strong>وفاء عواد
تأجيل تاسع.. وجلسة عاشرة حدّد موعدها الرئيس نبيه بري يوم السبت المقبل.. وخلاصة يوم أمس انصراف النوّاب الـ102 الذين حضروا إلى ساحة النجمة، من دون أن يتمكّنوا من انتخاب الرئيس العتيد، فدخل لبنان أسبوعاً رابعاً من الفراغ في سدّة رئاسته الأولى.
إذن، أضيفت اللاجلسة التاسعة إلى سابقاتها في سجل التأجيل، ولم يكتب لها أن تكون «الفرصة الأخيرة»، إذ عاكست رياح مجرياتها ما كانت تشتهيه «سفن» الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ولو أن إيجابياتها كشحت بعض الغيوم في سماء مواقف طرفي الموالاة والمعارضة، واضعةً نتائج جلسة السبت في ذمّة المفاوضات الدائرة حول نسبة التمثيل الوزاري. أمّا التعديل الدستوري فـ«ليس موضوعاً مهمّاً»، على حدّ تعبير «عرّاب الاقتراحات» النائب ميشال المرّ، ومعظم النوّاب «يمشون عالعميانة» مع الصيغة الموجودة في «جارور» الرئيس برّي.
وفي المحصّلة، فإن التواصل بين نوّاب الفريقين كان «آمناً وسالكاً».. نجحوا في تخطّي «عقدة» التعديل الدستوري، إلى حدّ تغييبها عن أجواء تصريحاتهم، وبقيت «عقد» السياسة تنتظر «ردم الهوّة» القائمة بين مواقف الطرفين، وإن جرى الإتفاق على «حلحلة» بعض تفاصيلها، والمتمثلة بفتح باب التفاوض حول الصيغة التي اقترحها النائب المرّ للتشكيلة الحكومية (14 للموالاة، 10 للمعارضة، و6 وزراء لرئيس الجمهورية)، على أساس مراعاة عدم حصول الموالاة على النصف المقرّر وعدم حصول المعارضة على الثلث الضامن، بما يترك للرئيس العتيد «الكفّة المرجّحة» في اتخاذ القرارات المستقبلية، إضافة إلى الاتفاق على: تحديد مدة ولاية الرئيس بـ6 سنوات، اعتماد القضاء دائرة واحدة في قانون الإنتخاب، وتركيبة المجلس الدستوري.
أما الحديث عن تأجيل جلسة انتخاب الرئيس العتيد، فلم يكن بالنسبة إلى الصحافيين حديثاً مثيراً، أو حتى خبراً، إلى حدّ جعلهم لا يديرون بالاً إلى جرس لم يقرع أصلاً لدخول القاعة، لأن همّهم كان محصوراً بمراقبة الخارجين من الباب المؤدّي إلى مكتب رئيس المجلس، حيث كانت «الطبخة» تعدّ: اجتماع مع نواب من كتلتي «الوفاء للمقاومة» و«التحرير والتنمية»، توسّع ليضمّ نواباً من «كتلة المستقبل» و«اللقاء الديموقراطي». لقاء بين الرئيس برّي والنائب وليد جنبلاط لمدة نصف ساعة. فاجتماع مع ثلاثة نوّاب من «تكتّل التغيير والإصلاح». وتتويج للّقاءات باجتماع ثنائي جمع الرئيس برّي والنائب سعد الحريري لمدة ثلاثة أرباع الساعة.
هي «الحواجز» التي منعتهم من الاقتراب أكثر، ووحدها المناداة كانت الوسيلة الوحيدة لاستدراج النواب للتصريح والدردشة أو الاستفهام عن شائعة تطلق من هنا أو معلومة تسرّب من هناك.. تحاليل واستناجات كثيرة وأجوبة عامة «ضبابية» طغت على تصريحات معظم النوّاب، ولو أنها لم تخرج عن إطار نقص معلوماتهم عمّا كان يدور على بعد خطوات في المكتب الذي اختصر المجلس ومشهده. النائب وائل أبو فاعور يقول: «الكل عم يحكي، وما حدا عارف شي». النائب غسان تويني يصل متأخراً ويسأل الوزيرة نائلة معوّض: «شو صار؟»، فلا يسمع سوى جواب واحد: «ما صار شي».
