149; عون: لا تنازل عن ورقة التفاوض... أثق بسليمان لا بوزرائه
الحكومة تدرس اليوم تعديل المادّة 49 والمواجهة نحو التصعيد تدخل المواجهة بين الموالاة والمعارضة هذا الأسبوع طوراً جديداً من التصعيد، عنوانه التعديل الدستوري، بعدما قرّرت الحكومة خوض هذه المعركة، متجاوزة تحذيرات المعارضة من مغبّة الإقدام على هذه الخطوة لما لها من تداعيات سلبيّة

برز تطور جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي تمثّل بتوجيه الدعوة إلى الوزراء لعقد جلسة اليوم في السرايا الحكومية لدرس وإعداد مشروع قانون تعديل المادة 49 من الدستور وإحالته الى المجلس النيابي لدرسه وإقراره قبل انتهاء عقده العادي نهاية العام الجاري، وهذه أول صلاحية تخص رئيس الجمهورية تمارسها الحكومة.
ومن شأن هذه الخطوة أن تدفع الموالاة والمعارضة نحو مزيد من التصعيد والتصلب في المواقف، علماً بأن التعديل يحتاج لإقراره إلى نصاب الثلثين في المجلس النيابي، الأمر الذي لا تستطيع الموالاة توفيره، ما طرح تساؤلات لدى المعارضة عن الغاية من هذا الإجراء الذي أكد وزير الثقافة طارق متري أنه لن يحل الأزمة. وكشف وزير الاتصالات مروان حمادة أنه إذا لم يتسلم رئيس المجلس النيابي نبيه بري مشروع التعديل فسيقوم نواب الموالاة بتقديم اقتراح قانون في هذا الصدد، وإذا رفض بري إحالته على الحكومة «فسيعلم الرأي العام المحلي والعربي والدولي من يعطل الاستحقاق الرئاسي».

المعارضة متمسّكة بشروطها

وفي حين يشير هذا التطور إلى إقفال باب الحوار مع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، تساءل الأخير في مقابلة تلفزيونية مساء أمس «كيف لنا أن نجد حلاً للمشكلة اللبنانية، وهناك طرف لبناني لا يريد التفاوض؟»، مشدداً على عدم التنازل عن ورقة التفاوض قبل الانتخابات الرئاسية «لأنهم بعد ذلك سيرفضون كل مطالبنا (...) وإذا لم نربطهم بحبال لا نستطيع التعامل معهم». وأكد «أن الثلث المشارك يمنع الضرر، لذلك نريد اتفاقاً واضحاً»، وقال: «يجب أن يلتزموا بقضايا عودة المهجرين وقانون الانتخاب العادل والمشاركة الفعالة في الحكم، لن نقبل بالوعود وعليهم تطبيقها اليوم». وأوضح أن هذه المطالب تسهّل عمل رئيس الجمهورية، مؤكداً أنه يثق بالعماد ميشال سليمان، لكنه لا يثق بالوزراء الذين سيكونون من حصّته، مذكّراً بتجربة الرئيس السابق إميل لحود.
ولفت إلى أن «السفراء يأتون إلينا ليبرروا تجاوزات حكومة السنيورة، ويقولون عن الفساد والاستئثار وانتهاك الدستور وعدم إقرار الموازنات (...) «معليشي» فباتت لعبة الموسم هي الدستور اللبناني حتى أنهم لا يعرفون نظامنا السياسي، فيقولون «احترام حكومة السنيورة المنتخبة ديموقراطياً»، مشيراً إلى أن «الدور الدبلوماسي بات غير مرحّب به في لبنان، فنحن لا نفهم أسباب الدعم الدولي المفرط لحكومة السنيورة ونشكّ في أن يكون تمرير التوطين وراء ذلك».
وكرر أن «هناك سارقاً ومسروقاً وطواحين الكذب التي تدور وتقلب الحقائق»، داعياً اللبنانيين إلى عدم اليأس «فنحن نعمل اليوم لخلاص لبنان الحقيقي». وشدد على أن البطريرك الماروني نصر الله صفير مرجع وطني كبير، لكنه ليس مرجعية سياسية ولا هو المجلس الدستوري». واتهم الأكثرية بتفريق الطائفة المسيحية، مؤكداً أن مصلحة المسيحيين هي في المشاركة.
وسأل على ماذا أتحاور مع (رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية) سمير جعجع، لافتاً إلى «أن قرار الأخير غير مستقل».
وعن اتهامه من جانب المطران بشارة الراعي بأنه أداة بيد «حزب الله»، أسف عون لهذا الموقف «غير الناضج»، مشيراً إلى أن الراعي «لا يقرأ ويتعاطى مع هذه المواضيع بخفة»، داعياً إياه إلى قراءة ورقة المطالب.
من جهته، أكد عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن «أن المعارضة لن تذهب إلى جلسة الاقتراع يوم السبت المقبل، ولن تسهل عملية الاقتراع ولن تشارك في جلسة الانتخاب إلا في إطار اتفاق سياسي واضح ومتكامل في سلة كاملة وبضمانات واضحة»، لافتاً إلى أن «المشكلة ليست مع العماد ميشال سليمان، بل مع فريق 14 شباط الذي يتبدل بمواقفه السياسية كتبدل مناخات شباط وتبعاً للإملاءات الأميركية وتصريحات جورج بوش وغوندوليزا رايس ودايفيد ولش وستيفن هادليورأى النائب حسن فضل الله «أن هناك من لم يقتنع بعد بخيار التوافق ولا يزال يراهن على إمكان الاستئثار بالسلطة والتفرد بالقرار، مستنداً إلى أوهام الدعم الخارجي، وهو لذلك يعود إلى التلويح باتخاذ قرارات أو اعتماد خيارات تصعيدية تهدف إلى كسب الوقت وتأزيم الأمور وتوريط البلاد في مشكلات إضافية»، بينما وصف عضو الكتلة الشعبية النائب حسن يعقوب جلسة مجلس الوزراء اليوم بـ«الجلسة المبتورة والساقطة وغير الشرعية وغير الدستورية»، لافتاً إلى «أنهم في إطار تقديم تعديل للدستور سيوجهونه إلى المجلس النيابي، يريدون تمرير الكثير من القرارات التي كانت مرفوضة وملتوية ومشبوهة ومتوقفة في قصر بعبدا».
وأكد رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان «أن هديتنا للانقلابيين بمناسبة الأعياد هي الدعوة إلى التفاهم على تعديل دستوري يضمن الشراكة ويمنع قيام نظام الذمية»، ورفع ثلاث لاءات هي: «لا للديكتاتورية، لا للذمية، لا للتوطين». وقال: «هكذا يكون الاستقلال والسيادة والقرار الحر أو لا يكون». وفي موازاة هذه المواقف، عبّر رئيس «جبهة العمل الإسلامي» الداعية الدكتور فتحي يكن عن موقف متباين مع المعارضة، داعياً إلى «تخصيص رئيس الجمهورية بعدد من الوزارات بحيث يكون الثلث الضامن في عهدته وبممارسة وتدخل منه عند الحاجة».

