إقليم الخروب ــ خالد الغربي
لم يمرّ الاعتصام الاحتجاجي الذي دعت إليه الهيئات الاجتماعية والسياسية والبيئية في إقليم الخروب وبلدية برجا احتجاجاً على رمي مئات الأطنان من بقايا نفايات مكب النورماندي في بلدة سبلين بسلام، إذ عكّرته إشكالات وقعت إثر اختراق مناصر للحزب التقدمي الاشتراكي (تردد أنه من آل ترو) جموع المعتصمين وتحذيره الخطباء بضرورة نزع «لوغو» المنار و «نيو تي في» شو جايبينُن يشمتوا فينا هيدا الإقليم لسعد الحريري ووليد جنبلاط». وحصل هرج ومرج وتدافع وتضارب بدأ باصطفاف سياسي (موالاة ومعارضة) حتى ليكاد ينتهي عشائرياً واصطفافاً على أساس الانتماء القروي لتتدخل القوى الأمنية من جيش وقوى الأمن الداخلي وتفض المتضاربين في أكثر من زاوية من زوايا الاعتصام وتوقف المشاغبين لفترة وجيزة لتطلق سراحهم لاحقاً.
ولبى المئات من أبناء الإقليم الدعوة إلى الاعتصام بعد صلاة الجمعة عند المدخل الخارجي لمعمل ترابة سبلين، ورفع المشاركون لافتات كتب على بعضها «تجارة النفايات تجارة المافيات»، وسجل تفوق عددي واضح للمشاركين من أبناء بلدة برجا الذين حضروا بسيارت البيك آب، يليهم حضور أبناء كترمايا وبعاصير، وكانت هناك مشاركة محدودة لقرى أخرى. ولفتت مشاركة معظم القوى السياسية في الإقليم الموالية والمعارضة (مع تفوق عددي للمعارضة) إذ حضر ممثلون عن تيار المستقبل والجماعة الإسلامية واليسار الديموقراطي والشيوعي والشعبي الناصري وطليعة لبنان العربي كذلك عدد من رجال الدين والمشايخ من برجا وكترمايا، وغاب أي ممثل عن الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية، كما حضر رؤساء بلديات كترمايا محمد نجيب حسن وبرجا سلام سعد وبعاصير سمير قعقور، رئيس هيئة طوارئ البيئة والتنمية في الإقليم حسيب الخطيب ومهتمون وناشطون فضلاً عن مئات من الأهالي.
وعلى الرغم من نفي المنظمين أن يكون الاعتصام له صبغة سياسية أو موجّهاً ضد سياسيين من لون معين بدا أن هذه المحاولات لم تقنع الكثيرين. يقول أحمد الخطيب «هؤلاء (أي المشاركون) دافع لهم حزب الله مصاري لكي ينقلوا الصراع إلى هنا»، مردفاً بالقول «بس فشروا الإقليم سني»، حتى جمهور الموالاة الذي لم يكن حضوره قوياً ربما جاء على مضض ومن «راس المعدة» حسب وصف زينة المناصرة لتيار المستقبل في برجا، حسن (دمج) مسؤول التيار في برجا قال لنا «مش مشكل إذا بدكن شاركوا» تقول زينة. قبل أن تبدأ الكلمات يسعى مشارك إلى قطع الطريق، فيتدخل عدد من المنظمين وعناصر الجيش لثنيه ليرد بالقول «قطع طريق صار بيخرب البلد، ما بالطريق الجديدة قتلوا العالم وما حدا يزايد على «سنيتي».
يؤكد رئيس بلدية كترمايا أن الموضوع بيئي، رمي النفايات مشكلة بيئية وصحية والتحرك ليس موجهاً ضد أحد أو ضد أي مسؤول سياسي. أما رئيس بلدية برجا الذي حظي بتصفيق حار فقال: «تحركنا سلمي، نحن لن نهدد، اليوم الشارع ممسوك، وغداً ربما لن يكون كذلك إذا لم تتوقف نهائياً عملية نقل بقايا نفايات النورماندي، وعلى المراجع السياسية وعي ذلك وما يمثّله من خطر صحي، أطفالنا مهددون بالأمراض ولا أحد يقول لنا مبرِّراً بأن ما يتم إحضاره من نفايات باستطاعتنا أن نأكله على الموائد، ويختم سلام بالدعوة إلى الصحوة لكي تبقى للإقليم قيمته ومن يعتقد عكس ذلك فليرحل عن الإقليم».
إلى ذلك، استنكر «حزب البيئة اللبناني» حالة الفوضى في إدارة النفايات الصلبة بشكل عام، وقضية نقل نفايات مكب النورماندي الى قرى اقليم الخروب ورميها بشكل عشوائي على جوانب الطرقات وفي مقلع سبلين، لأنه يمكن ان يكون بينها مواد خطرة. ورأى الحزب «أن معالجة تشوهات مواقع المقالع والكسارات القديمة وإعادة تأهيلها، تحتاج الى دراسة قانونية وفنية، والى خرائط وتراخيص خاصة، كما يتم تحديد جهات فنية لمراقبة حسن التنفيذ، بشكل علني وشفاف، لا كما يحصل الان، من تهريب للمشاكل، وطمرها بالسر، وبشكل عشوائي، وعنوة عن رأي أهالي المنطقة».