حسن عليق
اتهم القضاء الشبكة التي أوقِفت في حزيران الماضي في بلدة بر الياس بالإعداد لإطلاق صواريخ على مدينة زحلة وتفجير سيارات مفخخة فيها. وكشف القرار الاتهامي أن رئيس الشبكة قيادي بارز في تنظيم القاعدة، وأنه على علاقة بشبكات للتنظيم أوقفت سابقاً في لبنان. وأشار القرار إلى دور محوري لأعضاء من «عصبة الأنصار» في تدريب عناصر الشبكة

كشف القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر يوم الثلاثاء الماضي أن رئيس ما يعرف بشبكة بر الياس السعودي فهد المغامس، كان يتولّى التنسيق بين تنظيم «القاعدة» في لبنان وسوريا والخليج العربي. وذكر القرار أن المغامس، الموقوف في لبنان منذ حزيران الماضي، كان قد بايع في سوريا أمير التنظيم حسن نبعة، قائد مجموعة الـ13 التي تجري محاكمتها أمام القضاء العسكري اللبناني، وأنه بقي يعمل بإمرته حتى توقيف نبعة ومجموعته في لبنان بداية 2006. وأورد قرار مزهر أن المغامس دخل إلى لبنان عام 2004، وكان أحد أعضاء شبكة مجدل عنجر التي كان يرأسها أحمد الميقاتي واسماعيل الخطيب، والتي أوقف فرع المعلومات في حينها معظم أعضائها في لبنان باستثنائه هو.
وكانت المديرية العامة لأمن الدولة، وبمؤازرة الجيش، قد أوقفت العدد الأكبر من أعضاء المجموعة التي يرأسها المغامس في البقاع الأوسط في حزيران الماضي، ونسب القضاء إليهم التحضير لتفجير سيارات مفخخة في مدينة زحلة واستهداف المدينة بالصواريخ.
وجاء في القرار الاتهامي أن «المغامس الذي ينتمي إلى تنظيم القاعدة، غادر بلاده أواخر عام 2003 إلى العراق، لقتال قوات الاحتلال الأميركي. وعام 2004، دخل إلى لبنان، لكنه توارى عن الأنظار بعد توقيف شبكة القاعدة»، وتنقّل «بين مخيم عين الحلوة والبقاع وسوريا، حيث كان يتولّى عملية التنسيق بين تنظيم القاعدة في لبنان وسوريا والخليج العربي. وبقي يمد التنظيم بالمال والرجال حتى أوائل عام 2007».
وخلال التحقيق، «تبين أن فهد المغامس خضع في العراق عام 2003 لدورة تدريب على الأسلحة والمتفجرات. وفي تلك الفترة، تعرّف إلى أبو محمد اللبناني، أحد القادة الكبار للمجاهدين في العراق، فأوفده الأخير إلى لبنان للتواصل مع اسماعيل الخطيب والتنسيق معه لتأمين الأسلحة والذخائر والمتفجرات للمجاهدين في العراق. وخلال عام 2004، دخل إلى الأراضي اللبنانية بجواز سفر سعودي مزوّر باسم أحمد التويجرييذكر أن أبو محمد اللبناني هو مصطفى رمضان، من بلدة مجدل عنجر، وقتل في العراق عام 2005، كما أن اسم التويجري ورد في القرار الاتهامي الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري الأول السابق رياض طليع يوم 3 كانون الثاني 2005، بحق الشبكة التي عرفت فيما بعد باسم شبكة مجدل عنجر، والتي كان من ضمنها أحمد الميقاتي واسماعيل الخطيب. واتهم القرار المذكور التويجري بأنه الوسيط بين أبو محمد اللبناني واسماعيل الخطيب.
وفي القرار الأخير، ذكر القاضي مزهر أنه بعد تأمين اسماعيل الخطيب ما طُلِب منه، غادر المغامس إلى العراق ثم عاد إلى سوريا حيث «تعرّف إلى أمير التنظيم المدعو حسن نبعة فبايعه. وعلى أثر ملاحقة السلطات السورية لأعضاء التنظيم المذكور، دخل لبنان مجدداً مع نبعة وأعضاء خليته. وبسبب توقيف هذه الخلية وأميرها في لبنان أوائل 2006، فرّ المغامس مع زوجته إلى مخيم عين الحلوة، وأقام فيه عدة أشهر، إلى أن أرسل بطلبه أميره في سوريا صلاح الدين صالح، الذي حل مكان حسن نبعة. فانتقل المغامس إلى سوريا والتقى الأمير الذي طلب منه العودة إلى لبنان والإقامة في بر الياس وتجنيد أشخاص لمصلحة تنظيم القاعدة وشراء الأسلحة والذخائر والمتفجرات واستئجار شقق لتخزينها فيها من جهة، ولاستقبال عناصر التنظيم وإيوائهم من جهة أخرى، تمهيداً للقيام بعملية إرهابية والتنسيق مع عصبة الأنصار في مخيم عين الحلوة. وبالفعل، انتقل المغامس إلى مخيم عين الحلوة. وأوائل شباط 2007 انتقل إلى البقاع»، حيث بدأ بتجنيد أعضاء الشبكة وشراء المتفجرات والسيارات. وفي الوقت عينه، «طلب صالح من أحد أعضاء تنظيم القاعدة، السوري أحمد عسيلي، الانتقال إلى البقاع اللبناني لأنه كان قد خضع في العراق لدورة على أعمال التزوير، وأمره بإصدار بطاقات مزوّرة لأعضاء التنظيم في البقاع».
وفي حمص، التقى عسيلي المدّعى عليه علي الخطيب، شقيق اسماعيل الخطيب، «الذي يعمل في تهريب الأشخاص بين لبنان وسوريا»، فنقله الخطيب إلى لبنان وسلّمه إلى المغامس. بعدئذ، «انتقل عسيلي إلى عين الحلوة حيث استقبله أبو شريف وأبو خالد من عصبة الأنصار، قبل أن يخضع لدورة تدريب على عمليات التزوير مدتها 20 يوماً».