صفير يحذّر من فوات الأوان

ووسط هذا التجاذب، ألحّ البطريرك الماروني نصر الله صفير على انتخاب رئيس الجمهورية، وقال في عظة قداس الأحد «لكل دولة دستورها، والخروج عليه سبب لاضطرابات كثيرة، وهذا ما نراه ونلمسه كل يوم»، آملاً «أن نلتزم الدستور، فنبادر الى انتخاب رئيس للجمهورية، يتولى تسيير أمور الدولة مع معاونيه، قبل فوات الأوان».
من ناحيته، رأى النائب مصباح الأحدب أن مطالبة المعارضة بالاتفاق المسبق على الحكومة والمواقع العسكرية والإدارية محاولة لإلهاء اللبنانيين «في وقت يتقدم فيه مشروع «حزب الله» للقبض على مفاصل الكيان اللبناني، على قاعدة سيادة الفراغ وتفكيك المؤسسات والقضاء على خصوصية لبنان ومميزاته التعددية» مشيراً إلى أن «الشعب اللبناني يتعرض لأسوأ عملية ابتزاز تقوم على فرض تفاهم بالإكراه، وشراكة بالإرهاب».

نجاد يشيد بـ«بطل المسلمين»

في غضون ذلك، حملت سوريا وإيران الولايات المتحدة مسؤولية إجهاض الحلول في لبنان. وأكد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خلال استقباله وفد بعثة «حزب الله» في مقر البعثة الإيرانية بالمشعر الحرام في منى، في حضور وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي «أن نظرة الجمهورية الإسلامية للبنان هي نظرة ملؤها العزة والكرامة، وخصوصاً بعد الانتصارات الأخيرة التي تحققت على العدو الإسرائيلي»، آملاً في «تحقيق الانتصار الكبير على هذا العدو وأن يتعافى لبنان ويخرج من محنته وأزمته». وقال: «إننا نفخر ببطل المسلمين السيد حسن نصر الله وبكل فرد من أفراد «حزب الله» والمقاومة الإسلامية».
من جهته، شكر الشيخ محمد يزبك «الجمهورية الإسلامية لدعمها لبنان والوحدة الوطنية فيه»، مجدداً «رفض «حزب الله» انطلاقة المشروع الأميركي من لبنان»، ومؤكداً «أن المقاومة قوية وما زالت على عهدها لشعبها، وهي مستمرة لتحقيق مزيد من الكرامة للشعب اللبناني».
بدوره، أكد متكي أن طهران تدعم التوافق الوطني في لبنان «باعتباره الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة السياسية». وأضاف «أجواء التفاهم التي تبلورت بين الفصائل اللبنانية المختلفة خلال الأسابيع الأخيرة لانتخاب رئيس للبنان وتسوية الخلافات، بعثت الأمل في إنهاء الأزمة السياسية في هذا البلد. والفصائل اللبنانية كانت تسير نحو تسوية الخلافات البسيطة الباقية بينها من خلال تبني آلية الحوار. وللأسف، فإن تدخل الرئيس الأميركي المباشر وإملاء الحلول الخارجة عن الإطار القانوني وجّها إساءة صارخة إلى الزعماء السياسيين الواعين والشعب الكبير في لبنان».
بدوره، اتهم وزير الإعلام السوري محسن بلال، أمس، الولايات المتحدة بإجهاض الجهود التي تبذلها سوريا وفرنسا للتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وقال في مقابلة مع قناة «العالم» إن «سوريا عملت دائماً وتعمل لمساعدة الأشقاء اللبنانيين بغية تأليف حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطياف والتواصل في ما بينهم لإنجاز قانون جديد للانتخابات يؤكد العدل بينهم». وأكد أنه «لا يجوز أن يبقى لبنان بلداً من دون رئيس للجمهورية».