يطول الانتظار.. الساعة الأولى والثلث، يُتلى بيان التأجيل.. و«ما في خبر يطمّن»، على حدّ تعبير إحدى الصحافيات. ويأتي الخبر: «تقدّم في شأن الاتفاق على توزيع النسب، 17 للموالاة و13 للمعارضة. وحصّة رئيس الجمهورية محفوظة»، قبل أن يُعلن تسلّم الرئيس برّي رسالة تهنئة بالعيد من الرئيس فؤاد السنيورة.
النائب مصطفى علّوش الذي لم يترك وسيلة إعلامية «تعتب» عليه بدا منزعجاً بعض الشيء لأن المعارضين «بعدن مصرّين على السلّة المتكاملة». النائب بيار دكّاش بدا حائراً في أمر الحلّ الذي طاول الناحية الدستورية و«بقيت عالقة بالناحية السياسية». النائب اسماعيل سكريّة يشخّص ما يجري «طبياً»: «الأميركان يريدون بقاء حكومة السنيورة. ونقطة على السطر».. أمّا النائب حسن يعقوب فقلّل من أهمية «العقدة الصغيرة» الباقية، مبدياً تفاؤله لأن «الجو العامّ تغيّر»، و«80% من مبادرة العماد عون سلكت درب القبول بها»، مختصراً عنوان مفاوضات الساعات المقبلة بالقول: «هناك تذليل للعقبات البسيطة، ضمن مبادرة الرابية».
يطول الانتظار أكثر.. النائب عباس هاشم يرى أن النائب الحريري «لا يقبل إلّا بالبدء من حيث انتهى الرئيس السنيورة»، داعياً إلى قراءة فحوى زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية دايفيد ولش، والرسالة المكتوبة التي تلاها في السراي، فـ«إما أن نرضى بما تمليه علينا الإدارة الأميركية، أو أن نتأقلم مع حكومة السنيورة، إلى حين إنهاء ملفاتهم الإقليمية». يطلّ النائب بطرس حرب ليتحدث عن «العثرات السياسية»، مشيراً الى أن مردّ التأجيل الجديد هو لـ«إيجاد المخارج للمسائل السياسية العالقة»، إذ إن «العقبات الدستورية ليست مشكلة أمام الانتخاب». والنائب هادي حبيش يؤكّد: «لن نفاوض على شيء لا نملكه»، لافتاً إلى أن الطرح الدستوري الجديد يتركّز على تفسير بعض المواد، ما يستلزم «نقاشاً».
وفيما كان النائب سيرج طور سركيسيان يبشّر بأن «الأجواء جيدة»، معلناً استعداد النوّاب الموالين للنزول «كل يوم» إلى ساحة النجمة، إذا كانت «كل جلسة ستمثّل خطوة جديدة باتجاه الحلّ»، سارع النائب أنطوان زهرا إلى اعتلاء المنبر ليغرّد خارج سرب الأجواء الإيجابية والمناخات الهادئة، فينتقد «الملهاة، التي عنوانها سيادة الفراغ»، ويدعو الحكومة إلى «المبادرة فوراً لإقرار مشروع تعديل الدستور وإرساله إلى المجلس النيابي، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم»، خاتماً كلامه بالدفاع عن الرئيس الذي «يجب ألّا يكبّل بالشروط والسلل والإنجازات الوهمية».
إذن، انتهت اللاجلسة التاسعة منذرة بانفراجات، وبوعود مرتبطة بـ«الرئيس الملك».. إنصرف النوّاب: بعضهم تباطأ في المغادرة إلى «لاهويا هوم» حيث الملل من الإقامة هناك. بعضهم القليل صرّح ناقماً. كثيرون تحدّثوا عن «شكليات تجري حلحلتها». والقليلون منهم أخفوا أسرار الآتي بـ«قطبه المخفيّة». وفي بال الجميع بقي السؤال معلّقاً: هل سيحمل عيد الأضحى للأعياد التي تليه «عيديّة» الرئاسة؟