strong>سنلاحق المجرمين وسنحسم الصراع لمصلحة لبنان العربي السيد المستقل
أكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «أننا لن نسعى إلى الغلبة، كما لن نستسلم لها، ولن نخضع لغرائز الفتنة والانقسام»، وقال: «كما لم يضعف اللبنانيون أمام العدو، فإنهم لن يساوموا على حرية قرارهم»، معتبراً أن الذين يقفون وراء اغتيال الحريري هم أنفسهم الذين ارتكبوا جريمة المتن وشدد على «أننا لن نرتعب ولن نخاف، وسنلاحق المجرمين والإرهابيين، ونتصدى لهم بالشجاعة والتحدي والإقدام (...) ولن نخضع لإرغامات الانقسام وضغوطه ولا لسياسات وممارسات المحاور»، ورأى أنها لحظة للذكرى ووقفة للمراجعة والمصالحة والمسؤولية».
جاء ذلك في رسالة وجهها السنيورة مساء أمس لمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، رأى فيها أن الذكرى تأتي «والعنف المجرم يضرب مجدداً مواطنينا المدنيين الأبرياء في محاولة لتخريب لبنان وإرهاب اللبنانيين. تأتي الذكرى الثانية، وتزداد جراح اللبنانيين التي لم تلتئم، جرحاً آخر. تأتي الذكرى والبلد في أزمة، أحد أسبابها المهمة للأسف، العقبات التي أقيمت وما زالت في وجه وصول التحقيق الدولي إلى كشف المجرمين بما في ذلك الحواجز التي توضع في وجه إنشاء محكمة ذات طابع دولي، والعقبات التي أقيمت وما زالت في وجه بزوغ فجر جديد للأمل والتقدم نحو المستقبل، المستقبل الذي عمل له الرئيس الشهيد طوال أكثر من عقدين من الزمان».
ورأى أن الذين اغتالوا الرئيس الحريري ورفاقه «تابعوا المسلسل الإجرامي والتخريبيّ، الذي كانت آخر حلقاته قتل النائب والوزير الشاب بيار الجميل، والجريمة المرتكبة اليوم في منطقة المتن التي سقط بنتيجتها عدد من الشهداء والجرحى الأبرياء».
وقال: «لن نرتعب ولن نخاف، وسنلاحق المجرمين والإرهابيين، ونتصدى لهم بالشجاعة والتحدي والإقدام. إن حق أسر الشهداء، وحق اللبنانيين، إحقاق العدالة، وكشف المجرمين والمرتكبين. لذلك، لن نتخلى عن التزامنا إحقاق الحق، فالحق يحررنا ويحفظ بلادنا. ولن نتراجع في سعينا إلى العدالة، والإصرار على كشف القتلة ومحاكمتهم وردع المجرمين. وسنظل مصرين على ذلك بقدر إصرارنا على وحدة وطننا وبقائه وحريته وازدهاره لتكون لنا حياة، تكون حياة أفضل».
وتابع: «في الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس الحريري نتذكر كلمته في اجتياح عام 1996: «إن الشعب اللبناني أقوى من كل المحن، وهو قادر على التأقلم والصمود، ولن يقوى أحد على كسر إرادته أو إلحاق الهزيمة به». نعم أيها الشهيد، لقد صمد الشعب اللبناني، مرة أخرى، في حرب تموز، وما أمكن إسرائيل أن تكسر إرادته، ولا أن تؤثر في وحدته، وكما كنت تقول: «هم يخربون ونحن نعمر، هم الهمجية ونحن الحضارة»، أقبلنا على إعادة الإعمار، بهمة لبنانية ودعم عربي ومؤازرة دولية. وحققنا هدفا آخر من أهدافك بإدخال الجيش إلى الجنوب بعدما غاب عنه منذ مطلع السبعينيّات من القرن الماضي.
وقد كان يقال لك في كل مرة تفكر فيها بشيء من ذلك تارة إن الجيش ضعيف، وطوراً إنه غير وطني أو إن الظرف غير مناسب. هناك إجماع لبناني الآن على وجود الجيش في الجنوب اليوم وغداً، وهو قادر وسيزداد قدرة، قبل أيام من ذكراك الغالية تصدى جنودنا لجيش العدو الذي حاول تخطي الحدود، وسطّروا في تصديهم درساً في الوطنية والمسؤولية والشجاعة. وإذا كان اللبنانيون يذكرون لك تصديك للاجتياحات الإسرائيلية في التسعينيّات، وفرحك بالتحرير عام 2000، فإنهم يذكرون ولا شك، وعلى مدار الساعة عملك وجهدك للإعمارو للنهوض الاقتصادي».
وأشار الى إنجاز الحريري مؤتمري باريس-1 وباريس-2 «ولولا عملك ومراكمتك وعلاقاتك التي استثمرتها للبنان واللبنانيين، لما تحقق إنجاز باريس-3، إنجاز المؤتمر الذي بادرت يا أخي إلى تسميته مؤتمر رفيق الحريري، لأنك كنت طوال مراحل الإعداد ويوم المؤتمر على كل شفة ولسان. لقد أتى العالم كله إلى مؤتمرك في باريس، بفضل الثقة التي بعثتها في أوساط العرب والعالم بلبنان الإنسان، والدولة، و الوطن، والمستقبل».
