دعوة إلى الحوار من دون وسطاء
  • د. دونالد ج. إدّه ــ رئيس الرابطة المارونية في كندا

    الثلاثاء في الثالث عشر من شباط الجاري، حرمت يد الإجرام من خلال تفجيريْ عين علق ثلاث عائلات من أغلى أفرادها: أم وأب وشاب. ضُرب اللبنانيون مرة أخرى في صميم هنائهم. أليس ذلك بالأمر المؤسف لهؤلاء المجرمين ــ الذين قاموا وما زالوا يقومون بحملة الرعب منذ 14 شباط 2005، اضافة الى عدوان تموز 2006، حين جرى تهديم بنيتنا التحتية ــ ان يشاهدوا ذلك الصمود اللبناني الذي لا مثيل له؟ فعلى الرغم من الحرب الإعلامية بين قادتنا السياسيين، يرفض اللبنانيون ان ينجروا الى حرب داخلية. وعلى الرغم من كل محاولات القضاء على اقتصادنا، ما زال المجتمع الدولي يؤمن بأن لبنان المتعافي هو ضرورة للسلام العالمي.
    إني أتوجه الى جميع اللبنانيين، الى الذين مكثوا في منازلهم، والذين نزلوا مراراً وبهدوء الى الشارع ليعبّروا عن تعلّقهم بالوطن، والى الذين يخيّمون في وسط العاصمة، والى الذين استبسلوا في ردع كل أنواع العدوان والاحتلال منذ عام 1976، وأقول لهم: باسم آلاف الأطفال الذين سقطوا كي يبقى لبنان لنا جميعاً وكذلك للسبعة ملايين لبناني في عالم الانتشار. ضعوا انتماءاتكم الطائفية والحزبية جانباً، وجددوا إيمانكم بوطنكم. باشروا حواراً بنّاء وقوموا بتنازلات متبادلة لتحيا بلادكم. لا يلزمكم وسطاء ولا قوات أجنبية تملي عليكم ما يجب ان تفعلوه. اعلموا أنه بذكائكم وفطنتكم تستطيعون ان تحكموا في لبنان وفي الشرق الأوسط وفي العالم أجمع. استيقظوا واعلموا ان الحرب التي تشن علينا هي اقتصادية محض. ان لبنان الموحد والمزدهر اقتصادياً يزعج من لا يحبنا. حافظوا عليه ولا سيما انه ضرورة ماسة لأبنائكم.
    أيها اللبنانيون، أثبتوا للعالم أن بلدكم لا يهدم، وانه باق أبداً.
    باسم كل شهدائنا وباسم آلاف الأبرياء، باشروا الحوار من دون وسطاء بينكم، من أجل السلام اليوم ومن أجل مستقبل واعد. على الرغم من ان العالم كله يتخبّط في أزمات شتى، فهو يراقبنا عن كثب.
    اعلموا أن أولادنا يراقبوننا أيضاً، وسيأتي يوم يحاكموننا فيه.


    اسمع يا ...

  • فايز فارس

    ِرضا (الله يرضى عليه) مواطن لبناني منذ أكثر من عشر سنوات بعد المئة. هو الناطق الشعبي غير الرسمي باسم التائهين المحرومين المنسييّن غير المحسوبين على طرف ما، استناداً إلى آخر الإحصاءات والاستطلاعات لأنهم أقلية بين الأكثريات وأكثرية بين الأقليات. هم القانعون بأن لبنان قدرهم. هم الرافضون اتخاذ أي بادرة أو مبادرة حتى لا يتم تصنيفهم. هم لم يفكروا يوماً في السفر أو الرحيل لأنهم ما زالوا يعتقدون بمقولة «هنيئاً لمن له مرقد عنزة في جبل لبنان» وسهول لبنان ووديان لبنان، ولا يقبلون بسماء غير سماء لبنان. هم الذين أفشلوا بعفويتهم في الماضي البعيد وفي الحاضر المقيت، (ويلي لو يدرون) كل مخططات التقسيم التي هبطت علينا، وما زالت، منذ ثلاثين سنة، استناداً إلى معلومات مثبَتة ومصادر مؤكدة وأبحاث موثّقة. اسمع يا رضا.. عليك وعلى أمثالك كل الاعتماد، بعد الاتكال على الله مصدر كل خير وحق وجمال، من أجل تقطيع هذه المرحلة الدقيقة والصعبة (يقال إنها الأدق والأصعب) التي يمر فيها لبنان وتشارك فيها كل الأقليات، مع أنها تشبه إلى حد بعيد كل المراحل الدقيقة والصعبة الماضيات، أي منذ مئة سنة حتى اليوم. اصمد يا رضا، لأن في صمودك تنقذ البلد من السجالات العقيمة وتداعياتها المدمّرة للنفوس والنصوص. اقنع يا رضا بالقليل كما عرفناك وعهدناك، وتذكّر تلك الأقوال المأثورة والأمثال الشعبية البسيطة في ظاهرها والعظيمة في جوهرها: الجار ولو جار، والجار قبل الدار، زيوان بلادي ولا قمح الصليبي، الدين معاملة، القناعة كنز لا يفنى، مد بساطك عقد رجليك، خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود، عنزة ولو طارت، وما من ظالم إلّا وابتُلي بأظلم، كن رأس فأرة ولا ذنب أسد، صحة متينة ولا قصر بالمدينة، اسمع أقوالهم ولا تفعل أفعالهم.
    اسمع يا رضا.. أنت وأمثالك تعرفون جيداً من هم الدجّالون المنافقون تجّار الهيكل، ومن هم الصادقون المخلصون الأوفياء. لذا لن أدلك عليهم لأن أقوالهم تدل عليهم وأفعالهم تشير إليهم وإطلالتهم تفضحهم ولأنك أكثر ذكاءً مني ومنهم. أنت تأكل لتعيش، بينما هم يعيشون ليأكلوا. أنت تلبس لتستر عوراتك الطبيعية، بينما هم يلبسون ليتزيّنوا. اصمد يا رضا كما صمد أبوك وأجدادك منذ قرون، لأن بصمودك وعنادك يصمد البلد وينتصر على يهود الداخل قبل انتصاره على يهود الخارج.