رشا أبو زكي
نادراً ما يتجرأ أحد المستثمرين أو المضاربين في البورصة على الاعتراف باستخدام المنجّمين في اتخاذ القرارات وتنفيذها، إلا أن جملة واسعة من المؤشرات تبيّن مدى اتساع هذه الظاهرة ورسوخها لدى شريحة قيادية في السوق، التي يصرّ البعض على القول: «إن يداً خفية تديرها». لكن غالباً ما يصرّح المنجّمون بأنهم يعملون لدى شركات معروفة ورجال أعمال مشهورين وأثرياء من مختلف العيارات. ويقول هؤلاء إنهم يوفّرون استشارات عبر التنبّؤ بالأوضاع العامة والأحداث والكوارث والأسعار وحركة البورصات، لكي تُستغل المعطيات المتاحة من «علم الغيب» لتفادي الخسائر أو لتعظيم الأرباح...

خيبة تنجيمية
ترويج الشائعات

ولا ينحصر استخدام التنجيم في معرفة اتجاهات الأسواق المحلية والعالمية، إذ هناك بعض الشركات التي تلجأ إلى المنجّمين لترويج شائعات تهدف إلى التأثير على توقعات المستهلكين أو التأثير على الأسعار، لخفضها أو رفعها، ولا سيما في البورصات «الهشة» التي تتّسم بمشاركة عالية من جانب المتعاملين غير المحترفين الذين غالباً ما يقعوا ضحايا هذا النوع من الاستغلال. وهذا ما حصل على نطاق واسع في موجات التدهور التي شهدتها أسواق الأسهم السعودية والإماراتية والكويتية أواخر العام الماضي، حيث جرى جني أرباح طائلة على حساب صغار المتعاملين، بعد موجة واسعة من «التنبؤات» المنسوبة إلى أشهر المنجّمين، ومنهم اللبناني ميشال حايك، الذي ذاع صيته من خلال ظهوره المتكرر على شاشات التلفاز، بعد تناوله التوقعات الاقتصادية والمالية، إلى جانب التوقعات السياسية والأمنية والطبيعية والشخصية.

توقّع... فخسارة

والمعروف أن ميشال حايك يقرّ بعمله لدى شركات مختلفة، إلا أن تطابق توقعاته مع أحداث أمنية عدّة، جعلت البعض يتهمه بالعمل لدى أجهزة الاستخبارات. وكان حايك قد ردد عبر عدد من الفضائيات في عام 2006 توقعاته «الغيبية» التي ترى انفراجات جزئية في سوق الأسهم السعودية، ما دفع ببعض صغار المتعاملين للاندفاع إلى شراء الأسهم التي كانت تسجل تراجعاً دراماتيكياً، الأمر الذي أدى إلى خسائر كبيرة استفاد منها بعض «الكواسر» في هذه الأسواق. وقالت الكاتبة الصحافية ناهد باشطح إن تداعيات ما حصل دفع برواد البورصات إلى عيادات المعالجين النفسيين بعد الخسائر التي تكبّدوها، وهناك نزلاء في السجون نتيجة للديون التي لم يسددوها لأصحابها. أما من بقي خارج هاتين الدائرتين، فقد فضّل اللجوء مجدداً إلى المنجّمين.