أضاف: «لقد كنت تقول إن اللبناني يصبر في المحن ويتجاوزها، وهو قادر على صنع الحضارة والتقدم. وقد صار هذا الأمر واقعاً رغم كل الصعاب والعقبات. تعلّمنا الدرس مما حصل في مؤتمر باريس-2، لذلك فإن اللبنانيين مصممون- ومصلحتهم تكمن في أن يكونوا مصممين - على صون نتائج مؤتمرك الأخير بالجهد والإرادة والعقل والمسؤولية التي كنت وما زلت المثال الأرفع لتحملها وأداء حقوقها وواجباتها».
وذكّر بقول الحريري بعد مؤتمر الطائف «إن المطلوب إنهاء الصراع على لبنان عبر ثلاث خطوات: الإجماع على هوية لبنان وانتمائه العربي، وهذه خطوة تمت في الطائف، وثبتت في الدستور، والخطوة الثانية: إعادة لبنان إلى الخريطة السياسية العربية والدولية، والخطوة الثالثة: الإعمار والنهوض الاقتصادي، وبناء النظام السياسي المتطور، بما يحول دون الانقسام، ودون الاستتباع أو سياسات المحاور». وقال السنيورة: «لقد قطعنا أشواطاً واسعة في سبيل تحقيق هذه الأهداف بفضل حضورك وعملك. وقطعنا شوطاً واسعاً بعد استشهادك بشهادة الدم التي قدمتها وقدمها رفاقك ومحبوك وسائر العاملين في لبنان من أجل الحرية. قدموها معك من أجل حسم الصراع على لبنان لصالح مجتمع لبنان العربي ودولته ونظامه الديموقراطي».
وتابع: «لقد عاد لبنان إلى وعي العرب والعالم والى مسؤولية أبنائه عن سياسته الخارجية، وعن قراره الحر، ودوره البارز(...) لن نخضع لإرغامات الانقسام وضغوطه، كما لم نخضع لسياسات وممارسات المحاور. وكما لم تقبل أن يكون لبنان ساحة صراع، لن يقبل اللبنانيون العودة إلى ذلك مهما كان الثمن. لسنا منطقة نفوذ لأحد، ولا نقبل أن نكون. نحن وطن عربي حر وقادر وسيبقى كذلك. رائدنا الحوار الذي كنت أكبر ممارسيه والمؤمنين به. ورائدنا الإرادة العامة والحرة للبنانيين بالبقاء ضمن مبادئ العيش المشترك، وضمن مبادئ دستور الطائف ومؤسساته. وسنظل نسعى ونعمل بالمثابرة والحكمة والحزم لتجاوز الأزمة دونما إفراط أو تفريط بحق الشعب اللبناني، وبحق دولته وسيادته ومصالحه».
وأكد السنيورة «أننا لن نسعى إلى الغلبة، كما لن نستسلم لها، ولن نخضع لغرائز الفتنة والانقسام. وكما لم يضعف اللبنانيون أمام العدو، فإنهم لن يساوموا على حرية قرارهم، ولا على تضامن مجتمعهم ووحدته، ولا على أمنهم وأمانهم ودمائهم وأخلاقهم، ولا على طبيعة نظامهم وأعرافه التوافقية والمدنية».
وقال: «لدينا من ميراثك وميراث الاستقلاليين اللبنانيين العرب الأحرار أربع ذخائر كبرى وباقية: وحدة اللبنانيين وعيشهم المشترك، وتعزيز حرية اللبنانيين ونظامهم الديموقراطي، وإقدار دولتهم على بسط سلطتها وحدها على كامل أراضيها وأجوائها، بما في ذلك مزارع شبعا المحتلة وأمل اللبنانيين وعملهم من أجل المستقبل الواعد والزاهر».
وأشار إلى «أن الذكرى الثانية لشهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري، ذكرى لكل الشهداء منذ الاستقلال. إنها ذكرى الاستقلال المستعاد والمتجدد الذي صنعه استشهاده. وهي ذكرى تبعث فينا الثقة بأننا سنخرج من أزمتنا الحاضرة أشد عزيمة وإصراراً على إنقاذ لبنان، وحماية حياة أبناء لبنان وحرياتهم، وصون المكتسبات التي حققوها».
وأكد أن اللبنانيين سيحسمون «هذا الصراع لمصلحة لبنان العربي، السيد الحر المستقل، لبنان الوطن والدولة، لبنان الأمن والأمان، ولبنان الإنسان والعمران». وختم: «إنها لحظة للذكرى، ولحظة للتهيب والتدبر والتقدير، ووقفة للمراجعة والمصالحة والمسؤولية، هذا هو منطق حياة رفيق الحريري، وهذه هي أمثولته للبنانيين».
(وطنية)