ثائر غندور
لم تنتهِ تداعيات جلسة الاثنين بعد. كلّ طرف ينفي ما جاء على لسان الآخر، ليتفق الطرفان على أن جلسة السبت ستكون على الأرجح مماثلة لسابقاتها.
يقول الموالون إن ما نُقل عن الرئيس نبيه برّي غير صحيح. ويؤكّد أحد النوّاب الذين كانوا موجودين ضمن الاجتماع الموسّع الذي ضمّ 35 نائباً من المعارضة والموالاة مع برّي، أن الأخير أبلغهم أن موضوع رئاسة الجمهوريّة حُسم لمصلحة قائد الجيش، ولولاية ست سنوات. وأضاف النائب نقلاً عن برّي أن تسمية رئيس الحكومة تخضع للاستشارات التي سيجريها رئيس الجمهوريّة المُنتخب. ويضيف أن النائب ميشال المرّ قدّم عرضاًَ موجزاً للاتصالات السياسيّة التي جرت، خلاصته أن الأمور أصبحت بحكم المنتهية. لكن الجلسة لم تتم.
المعارضة تقول إن النائب سعد الحريري تراجع عن تعهّداته السابقة في موضوع الحكومة وقانون الانتخاب. وهو الأمر الذي ينفيه أحد نوّاب المستقبل. ويقول النائب إن الحريري كان قد بعث رسالة إلى الفرنسيين باللغة العربية مع ترجمتها الفرنسية بعد مناقشتها مع أركان 14 آذار. وتتحدّث هذه الورقة عن تهيئة الأجواء أمام الرئيس العتيد بعد إجرائه الاستشارات النيابيّة من خلال حكومة وحدة وطنيّة تتمثّل فيها الكتل النيابيّة، وتسعى لترجمة التوافق السياسي. كما تتضمّن الورقة موافقة على إقرار انتخابي عادل ومنصف، وإجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها. ويشدّد النائب أن هذا هو التعهّد الوحيد الذي قدّمه الحريري إلى الفرنسيين و«عدا ذلك غير صحيح».
ويقول إن برّي كان قد طرح أمام الحريري فكرة تمثيل الكتل النيابيّة حسب حجمها، و«هو الأمر الذي رفضه الحريري واعتبر أنه منوط برئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة». ويعتقد النائب أن الكتل النيابيّة والتحالفات السياسيّة لن تبقى على حالها، كما يرفض فكرة التفاوض مع النائب ميشال عون، إذ «لا يوجد ما نتفاوض عليه. فالورقة التي يطرحها هي نسخة عن ورقة أصليّة موجودة في جيب (نائب الرئيس السوري) فاروق الشرع الذي يتفاوض عليها مع الأميركيين، وإذا حصل توافق دولي فلا حاجة للنقاش حول النسخة».
بدورها، تضع المعارضة قراءتين لتراجع الحريري. الأولى تقول إن الرجل يتراجع لتحسين شروط التفاوض، والثانية ترى أنه يريد أن يتهرّب من الاتفاق حتى يُبقي الوضع على حاله. وتُضيف مصادر المعارضة أن الحريري لا يُمكن أن يجد نفسه في وضع أفضل من الوضع الحالي، «حيث حكومة السنيورة هي الآمر الناهي».
بين هاتين القراءتين، ترسم المعارضة لنفسها تحرّكاً على ثلاث مراحل:
1 ـ تفكيك شبكة الضغوط الدوليّة التي تدعم الموالاة. وترى المعارضة أن هذه الضغوط شرعت بالانحسار مع التحوّل الفرنسي الذي بدأ مع انتخاب الرئيس ساركوزي.
2 ـ العمل للوصول إلى اتفاق سياسي يتبنى مطالب التيّار الوطني الحرّ.
3 ـ المرحلة الثالثة مؤجّلة حتى نجاح المرحلتين الأولى والثانية، ولا تريد المعارضة الحديث عنها اليوم حتى لا تُتهم بممارسة التهديد. لكنّ مصادر معارضة تلفت إلى أن المرحلة الثالثة تهدف أساساً إلى الحفاظ على الحريّات العامة، وخصوصاً أن هناك بوادر استمرار لعمل النظام الأمني الذي يُحاول تقييد الحريّات العامّة والتدخل في الحياة السياسيّة، وهو لم يرحل مع رحيل الجيش السوري.