فاتن الحاج
يستذكر الشاعر المقاوم غسان مطر الأيام الخوالي «في هذه القاعات، على هذه المقاعد وقبل زمن طويل، كنا هنا من كل الاتجاهات والأحزاب. نتصارع بالفكر حتى نهاية الدروس، نكمل الصراع حتى الصباح. لم نسمع أنّ أحداً صفع أحداً، أو أطلق رصاصة على أحد، كان يجمعنا أننا كنا في غالبيتنا فقراء ونبحث عن الخلاص. نختلف، نتفق، نلتقي دائماً لأننا كنا نبحث عن وطن». يخاطب مطر طلاب اليوم «ما كنا نفتقده وما نحسدكم عليه هو أنّ أيامنا خرّجت جامعيين، وأيامكم خرّجت شهداء، نحن أضعف منكم بكثير أنتم وجوه المستقبل ونحن تاريخ وماضٍ».
فهل سيتصارع طلاب الجامعة اللبنانية بالفكر ويبحثون عن خلاص وطن، بعدما قدّمت جامعتهم 19 شهيداً؟ الجواب رهن الأيام المقبلة، فيما يحط تكريم شهداء الوعد الصادق رحاله في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـــــــ الفرع الأول في الجامعة التي قدّمت الشهيدين حمد حمد ووسيم شريف.
تمنى أمس رئيس مجلس طلاب الفرع في الكلية عباس قطايا «لو كنتَ وسيم بيننا، تنقح كلمتي ويطول النقاش، وسيم مجلة المجلس لم تصدر بعد، ولن تصدر إلاّ باسمك... حان الموعد يا حمد، الطلاب يجتمعون في المطبوعات، يجمعون الأوراق والدفاتر، غداً يوم الامتحان حيث يكتبون عن المناخ والخرائط، وأنت يا زميلي سبقتهم إلى الامتحان الأصعب إلى حيث الحبر كان دمك يكتب على خريطة الجنوب أنّ حبة من تراب الوطن هي بحجم كل الوطن...». لم ينس قطايا لمسات خرّيج كلية العلوم بشير علوية في إنجاز نشاط يحتاج إلى أسابيع بساعات قليلة...كما يفتقد الطبيب الشهيد كاظم خنافر في الوقوف إلى جانبه للدفاع عن الطلاب والانتقال إلى الحدث...».
أما مدير الكليّة الدكتور عصام شبارو فعرّج في سرد تاريخي على شهداء المقاومة الوطنية منذ انطلاقتها في 16 أيلول 1982، مروراً بعمليات «حزب الله» النوعية ووقودها عشرات مئات الشهداء، ليتوقف عند نموذج شهادة هادي نصر الله «وهو أمر لم تألفه الأحزاب من قبل»، وصولاً إلى شهداء الجامعة اللبنانية التي أثبتت أنّها قلب الوطن النابض، إلى جانب كونها منارة للعلم والأدب والثقافة.
مرّة جديدة يطل فيلم «قافلة النور» ليذكّر بأنّ الشهداء كانوا طلاب علم وشهادة على حد سواء. يعتلي الشاعر غسان مطر المنبر ليهدي باقة من قصائده للشهيد وسيد المقاومة وأطفال صبرا وشاتيلا. تتسلّم والدة الشهيد حمد حمد درع الشهادة والانتصار وينتهي الاحتفال.