strong>عفيف دياب
• تبادل اتّهامات حول النيّات والسعي إلى تعطيل التفاهم


أخرج رئيس مجلس النواب نبيه بري من جيبه اقتراحه القاضي بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية من دون تعديل أو تفسير أو تعليق مادة من الدستور. فالاقترح الذي «وجده» النائب بهيج طبارة في المادة 74 من الدستور يحتاج إلى إجماع سياسي قد لا يتحقق

يؤكد أكثر من نائب مسيحي في فريق الأكثرية أن عقدة انتخاب قائد الجيش «ليست دستورية»، وأن «الموقف» السوري الرافض لأي توافق في لبنان هو المانع الوحيد الذي يعوق انتخاب رئيس. ويقول عضو اللقاء الديموقراطي النائب أنطوان أندراوس أن «النظام السوري الإرهابي يمنع التوافق في لبنان من خلال حلفائه، وهو لا محرمات عنده ويرفض كل الدعوات الدولية والعربية التي تطالبه بالضغط على حلفائه للسير في التوافق وانتخاب رئيس». ويضيف معبراً عن رأيه الشخصي أن اقتراح النائب طبارة «سابقة خطيرة، وأنا أتحفظ عن هذه الفتوى، لكن إذا كان الأمر ينقذ لبنان والجميع توافقوا عليه فلا مانع عندي من السير بهذا الاقتراح ولو طعن به أحد ما».
وتابع جازماً بعدما أكد أن لا جلسة انتخاب رئيس السبت المقبل قائلاً إن «اللقاء الديموقراطي هو مع التوافق، لكن المسألة ليست في الآلية الدستورية، بل هي محض سياسية، وحلفاء النظام السوري في لبنان لا يريدون التوافق وإنقاذ البلد. فالنظام الذي يغتال اللواء الركن فرنسوا الحاج لا محرمات عنده».
تحفظ النائب أندراوس تقابله أيضاً تحفظات «دبلوماسية» من تيار المستقبل الذي لا يجد في الوقت نفسه مانعاً في السير بـ«اجتهاد» النائب طبارة. ويؤكد عضو كتلة المستقبل النائب مصطفى علوش أن «المخرج الدستوري الوحيد هو عبر المادة 49 من الدستور، وبالتالي إلزامية العبور عبر الحكومة سواء كان اقتراحاً للتعديل منها أو عريضة من 10 نواب».
وقال إن: «اجتهاد طبارة عرض علينا في فترة سابقة، وقبل ارتفاع وتيرة الحديث عن التعديل الدستوري أو المخرج الدستوري لانتخاب العماد سليمان، وقلنا سابقاً رأينا في الموضوع، ورأينا في حينه الاقتراح ضعيفاً، لأنه قد يتعرض للطعن من أي فريق سياسي أو نيابي».
وعن موقف المستقبل من الاقتراح يضيف النائب علوش: «الاقتراح لا يمشي إلا إذا تحقق التوافق على تجاوز الدستور، ونحن موافقون مبدئياً على هذا الاقتراح إذا توافق الجميع ووقعوا على عدم اللجؤ إلى الطعن»، مؤكداً أن «اقتراح اعتماد المادة 74 قد يعرّض رئيس الجمهورية للاهتزاز، وبالتالي فإن المخرج المنطقي لانتخاب العماد سليمان هو في تعديل المادة 49 من الدستور». ويوضح في رد على سؤال أن «الاعتراض على الاقتراح ليس فقط من مسيحيي 14آذار ، وكما قلت نحن أيضاً لنا ملاحظات، ومن هنا نشدد على أهمية تفاهم الجميع حول تجاوز الدستور، ومنهم التيار الوطني الحر الذي، حسب اعتقادي، لا يريد التوافق على شيء يحول دون انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية»!
وفي المقابل أيضاً يرى التيار الوطني الحر في اقتراح النائب طبارة «مخالفة كبيرة للدستور»، ويقول عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب سليم عون أن «كل الخبراء الدستوريين أجمعوا على أن اعتماد المادة 74 لانتخاب العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية هو مخالفة دستورية، وهو أيضاً أكبر من خرق للدستور»، مبدياً اعتقاده أن الاقتراح «لن يجد طريقه إلى التنفيذ، لأن كثراً من الطرفين أبدوا اعتراضهم، وقد يسحب هذا الاقتراح من التداول، لأنه لا يجوز أن نعرّض الرئيس المقبل للطعن».
وأضاف نائب زحلة: «موقفنا في التيار الوطني واضح وصريح: لا يحق لنا أن نعدل الدستور، ونحن لا نثير هذا الموضوع، فهدفنا الوصول إلى حل يرضي الجميع، ولا نريد أن يقال إننا نعرقل التفاهم السياسي. لن نشارك في تعديل الدستور، لكننا لن نقف عقبة في طريقه».
وجدد النائب سليم عون موقف التيار الداعي إلى «إقرار الطرف الآخر للحق المسلوب منذ زمن. فالقضية ليست قضية دستورية، بل هي استعادة الحق المسلوب، وهذا ليس مطلباً شخصياً، فنحن نتعرض يومياً لضغوط من قاعدتنا الشعبية، لأن الجنرال عون تخلى عن الترشح لرئاسة الجمهورية. فهدفنا هو بناء الوطن، لكن لن نفرّط بالأهداف التي من أجلها كان عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية»، مؤكداً أن «حل الأزمة لا يكون إلا عبر اللقاء بالعماد عون، ومن لا يريد اللقاء به فهو يعرقل الحل».
ولكن عند القوات اللبنانية قراءة مختلفة لاقتراح النائب طبارة. فالنائب أنطوان زهرا الذي جدد موقف كتلة القوات الرافض للاقتراح، اكتفى بالقول إن «اقتراح طبارة بحاجة إلى تفسير، والتفسير بحاجة إلى إقرار من مجلس النواب، ومن ثم إرساله إلى مجلس الوزراء لإقراره أيضاً حتى يصبح قانوناً».

المادة 74

ويرد في المادة 74 من الدستور اللبناني ما نصه: «إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فوراً بحكم القانون. وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلاً تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء، ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الأعمال الانتخابية». ويتلخص اقتراح النائب بهيج طبارة بالعمل بهذه المادة، ما يسمح بانتخاب رئيس للبلاد دون المرور بآلية للتعديل الدستوري.

رأي في
القانون


يقول رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر أن هنالك اجتهادات وتفسيرات عدة، فالبعض يرى في قراءته للمادة 74 أن المشترع قصد خلو الرئاسة خلال ولاية الرئيس، لا خلال الشغور. فالدستور لم يلحظ شروط الانتخاب في حال الشغور، كما لحظ قانون الانتخاب الذي يخفض شرط فترة استقالة موظفي الفئة الأولى إلى 15 يوماً.
وأضاف: «لكن عندما تكون هناك أزمة وطنية كبرى، وخلاف كبير بين اللبنانيين حول عمل المؤسسات وشرعيتها، وعندما يتعذر انتخاب رئيس للجمهورية تم في الأساس الاتفاق عليه، لا بد من إيجاد المخارج الدستورية التي تضمن انتخاب الرئيس. وانطلاقاً من ذلك يمكن القول إن رأي النائب طبارة يجوز الاستناد إليه وفق المادة 74»، مبدياً اعتقاده بأن «لا إمكان للطعن، لأن الانتخاب يحتاج إلى الثلثين، والطعن يحتاج إلى ثلث النواب لتقديمه، ومن هنا فإن الاتفاق السياسي يبعد خطر الخوف من طعن ما برئيس الجمهورية».