مراحل الخطة وسبل تنفيذها

وأضاف القرار إن «المغامس وعسيلي والسوري محمد عبد الرحيم، الذي جنّده المغامس، انتقلوا منتصف آذار 2007 للإقامة في إحدى الشقق في بر الياس، حيث أطلع الأول رفيقيه على خطته، وهي على مرحلتين:
الأولى تقضي باستئجار مزرعة في تعلبايا أو سعدنايل بأسماء أشخاص من الطائفة السنية، ومن ثم نصب صواريخ فيها يتولى إطلاقها على مدينة زحلة شابان من تنظيم القاعدة، أحدهما سعودي والآخر أردني، يقيمان في مخيم عين الحلوة. أمّا المرحلة الثانية، فتقضي باستئجار سيارات بأسماء أشخاص من الطائفة نفسها وتفخيخها وتفجيرها قرب مزار السيدة العذراء في زحلة على أن يتم بعد تنفيذ العمليتين تهريب الأشخاص المستأجرة بأسمائهم المزرعة والسيارات إلى العراق عبر سوريا، وبث الشائعات بأن أشخاصاً من الطائفة الشيعية أقدموا على اختطافهم ونفّذوا هذه الأعمال الإرهابية مستخدمين هويّاتهم المزورة، وذلك بهدف خلق فتنة سنية شيعية من جهة، وضرب الطائفة المسيحية من جهة أخرى، لزعزعة الوضع الأمني في البلاد وتسهيل تنقّلات عناصر تنظيم القاعدة.
وطلب المغامس من أحد أعضاء شبكته العثور على مزرعة لاستئجارها، فوقع الاختيار على واحدة في بلدة كفرزبد. وبعدما بات عدد أعضاء الشبكة أكثر من عشرين شخصاً، وقاموا بتأمين الأسلحة والذخائر والصواريخ والمتفجرات، طلب المغامس إرسال الأردني من مخيم عين الحلوة لإطلاق الصواريخ، لكن الاشتباكات التي جرت بين الجيش و«جند الشام» حالت دون قدومه إلى البقاع. وفي هذا الوقت، تمكّنت القوى الأمنية من توقيف المغامس ورفاقه. وقد ضبطت في حوزتهم هويات وجوازات سفر مزورة وقنابل يدوية وبنادق حربية ومسدسات وذخائر. كما دوهمت الشقق التي كانوا يشغلونها في مجدل عنجر، وفي المريجات حيث وضعوا لاقطاً هوائياً لهاتف «ساتو» لتأمين الاتصالات فيما بينهم. كما دُهم كاراج مستأجر في بلدة مجدل عنجر وصودرت من داخله 4 سيارات ودراجة نارية، وعُثر في داخل إحدى السيارات على مواد متفجرة وفتيل وصاروخين. أمّا علي الخطيب، فسلّم نفسه طواعية للأجهزة الأمنية، مع أحد رفاقه.
وقد طلب القاضي مزهر محاكمة أعضاء الشبكة (بينهم 16 موقوفاً أكثرهم لبنانيون) بناءً على مواد تصل عقوبتها إلى الإعدام، فيما طلب محاكمة علي الخطيب وأحد زملائه بجرم تهريب الأشخاص بين لبنان وسوريا.