غسان سعود
عادت قضية «ثلث المشاركة» أو «الثلث المعطل» لتستعيد مكانتها كنقطة ارتكاز أساسية في الخلاف بين الموالاة والمعارضة. وكأن الطرفين، رغم انقضاء أكثر من خمسة عشر شهراً، لم يعالجا بعد البند الأول على جدول خلافاتهما الطويل. وإذ تؤكد الموالاة انتظارها انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً قبل بت القضايا الأخرى، من شكل الحكومة إلى طريقة معالجتها لمختلف الملفات، ترى المعارضة أن الموالين، وكعادتهم منذ أشهر، يهربون إلى الأمام، مقطّعين الوقت في انتظار «شيء ما» يؤمن لهم «اختفاء المعارضة من البلد ويمكنهم من حكم البلاد وفق سلطانهم المطلق ودون أخذ أي رأي لا يوافقهم مئة في المئة بعين الاعتبار».
ويشرح المسؤول في التيار الوطني الحر زياد عبس أن إصرار الأكثرية على تعطيل الديموقراطية التوافقية مرده إلى حاجة الأكثرية لاستمرار التفرد بالقرارات، مؤكداً أن المحكمة الدولية «التي باتت أمراً واقعاً تم الاتفاق في شأنه بين المعارضة والحريري» لم تكن إلا بنداً على جدول أعمال دولي طويل. ويشير عبس إلى وجود أمور كثيرة تحتاج «الحريرية السياسية» لغالبية الثلثين الوزارية لإقرارها، بعضها يخدم استمراريتها المحلية (مثل القضاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وإقرار قانون انتخابات غير عادل)، وبعضها يخدم استمرارية الدعم الدولي لها (مثل معالجة سلاح حزب الله وإدارة العلاقات اللبنانيّة ـــــ السوريّة وفرض التوطين)، مشيراً إلى أن «الدعم الدولي لحكومة الغالبية ليس مرده عشق عيون فؤاد السنيورة طبعاً».
بدوره، يرى المسؤول في تيار المردة يوسف سعادة ارتكاز الموالاة في رفضها إعطاء المعارضة ثلث عدد الوزراء على قلقها من دور سلبي للمعارضة في مجلس الوزراء في ما يتعلق بإقرار المحكمة الدولية، حجة واهية بعد تحول المحكمة في صيغتها السنيورية أمراً واقعاً عبر إقرارها في الأمم المتحدة تحت البند السابع. «رفضت الأكثرية تحقيق هذا المطلب المعارض بحجة عدم قبولها باهتزاز صورتها أمام جمهورها. أما اليوم، فهي تتهرب من الإجابة بوضوح عن أسباب الرفض، وخصوصاً أن الحريري كان قد تعهد للرئيس بري احترام تمثيل المعارضة الشعبي (أكثر من نصف الشعب اللبناني) والنيابي (أكثر من 45 % من عدد النواب) وإعطائها أكثر من ثلث عدد الوزراء في الحكومة المقبلة، وخصوصاً أن الرفض بحجة الخوف من إقدام المعارضة على إسقاط الحكومة غير مفهوم، إذ سيؤدي إسقاطها إلى إقصاء المعارضة بالكامل عن أية حكومة تشكل لاحقاً».
من جهة أخرى، يتوافق عبس وسعادة على عدم طلب المعارضة إعادة النظر في كل قرارات الحكومة السنيورية، والاكتفاء بمراجعة تلك المثيرة للريبة. وهذا، بحسبهما، دليل حسن نية آخر من المعارضة تجاه الحكومة التي رفضت، وفق سعادة، حل مسألة تشكيل الحكومة فبل انتخاب سليمان، اصراراً منها على وضع العصيّ في الدواليب، وإعاقة وصول سليمان إلى الرئاسة الأولى.