نهر البارد ـ عبد الكافي الصمد
أسهمت عودة أكثر من ربع عائلات مخيّم نهر البارد إليه قبل أكثر من شهرين ونصف شهر، في الحفاظ على المخيّم «رمزاً للنّضال والنكبة»، ومحطة مهمة تسبق العودة المنتظرة إلى بلدهم الأمّ فلسطين، وفق مطلبهم الرئيس الذي رفعوه بإلحاح بعد سقوط المخيّم بيد الجيش مطلع أيلول الماضي.وعند المداخل الأربعة للمخيّم (العبدة شمالاً، المحمّرة وبحنين شرقاً، والمنية جنوباً)، حيث أقام الجيش اللبناني حواجز ثابتة، تحوّلت إجراءات التفتيش والتدقيق في التصاريح المُعطاة لأهل المخيّم إلى معاناة حقيقية، دفعت أكثر من طرف فلسطيني إلى «طلب تخفيفها، والنّظر إلى وضع المخيّم من الناحية الإنسانية وليس فقط من الناحية الأمنية، وخصوصاً أنّ ظاهرة «فتح الإسلام» قد انتهت، ولا ضرورة لأنْ يبقى تعامل الجيش مع المخيّم مختلفاً عمّا كانت عليه الحال في باقي المخيّمات».
فمنذ انتهاء الاشتباكات قبل نحو أربعة أشهر، بدا واضحاً أنّ تخفيف الضغط عن مخيّم البدّاوي المجاور الذي استضاف أكثرية النّازحين، وإجلاء من لجأ منهم إلى المدارس الرسمية في مدينتي طرابلس والبدّاوي قبل انطلاق العام الدراسي الجاري، والضغط الذي مارسه النّازحون والأونروا ومؤسسات أهلية محلية وأجنبية، مثّلت الدوافع الرئيسية وراء السّماح للفلسطينيين بالعودة إلى مخيّمهم، علماً بأنّ إجراءات التفتيش المشدّدة خفّت لاحقاً تدريجياً، وهي متفاوتة حالياً بين مدخل وآخر، وإنْ كان المدخل الشّمالي لناحية العبدة هو الأكثر تشدّداً وموضع شكوى، وخصوصاً أنّ صفوفاً من السيّارات يصل عددها إلى أكثر من 20 سيّارة أحياناً، تضطر للانتظار طويلاً قبل أن يُسمح لها بالدّخول، وهو ما يدفع بعض ركّابها إلى الترجّل منها والدخول مشياً على الأقدام، باعتبار ذلك أسرع وأسهل.
وأوضح عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين أركان بدر، أنّ إلحاح العائدين في السّماح لهم بدخول الجزء القديم من المخيّم، من أجل تفقّد ما بقي من منازلهم ومحالهم، واستخراج الأوراق الثبوتية والأشياء الثمينة وأوراق «الطابو» المتعلقة بملكية أراضيهم في فلسطين، ومفاتيح منازلهم هناك، وصور الآباء والأجداد وغيرها دفعت الجيش إلى تلبية غالبية هذه الطلبات، على أنْ يرافق جنود منه الداخلين إليه، بعد حصولهم على أذونات خاصة لهذه الغاية.
وقد راجت شائعات عقب انتهاء الاشتباكات عن اشتراط عودة النّازحين إلى المخيّم بعدم اقترابهم من شاطئ البحر، الذي استُغلّ في السّابق على نطاق واسع في مجال تهريب البضائع والأسلحة والأشخاص، وإعداد مشروع يهدف إلى شق طريق ساحلي من شأنه أن يُبعد المخيّم عن البحر. غير أنّ عودة النّازحين إلى منازل لهم في الجزء الجديد من المخيّم تقع عند شاطئ البحر، دحضت كلّ تلك الأقاويل، وإنْ كان الجيش اللبناني ما يزال يمنع حتى الآن النّزول إليه، أو اقتراب مراكب الصيد العائدة لصيّادين لبنانيين وفلسطينيين ترسو في مرفأ العبدة المجاور من الاقتراب من شاطئ المخيّم، ابتداء من المدخل الشّمالي، وصولاً إلى موقع البرج في المنية جنوباً، لأسباب ودواع أمنية.