ثائر غندور
فتحت العطلة القسرية التي فُرضت على الجامعةاللبنانية الباب أمام بحر من الأسئلة التي تبدأ بهواجس الطلاب المتعلّقة بالمستقبل ولا تنتهي بالتفكير في مصير أبحاثهم وامتحاناتهم. لكنّ استشعار القلق لم يمنع بعض الطلاب من استثمار العطلة في ممارسة الهوايات ولقاء الأصدقاء

تسأل إليانا زميلها محمد عن مصير الأبحاث التي كانا يعدّانها، «هل سنقدمها كلها في وقت واحد؟». يبتسم محمد قائلاً: «خلص، بكرا بينجحونا كلنا، متل ما كان يصير بالحرب الأهلية».
بالقرب من محمد وإليانا، يجلس طالبان من كلية الهندسة. يناقشان معاً كيفية التعامل مع أحد البرامج الإلكترونية. يضرب أحدهما يده على رأسه عندما يعرف أن العطلة الجامعية امتدت إلى الاثنين المقبل: «كيف بدنا نخلّص برنامج الجامعة؟». سؤال يطرحه عدد كبير من طلاب الجامعة اللبنانية، وأكثر ما يشغل بالهم هو أن يقرر الأساتذة إنهاء البرامج المقررة من دون تعويض العطل القسرية التي فرضتها الظروف وقرارات وزير التربية والتعليم العالي ورئيس الجامعة.
وإذا كان تخوّف طلاب الكليات الإنسانية مشروعاً، فإن طلاب الكليات التطبيقية يعيشون حالة من الترهيب النفسي. فطلاب كلية الهندسة، على سبيل المثال، يعانون في الأيام العادية كثافة المواد وصعوبتها، «فكيف إذا قُلّصت ساعات التدريس نتيجة العطل؟»، يسأل حسن أحد طلاب كلية الهندسة، ويضيف: «إذا كانوا يتخوفون من المشاكل فليقفلوا الكليات «المشاغبة» مثل الحقوق والعلوم، أما نحن فلا وقت عندنا للمشاكل. أصلاً لا نتابع الأخبار». يكاد يكون حسن لسان حال العديد من طلاب الكليات التطبيقية الذين يرتبط عدد منهم بإلزامية التدرّب صيفاً، وخصوصاً أن عدداً منهم سيمضي فترة تدرّبه خارج البلاد. فسحر، الطالبة في السنة الأولى من الدراسات العليا في كلية الهندسة، ستسافر إلى فرنسا بعد انتهاء الفصل النظري من دراستها، لتنجز الجزء التطبيقي هناك. لذلك يكمل طلاب الدراسات العليا في «الهندسة» دراستهم بشكل طبيعي على رغم قرارات التعطيل، «ولم نتوقف إلا يوم الإضراب العام لأن أستاذنا الفرنسي فضّل ذلك»، كما تقول سحر.
من جهتها، تعترض ألفت، الطالبة في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، على قرار التعطيل على رغم أنها تمضي هذه العطلة ممارسةً هوايتها المفضلة، مشاهدة الأفلام الأميركية، وتعوّض بعض مما فاتها من الدروس أيضاً. وتقترح ألفت على رئيس الجامعة ووزير الوصاية عليها حلاً جذرياً لمشكلة الجامعة: «فليتخذوا قرارات جريئة ويفصلوا كل طالب يقوم بالشغب من دون أي حساب سياسي، وبالتالي ستطهّر الجامعة من عناصر الشغب التي فيها». بدوره، اتخذ حسين قراراً بالعودة إلى «البقاع الحبيب»، ليعوّض عن تباعد زياراته لأهله بسبب ضغط الدروس والامتحانات في كلية العلوم خلال الفترة السابقة.
أما وليد وأيمن فقرّرا البحث عن مورد رزق «في هذه الحالة الصعبة». فبدآ العمل مع أحد مراكز الإحصاء في مجال تعبئة الاستمارات مقابل عشرين دولاراً يومياً، «وعندما تعيد الجامعة فتح أبوابها سنعود، مش مستعجلين».
يلتقي علي، عثمان، أيلا وأصدقاؤهم، بشكل شبه يومي في مقهى Don Vito عند المدخل الغربي (جهة الضاحية الجنوبية) للمجمع الجامعي في الحدث. فهذه المجموعة المتنوّعة سياسياً (عونيون، اشتراكيون، شيوعيون، أمليون ومستقبليون)، تجتمع للتباحث في السياسة والدراسة، ولعب «الليخة» أيضاً. ويقول علي (مندوب التيار الوطني الحرّ في كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال) إنه لا يمكن استثمار هذه الفترة في العمل السياسي «لأن الناس ببساطة زهقت، وكل واحد عنده رأيه ولا يمكن تغييره».