الخوجة أحرج وطلب فرصة جديدة والمعارضة تدرس العصيان بجدية
كشفت قناة “المنار” أمس نقلاً عن مصادر مطلعة تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل اليه لحل الأزمة بمسعى سعودي ــــــ ايراني قبل انقلاب الموالاة عليه عشية اعلانه من عين التينة من جانب الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري. وقالت المصادر: «في الاجتماع الأول الذي جمع الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني ورئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان، خلال الشهر الماضي، طرح الاخير موضوع الأزمة اللبنانية وقدم ما يشبه صيغة الحل في الوقت الذي كان فيه لاريجاني غير مطلع على كل تفاصيل الأزمة، وفيما تولّى بندر نقل طلبات الموالاة حمل لاريجاني طلبات المعارضة، وهي:
ــــــ تأليف حكومة وحدة وفقاً لصيغة 19ــــــ11.
ـــــ تأجيل تأليف المحكمة الدولية حتى انتهاء التحقيق الدولي.
ــــــ إقرار قانون انتخابات نيابية مبكرة.
وبدأت الجلسات تتوالى واستغرقت ما بين ذهاب وإياب بحدود أربعين إلى خمسين ساعة عمل، أكد خلالها بندر لـلاريجاني أن حكومة الوحدة بصيغة 19ــــــ11 ليست مشكلة، بخلاف موضوع تأجيل المحكمة حتى انتهاء التحقيق، مستفسراً عن صاحب هذا الاقتراح، وكذلك السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة، وكان جواب المعارضة: «في الماضي وافقنا على التلازم والتوازن بين الحكومة والمحكمة، شرط دراسة بنودها، لكن بعد الكلام الذي سمعناه من النائب وليد جنبلاط في المقابلة التي وجّه فيها الاتهام لحزب الله في قضية الوزير مروان حمادة، إضافة إلى استخدام حمادة للجنة التحقيق الدولية في المنازلة بينه وبين قناة «المنار»، كل ذلك زاد لدينا القلق من تسييس المحكمة». وأضافت المصادر «هنا حاول السعودي جاهداً مع المعارضة مباشرة في بيروت من أجل تذليل هذه العقبة، وكانت تطمينات من الملك عبد الله بن عبد العزيز، بحسب ما كان ينقل السفير السعودي للمعارضة، بأن لا تعولوا على كلام جنبلاط بهذا الأمر وأنهم حاضرون لإجراء أي تعديل يؤدي إلى عدم تسييس المحكمة وإلى إبقائها محكمة جرمية قضائية».
وتابعت المصادر: «أما العقبة الثانية التي عمل عليها بندر ولاريجاني، فهي الانتخابات النيابية، وطرح السعودي يومها، أن تترك المعارضة هذا الأمر قيد الدرس، ولا تلغيه، بل يُحال إلى المؤسسات الدستورية أي المجلس النيابي وحكومة الوحدة».
وبعد لقاءات عدّة مركّزة بين المعارضة والطرف السعودي في لبنان، بالموازاة مع لقاءات لاريجاني وبندر، أعلنت المعارضة تجاوبها الكامل مع المسعى الإيراني ــــــ السعودي، وقبلت بإلغاء فكرة تأجيل المحكمة واستبدالها بفكرة مناقشة بنودها ونظامها، على أن تمر في القنوات الدستورية ومنها حكومة الوحدة، وأن يكون هناك لجنة أو لجنتان لدراسة بنودها ونظامها والوصول إلى نتيجة نهائية، وفي الوقت نفسه دراسة الحقائب الوزارية في حكومة 19ــــــ11، وأبلغ السعودي رسمياً بالقبول».
وأضافت المصادر «كل ذلك كان قبل تاريخ الرابع عشر من شباط، وفي هذه المرحلة كان اتصال النائب الحريري بالرئيس بري من السعودية، ثم كان اتصال آخر عندما رجع، حيث بدأ الإعداد لكيفية اخراج صيغة الاتفاق، هل يتم في السعودية على طريقة اتفاق مكة، أم في لبنان، فيأتي الحريري إلى عين التينة ويعلن الاتفاق، وهذا ما اتفق عليه، وما أبلغه السعودي للمعارضة التي بدأت تلمس التراجع من خلال النقاشات التي دارت خلال اللقاءات الثلاثة الوحيدة التي حصلت بين النائب علي حسن خليل والنائب السابق غطاس خوري ومحمد السماك».
وتابعت المصادر: «ثم كانت المفاجأة بالتراجع والانقلاب يوم الرابع عشر من شباط بعد مقابلة النائب الحريري المتلفزة، عندها قصد المعاون السياسي للسيد نصر الله حسين الخليل، والنائب الخليل السفير السعودي في منزله مساء وكان لقاء مطول، عبّرا فيه عن استهجان المعارضة لهذا التراجع، فيما كان السفير السعودي محرجاً، مكتفياً بالقول: ما أنا إلّا وسيط وأعطونا فرصة، لا زالت مستمرة حتى الآن».
وختمت المصادر بالقول: «إزاء هذه الوقائع التي تؤكد وجود مسعى إيراني ــــــ سعودي جدي يرقى إلى مصاف المبادرة، فإن الاتصالات الآن شبه مقطوعة بين السعودية والمعارضة، والرئيس بري عائد إلى لبنان مطلع الأسبوع المقبل بخلاف ما ذكرته الصحف من أنه سيبقى في الخارج أكثر من عشرة أيام، فيما تعمل المعارضة جدياً على خيارات التصعيد بعد أن اصطدمت الجهود السياسية بالانقلاب عليها من قوى السلطة، وخيار العصيان المدني هو خيار جدي ويدرس بدقة».