أبلغ رئيس الجمهورية إميل لحود الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الكتابين اللذين وجّههما إليه الرئيس فؤاد السنيورة في 8 و30 كانون الثاني 2007 «صادران عن غير ذي صفة، ومتضمنان مغالطات واقعية ودستورية مضللة وحاملان في طياتهما بذور فتنة تزيد من حدة الأزمة الكيانية الخطيرة التي تعصف بلبنان وتهدد السلام والأمن فيه على نحو غير مسبوق».ودعا لحود الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة خطية وجّهها إليه أمس الى «إهمال» هذين الكتابين الصادرين عن «رئيس الحكومة الساقط شرعياً»، معتبراً أنه «عوض التقيّد بأحكام الدستور اللبناني، انتُهك الدستور من سلطة لم تعد تتمتع بأهلية السلطة الإجرائية وقد أضحت سلطة مغتصبة فلم تحترم آلية عقد المعاهدات الدولية المنصوص عليها في الدستور، بل تجاوزتها واختزلتها وأزالت في ذلك اختصاصات دستورية محجوزة لرئيس الدولة ولمجلس النواب، وعندما فقدت شرعيتها الدستورية والميثاقية نتيجة تغييب طائفة وازنة بأكملها عنها واستبعادها، استمرت في اغتصاب السلطة غير آبهة بعواقب هذا الاستمرار على الكيان اللبناني والعيش المشترك الذي ارتضته طوائفه جميعاً في وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)».
وبعدما أشار لحود الى انتهاك الدستور في مسألة إقرار مشروع الاتفاق بين الأمم المتحدة ولبنان بشأن المحكمة الخاصة التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، اعتبر أن «هذه المحكمة التي لم تراع أعلى المعايير الدولية في مجال العدل الجنائي كما نص قرار مجلس الأمن الرقم 1664، أضحت مسخاً عن عدالة لن تأتي بها وقد أمعنوا في تخريبها وأدخلوها إلى صلب الأزمة الداخلية اللبنانية كوسيلة تهديد وامتصاص وضغط ومساومة للاحتفاظ بمكاسب سياسية وتصفية حسابات إقليمية لا قدرة للبنان على تحمل نتائجها، وهو الذي ارتضى العدالة الدولية لإحقاق الحق لا لإشعال فتيل الفتنة في ربوعه ومحيطه».
وعرض لحود الممارسات الخطيرة التي واكبت ما يسمى إقراراً لاتفاق المحكمة، وظروف استقالة وزراء طائفة كبرى في لبنان، الأمر الذي جعل الحكومة «سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك الذي هو مرتكز دستوري وميثاقي أقره اللبنانيون جميعاً في الطائف وأقاموا عليه نظام لبنان الديموقراطي الميثاقي وهو من أسمى أنواع الأنظمة الديموقراطية لأنه يتجاوز غلبة العدد (الديموقراطية العددية) أو توافق الطوائف العابر (الديموقراطية الطوائفية أو التوافقية) إلى ما يسمى «العقد الوطني» أو «الميثاق».
واتهم لحود «حكومة الرئيس السنيورة بالإمعان في خرق الدستور وهدم مداميك الوطن وضرب وحدته وتهديد كيانه وفرز شعبه وتذكية الفتنة في ربوعه ومحيطه الإقليمي»، لافتاً الأمين العام للأمم المتحدة الى أن «ما ورد في كتابي الرئيس السنيورة عن ملابسات إحالة مشروع الاتفاق الدولي المتعلق بالمحكمة والنظام المرفق به، فيهما تضليل والتفاف على الواقع وعلى الأحكام الدستورية والميثاقية وعلى وحدة الوطن»، وان الهدف من الكتابين «تحضير الأجواء وخلق الالتباس والشك كي يضع مجلس الأمن يده من جديد على الموضوع وينشىء المحكمة بصيغتها الحالية الهشة والخطيرة تحت الفصل السابع فيأتي الزجر ليضيف في حدة الأزمة اللبنانية وخطورة الأوضاع الإقليمية، وتنفجر الصراعات عنفاً واقتتالاً في ربوع الوطن لبنان، مع الارتدادات الإقليمية، ويزول لبنان الرسالة في أول عهدكم في رعاية السلم والأمن الدوليين وحقوق الانسان ومصائر الشعوب المغلوب على أمرها وسيادة الدول والشعوب التي هي امتداد طبيعي للشرعية الدولية».