس المر التوصل الى خيوط جدية متقدمة كثيراً، رافضاً الإفصاح عنها، واتّهم كل من يريد استهداف الجيش اللبناني، والسلم الأهلي، بارتكاب الجريمة. وكشف أن الحاج كان المرشح الأساسيّ له، و للرئيس السنيورة، وللنائب سعد الحريري، وللعماد سليمان لقيادة الجيش.
وفي نيويورك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه تلقى رسالة من السنيورة تطلب «مساعدة تقنية» في التحقيق باغتيال الحاج، موضحاً أن «الحكومة طلبت أن تكون لجنة التحقيق الدولية المستقلة على اتصال مع السلطات اللبنانية المعنية لذلك الغرض»
الى ذلك، ركّزت وسائل الإعلام السورية على جريمة اغتيال اللواء الحاج، ورأت صحيفة البعث في افتتاحيتها، أمس، أن «الاغتيال رسالة مسبّقة لترسيم حدود صلاحيات الرئيس الموعود، ولاستصدار قرار جديد من مجلس الأمن، يمد الفريق اللبناني الحاكم بجرعة إضافية للبقاء».
ورأت أن «الحاج استشهد على مذبح الأكثرية، التي لا تزال تمارس لعبة حافة الهاوية، حتّى وهي في طريقها إلى الاضمحلال».