عمر نشابة
ما هي المشكلة التي تعانيها القوى الامنية والتي تمنعها من إحراز تقدّم ملموس يؤدّي الى تنائج عملية تحمي المواطنين من يد الاجرام التي طالت الاسبوع الماضي وسائل النقل العام في المتن؟ مسؤول أمني رفيع يوضح لـ«الأخبار» أحد جوانب المشكلة

«الامن تقنية واحتراف وليس مظاهر وشكليات واستعراضات» هذا أوّل ما يتعلّمه طلّاب الاكاديميات الامنية المتقدّمة. نشر في عدد أمس مقال بعنوان «العثور على متفجرات في الأشرفية: احتراف استعراضي لأجهزة التحقيق» ذكر مخالفة عناصر الأدلة الجنائية التابعة للشرطة القضائية لمعايير التحقيقات المهنية في مسرح الجريمة أو المكان قيد التحقيق. على الاثر اتّصل أمس مصدر أمني رفيع بـ«الأخبار» وعلّق على المقال ووضّح أن «المشكلة التي تعانيها الشرطة القضائية والمباحث العلمية هي نقص في المعدات والتجهيز». وقال إنه أمر عناصر تابعة لوحدته أول من أمس باستخدام اللباس الابيض الخاص في مكان العثور على المتفجّرات حتى يتسنّى للمواطنين رؤية عناصر الاستقصاء وهي تعمل بالمهنية التي يعمل بها الخبراء المتخصّصون التابعون للجنة التحقيق الدولية، الذين كانوا قد عاينوا مسرح جريمة اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميّل في 21 تشرين الثاني 2006. وقال المسؤول الرفيع إن عدداً كبيراً من عناصر الشرطة القضائية من رتباء وضبّاط، قاموا بتدريبات في بلدان غربية معدّداً مراكز التدريب ومنها مركز التحقيقات الفدرالي الأميركي (FEDERAL BUREAU OF INVESTIGATIONS) في ولاية فيرجينيا ومراكز تدريب بريطانية وفرنسية. وأضاف أن ما ينقص الشرطة القضائية ليس الاحتراف بل المخصّصات المالية. وتحدّث عن المختبرات الجنائية التابعة للشرطة القضائية، وذكّر بأن الحكومة الالمانية كانت قد وهبت لبنان مختبراً لفحوص الحمض النووي (DNA) لكن الدولة لم تخصّص حتى اليوم الأموال اللازمة لشراء المواد الكيميائية التي تمكّن استخدامه. وقال إن كلفة تلك المواد لا تتجاوز مئة ألف دولار أميركي.
وعند سؤاله عن سبب عدم استخدام عناصر الأدلة الجنائية الكيس الخاص الذي يغطّي أحذية المحقّقين لحماية المكان قيد التحقيق من «التلوّث» (CONTAMINATION)، قال المسؤول الأمني إن تلك الأكياس غير متوافرة لدى الشرطة القضائية وأضاف ان الـFBI وهبت قوى الأمن معدات للكشف على موجودات مسرح الجريمة ونقلها الى المختبرات (CSI KIT) لكن لم يُزوَّد عناصر الأدلة الجنائية باللباس الخاص. وما شاهدناه في الصور التي نشرت أمس هو عنصر يستخدم أحد الالبسة التي استحضرت كعيّنة. وتجدر الاشارة الى ان اللباس الخاص في مسرح الجريمة كما القفّازات الخاصّة تُستخدم مرّة واحدة فقط، ولا يمكن استخدامها مرّة ثانية لتفادي نقل بعض الموجودات المجهرية من مسرح جريمة الى آخر. وفي هذا السياق نذكر أننا لاحظنا أنه غالباً ما يرمي عناصر الأدلة الجنائية القفّازات الخاصّة على مقربة من مسرح الجريمة (انظر الصورة).
بحثت «الأخبار» أمس في توافر اللباس الخاص الذي يمكّن حماية مسرح الجريمة من «التلوّث» وكلفته المالية. وعلمنا أن اللباس الذي يستخدمه عادةً الأطباء الجراحون شبيه بذلك اللباس لكونه معقّماً ويحمي المريض من التلوّث بالميكروبات (المجهرية). وبالتالي يمكن لعناصر الادلّة الجنائية أن يستخدموا ذلك اللباس في مسرح الجريمة الذي يصحّ تشبيهه علمياً بغرفة عمليات جراحية. ونسأل: ألا تتحمّل خزينة الدولة بضع مئات من الدولارات لتزويد الشرطة القضائية باللباس المطلوب الذي يمكّن عناصرها من العمل باحتراف؟