شارك في التغطية: عفيف دياب، رامي بليبل وعلي يزبك)
انحسار الإشكالات الأمنية وعودة الهدوء بعد اتصالات سياسية

اتهم النائب اسماعيل سكرية أحد الأجهزة الأمنية اللبنانية بأنه كان على علم مسبق، «وقبل يوم واحد، بما حصل على طريق بلدة الفاكهة الدولي، وأمام منزلي حيث لا يتواجد أحد في هذا الوقت (بعد ظهر الجمعة الماضي)، وبمعزل عن قيام الجيش بمهماته في ما بعد مشكوراً». ورأى أن «هذا التصرف يطرح سؤالاً خطيراً: هل هذه السلطة التي تدّعي قيامها بواجب حكم البلد قادرة فعلاً؟ يتبعه استنتاج أنها تعمل من حيث يعلم بعضها دون الآخر على تهيئة المناخ لفتنة في البلد، تنطلق من منطقة البقاع الشمالي، لأن ما حدث جاء بمثابة رد لتخريب خطوات التهدئة والمصالحة التي بدأناها في منزل مختار بعلبك خالد صلح، ثم في بلدتي العين والنبي عثمان، حيث بدا الاستعداد إيجابياً لطيّ ملف الخلافات وسحب الدعاوى المتبادلة من دون شروط مسبقة».
وتابع سكرية، في مؤتمر صحافي عقده أمس في منزله في بلدة الفاكهة: «إن ما جرى ويجري في منطقتنا العزيزة، البقاع الشمالي، ما هو إلا انعكاس من العيار الثقيل للمناخ السياسي المتوتر في البلد، ولا علاقة له بأي تغيير أو اضطراب في صحة أعراف أهالي المنطقة وقيمهم وتاريخهم في سلامة العيش الواحد. وحتى لو تسرّب الى البلد شيء من رياح التهدئة، فإن آثارها لا تصل البقاع الشمالي إلا متأخرة تماماً كما المطر والإنماء. ولكن، وحيث حرية التفكير والتغيير هي حق لكل فرد، فإن الأسلوب يجب أن يبقى بعيداً عن الاستفزاز والاستفزاز المضاد».
وختم متوجهاً إلى «أهلي في هذه المنطقة العزيزة، لأقول: تطلّعوا إلى فقركم وحرمانكم وكثافة الأمراض المزمنة والمستعصية بين أبنائكم، لتجدوا أن ما يجمعكم أكثر بكثير مما يفرقكم».
وعن عدم مشاركته في اللقاء الذي عقده مفتي زحلة والبقاع خليل الميس في عرسال أول من أمس، قال سكرية إن الميس «لم يتصل بي»!
إلى ذلك، حمّل النائب مروان فارس مسؤولية ما جرى في البقاع الشمالي الى «بعض الذين يحرّضون وينفّذون توجيهات السفير الأميركي (جيفري فيلتمان)»، مناشداً «جميع أبناء المنطقة التزام القيم الوطنية، وتفويت الفرصة على الأعداء لتبقى المنطقة مزيّنة بقيمها الأصيلة»، مثنياً على «الجيش اللبناني الذي يشكل ضمانة لجميع أبناء المنطقة».
من جهته، أكد عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي، خلال لقاء إعلامي في بعلبك، أن «في الخلاف خسارة للجميع وفي الوحدة انتصاراً لنا جميعاً». ونبّه «لما يخطط في البقاع الشمالي للسنّة والشيعة معاً»، رافضاً «مشاريع الفيدرالية والتقسيم، والفيدرالية والمذهبية لأن الخطر الوحيد هو الخطر الصهيوني». وشدد على «الوحدة الوطنية التي تحمي وتدعم المقاومة في مواجهة الخطر الصهيوني». ووصف حركة السفراء «بحركة الفتن المتنقلة»، وبأن أصحابها «أصحاب مشاريع فيدرالية». ودعا أهالي عرسال «الذين تلقّوا الضربات منذ عام 1958 بسبب مواقفهم الوطنية، للعودة إلى هذه المواقف بعيداً عن رفع أعلام القوات اللبنانية وسمير جعجع ومشاريع التقسيم». ورأى «أن السوريين أشقاء مهما حصل بيننا وبينهم من اختلاف، وسوريا هي السند والعكس صحيح (...) ويجب أن تبقى إسرائيل العدو للمسلمين والمسيحيين».
وكانت الإشكالات المتنقلة في منطقة البقاع الشمالي قد انحسرت بعد مساعي التهدئة التي انطلقت من أكثر من جهة سياسية وأمنية لنزع فتيل التفجير وإعادة الهدوء الى المنطقة، في وقت عزز الجيش انتشاره في قرى: اللبوة، عرسال والفاكهة عبر إدخال قوة من فوج التدخل الأول حيث أقام حواجز ثابتة ومتنقلة، مع متابعة مطاردة العناصر التي قامت بتوتير الأجواء والاعتداء على مواطنين من مختلف الانتماءات.
