جورج شاهين
ما بين الأجواء التي نشرت التفاؤل قبل الانفجار المزدوج في عين علق عشية 14 شباط، وتلك الصاخبة التي أنتجتها خطب ساحة الشهداء، توسعت دائرة التكهنات ومعها القراءآت السياسية لما ستؤول اليه التطورات في ضوء سيل المواقف التي توحي أن كل ما قام من وساطات قد انتهى إلى لا شيء، ومنها مبادرة الجامعة العربية التي وضعت في ثلاجة الاتصالات السعودية ــ الايرانية والمصرية، عدا المقترحات التي تتداولها لجنة مشتركة من حزب الله وتيار المستقبل والتي قيل انها عقدت اولى اجتماعاتها قبل ايام من دون نتيجة تذكر.
على هذه الخلفية، تقول مصادر مطلعة إن «التشاؤل» يتحكم في هذه المرحلة بانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات الجارية في اكثر من عاصمة عربية وأجنبية بشأن جدول اعمال مثقل بالملفات الاقليمية والدولية التي بات البند الخاص بلبنان واحداً منها وقد لا يحظى بالاهمية التي تكتسبها ملفات أخرى تطبخ الحلول لها على نار الأزمات المشتعلة في ايران والعراق، وغير ذلك من الملفات العالقة بين واشنطن، موسكو، طهران، الرياض، القاهرة ودمشق.
وتتلاقى هذه الاجواء مع مثيلاتها لدى العائدين حديثاً من واشنطن ونيويورك والذين اطلعوا مباشرة على حجم الاهتمامات الاميركية والدولية بأزمات المنطقة ولبنان فضلاً عن الملفات الداخلية التي انتجتها الانتخابات الاميركية الاخيرة، والصراع بين الكونغرس الاميركي وإدراة الرئيس بوش، والتي بيّنت أن الملف اللبناني ما زال في مقدمة الاولويات في المدى المنظور، لكن استمرار هذا الامر مرهون الى حد بعيد بما يمكن أن ينتجه اللبنانيون من حلول فيما بينهم وبالحوار الداخلي عبر المؤسسات الدستورية، ووفق ما ينص عليه الدستور.
وتضيف المصادر عينها أنه اذا كان الدعم الخارجي للحكومة اللبنانية ما زال قائماً، فإن الاهم تقدير المدى الذي يمكن أن يستمر فيه هذا الدعم، والافادة منه في الاتجاه الذي يكفل توفير الحلول الممكنة وفق موازين قوى وقدرات اطراف الصراع في الداخل.
وفي موازاة هذه التوقعات، فإن هناك من يعتقد ان الايام القليلة المقبلة لن تأتي بجديد، وأن حال المراوحة ستستمر على ما هي، لكن بعض الاستحقاقات المقبلة ستفرض نمطاً جديداً من المعالجات، بدليل أن التحضيرات الجارية لعقد القمة العربية الدورية لهذا العام في المملكة العربية السعودية بدأت تلامس جوانب اساسية، وأن النقاش الذي بدأ بشأن امكان توجيه الدعوة الى رئيس الجمهورية اميل لحود لحضور القمة او عدمه، وبالنسبة الى الرئيس السوري بشار الاسد، يفرض توفير المخرج السياسي لهذين الامرين، وإن كانت بعض المراجع الدبلوماسية تتوقع تعاطياً سعودياً ايجابياً مع الدعوتين فإن ذلك يفرض السعي الدؤوب الى تحسين العلاقات بين الرياض ودمشق، من دون اهمال ما سيكون لمثل هذه الخطوات من انعكاسات ايجابية على الوضع في لبنان.
وفي المحصلة، تبقى الدعوة الى انتظار ما سيعود به الرئيس السوري بشار الاسد من طهران امراً ملحاً، لأن ذلك سيظهر في الوقت نفسه ما اسفرت عنه زيارة رئيس مجلس الامن القومي الايراني علي لاريجاني الى الرياض، في ختام الجولة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الخليج، وهو امر لا يقتصر انتظاره على اللبنانيين، والامين العام للجامعة العربية ينتظر الحصيلة نفسها، ومعه آخرون. وإلى تلك المرحلة التي لن تطول اكثر من اسبوعين فإن المراجع السياسية والامنية لا تستبعد حصول مشكلات تتولد من التشنج الداخلي هنا او هناك، ولكن يتوقع أن تبقى تحت السيطرة.