عفيف دياب ــ رامي بليبل
لم تنجح الاتصالات السياسية والاجتماعية والامنية التي جرت طوال الساعات الماضية في وضع حد للتوتر والإشكالات المتنقلة على معظم «محاور» قرى البقاع الشمالي، ولا سيما عرسال، واللبوة، والنبي عثمان، والفاكهة، والعين، حيث عادت مساء امس «الحواجز» وقطع الطرق الى الظهور مجدداً مع تسجيل سلسلة من «المناوشات» المتنقلة من بلدة الى أخرى.

كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«الأخبار» أن ثمة مجموعة من «المندسّين» تتنقل بين القرى وتفتعل حوادث واعتداءات على مواطنين ابرياء. واتهمت مرجعيات سياسية في البقاع الشمالي عناصر من «جيش لبنان العربي» السابق بأنها هي التي تقف وراء بعض المسلحين ــ الملثمين الذين اقدموا بعد ظهر امس على اقامة حاجز مسلح على طريق بلدة الفاكهة الدولية، حيث عمدوا الى «ترهيب» المواطنين وإطلاق الرصاص فوق رؤوس المارة والاعتداء على سيارات عابرة، ثم سلكوا طريقاً فرعية من الفاكهة ــ رأس بعلبك الى عرسال بعدما اطلقوا الرصاص فوق عناصر حاجز تابع للجيش اللبناني. ونقل الزميل اسامة القادري عن مسؤول «جيش لبنان العربي» في البقاع غازي الميس، نفيه المطلق أن يكون لـ«لبنان العربي» اي علاقة بهذه التوترات في البقاع الشمالي. وقال: «عممنا على مناصرينا ألّا يكونوا سبباً في أي مشكل او أي استفزاز». وأضاف «فور تبلغنا بالحادث اتصلنا بقيادتنا، وهي بدورها اتصلت بالمراجع الامنية والسياسية لتطويق الإشكال» نافياً بشدة أن يكون احد من «لبنان العربي» قد شارك في الحاجز الذي اقيم في بلدة الفاكهة، اما اذا كان احد قد شارك فهو لا يمثّل «جيش لبنان العربي»، متهماً من سماهم «بعض المندسّين من الطرف الآخر بتوتير الأوضاع في البقاع الشمالي».
وقال شهود عيان لـ«الأخبار» إن مسلحين يستقلون خمس سيارات بيك ــ آب من طراز شفروليه سلكوا طريقاً ترابية تبدأ من عرسال في جبل مرشد إلى منطقة الحرائق في خراج بلدة العين، ومن هناك باتجاه الفاكهة (طريق شقها العراسلة حديثاً لتفادي المرور من داخل اللبوة) حيث نصبوا حاجزاً بالقرب من منزل النائب إسماعيل سكرية بهدف التعرض للسيارات المتوجهة إلى مدينة الهرمل طلباً للثأر بعد أحداث ليل الأربعاء الماضي التي أدّت الى جرح عدد من المواطنين، واستهدفوا سيارة واحدة لصاحبها الرقيب أول عماد علام من عناصر الشرطة القضائية الذي كان برفقة عائلته، وهو ما أوجد حالاً من التوتر في البلدات الممتدة على طول الشريط من الزيتون حتى اللبوة. وعلى الفور نفذ الجيش اللبناني انتشاراً واسعاً عند كل التقاطعات والمفارق، وأقام سلسلة من حواجز التفتيش. ونقل مراسل «الأخبار» نقولا ابو رجيلي عن مصادر امنية أن «اجرءات امنية مشددة جداً ستتخذ خلال الساعات القليلة المقبلة في معظم مناطق البقاع الشمالي، وأن ملاحقة العناصر المندسة متواصلة تمهيداً لتوقيفهم».
وفي اتصال هاتفي اجرته «الأخبار» بقادة محليين في عرسال، قال هؤلاء: «لا علم لنا بإقدام شباب من عرسال على اقامة حاجز في بلدة الفاكهة والاعتداء على الناس». وأكدوا ايضاً رفضهم المطلق لما يجري في المنطقة، محذرين من «عناصر مشبوهة تقف وراء هذه الاعمال».
وبالتزامن مع التطور الامني، عقدت ليل امس عدة اجتماعات في عرسال واللبوة والنبي عثمان والفاكهة والعين. وقال مسؤول الحزب الشيوعي في البقاع الشمالي محمد المولى لـ«الأخبار» إن اتصالات مكثفة أجريت الليلة (امس) و«عقدنا اجتماعات متنقلة مع فاعليات المنطقة ووجهائها لوضع حد لحال الفوضى التي يتسبب بها البعض».
سكرية شاهد عيان
بدوره، وضع النائب اسماعيل سكرية، في حديث لـ«الأخبار»، حادثة إطلاق النار على علام، بالقرب من منزله في منطقة الفاكهة، في خانة «الصدفة»، محمّلاً المسؤولية أولاً لـ«الخطاب السياسي، من الناحية المعنوية»، ولـ«عودة بعض الأسماء في بعض التنظيمات، من الناحية العملانية»، في «سباق مع الوقت، بين التحرك لإيجاد حلول، داخلياً وإقليمياً، وبين أياد تريد تفجير الوضع وإحداث الفتنة، بدعم أميركي»، و«إسرائيل هي المستفيدة أولاً وأخيراً».
ولم يخف سكرية خشيته من «وجود أياد خفية تستغلّ طيبة شباب البقاع وحماستهم، في محاولة منها لإطلاق شرارة الأحداث والفتنة في منطقة البقاع الشمالي النموذجية، مع ما تعنيه، إن على صعيد تركيبتها من جهة، أو على صعيد القوة السياسية الموجودة فيها، من جهة ثانية»، ومستنداً الى تركيبة المنطقة المتنوعة، مذهبياً، والى العلاقات الاجتماعية الوطيدة التي تربط أبناء منطقة البقاع الشمالي، وهو ما مثّل حاجزاً لم تقو الحرب الأهلية على أن تخترقه على مدى أعوام طويلة. وناشد سكرية العقلاء «أن يتذكّروا تاريخ أهلهم، وكيف كانوا يترجمون أفكارهم وقناعاتهم الفكرية خارج إطار المنطقة».