وقد عقدت، للغاية، سلسلة اجتماعات متفرقة ولقاءات في عرسال واللبوة والفاكهة والنبي عثمان، شارك فيها نواب وقادة حزبيون من «حزب الله» والحزب الشيوعي و«الجماعة الإسلامية» وتيار «المستقبل» والحزب السوري القومي الاجتماعي ووجهاء وفعاليات من المنطقة، إضافة الى المفتي الميس الذي زار عرسال على رأس وفد مع نواب من «المستقبل» وعقدوا لقاءً مع فعاليات البلدة، جرى خلاله التأكيد على «تقديم لغة العقل ومنع الفتنة وحق التعبير لجميع الأطراف». وأكد الميس أن ما جرى في المنطقة «حفل جنون، أبطاله من كل الأطراف». فيما نقل النائبان: جمال الجراح وأحمد فتوح رسالة من النائب سعد الحريري إلى أهالي عرسال، دعاهم فيها الى «وأد الفتنة».
وأبلغ مسؤول «حزب الله» في البقاع الحاج موفق الجمال «الأخبار» أن لقاءات إيجابية عقدت لإيجاد حلول ناجعة للاستفزازات والتوتير المتنقل. وحمّل «الخطاب السياسي» لبعض الأطراف اللبنانية مسؤولية ذلك، مؤكداً أن منطقة البقاع الشمالي «معروفة بتلاحم أهلها وأبنائها والتعايش بين طوائفها وقواها». وتمنى أن تكون «مشاركة بعض عناصر جيش لبنان العربي بما جرى على الطريق الدولي في بلدة الفاكهة عارضة، وليست في سياق قرار يهدف إلى إثارة الأحقاد والشحن المذهبي».
وعلم أن اجتماعاً موسعاً سيعقد بين رؤساء بلديات المنطقة ومسؤولي الأحزاب والتيارات السياسية الفاعلة خلال أيام.
وأعرب «المؤتمر الشعبي اللبناني في البقاع» عن الأسف «لمحاولة يد الفتنة التغلغل الى منطقة البقاع الشمالي التي كانت طيلة الحرب الأهلية نموذجاً للعيش المشترك وموقعاً متقدماً لوحدة الصف الإسلامي والوطني، ولم تتخلّف يوما عن تأدية واجباتها الوطنية والقومية، بالرغم من الحرمان الرسمي الذي مورس عليها منذ الاستقلال». واعتبر أن التعديات والحوادث الأمنية والظهور المسلح ومحاولات إنشاء مجموعات أمنية لأي طرف كان، تسيء الى كل قرية في البقاع الشمالي، ولن تؤدي سوى الى ضرب العلاقات التي تجمع البلدات».
«حركة لبنان العربي»
الى ذلك، أوضح مسؤول «حركة لبنان العربي» في البقاع غازي الميس ما نشرته «الأخبار» السبت الماضي، نقلاً عن مرجعيات سياسية، عن اتهام «عناصر جيش لبنان العربي» بالوقوف وراء أحداث البقاع الشمالي، معتبراً أن «الإصرار على تسمية حركتنا باسم جيش لبنان العربي محاولة للتحريض علينا لأننا قوة سياسية تؤمن بأن لا جيش في لبنان إلا جيشنا الوطني، ولا سلاح إلا سلاحه. كما نلفت الى أنه لا علاقة لنا من قريب أو بعيد بأي أحداث، بل على العكس عمدت قيادتنا بعد التعدي على الوفود المشاركة في الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري من قبل عناصر مشبوهة الى العمل بدأب، واتصلت بكل القيادات الأمنية والسياسية، وعلى رأسها حزب الله الذي تجاوب مشكوراً لوأد الفتنة والتصدي للمندسّين. ونؤكد على أننا حركة سياسية تعمل ضمن الأطر الشرعية مع القوى السيادية لتحقيق مشروع الدولة وبناء لبنان حر، سيد ومستقل».

حاجز «محبة» في الفاكهة

أقام طلاب ثانوية الفاكهة الرسمية في البقاع الشمالي حاجز محبة على الطريق الدولية في «جديدة الفاكهة»، ووزعوا الورود على كل السيارات و«الفانات» التي مرت على هذه الطريق «تأكيداً للعيش المشترك ونبذاً للطائفية والمذهبية واستنكاراً للحقن المذهبي في المنطقة».
الحاجز جاء رداً على «حواجز» من نوع آخر كانت قد سيطرت على المنطقة طوال الأيام الماضية، وعملت على قطع الطرق ورفع مستوى التوتر المذهبي والسياسي بين أبناء البقاع الشمالي.
واستنكرت بلدية الفاكهة في بيان الحادث الذي وقع أمام منزل النائب إسماعيل سكرية، ودانت «كل عمل مخل بالنظام والأمن العام من أي فريق أتى ولأي فريق انتمى».