strong> عفيف دياب
أثار عدم مشاركة حزب الله في الاحتفال المركزي للحزب الشيوعي اللبناني، لمناسبة الذكرى الـ 83 لتأسيسه الأحد الماضي في قصر الأونيسكو في بيروت تساؤلات عمّا إذا كان التباين في مواقف الحزبين من قضايا سياسية لبنانية عدة قد أدى إلى «اضطراب» في العلاقة بينهما. وعبّر حزب الله عن هذا التباين بعدم إرسال ممثل عنه إلى المهرجان كموقف اعتراضي أو احتجاجي على مواقف الحزب الشيوعي التي انتقدت بشدة أداء المعارضة وفشلها الكبير في وضع برنامج وطني إنقاذي يخرج البلاد من أزمتها السياسية التي قد تؤدي إلى تأزم أمني. كما أن امتعاض حزب الله شمل اتهام المعارضة بتبديد مفعول الانتصار الكبير للشعب والمقاومة والجيش في حرب تموز 2006، وأنها لم تستطع توضيح الجانب الوطني من المعركة ضد إسرائيل، ما جعله ثانوياً وفي خدمة الصراع الإقليمي، بحيث بدت المقاومة كأنها جزء من الصراع الإقليمي لا حاجة وطنية وداخلية. هذا «الانتقاد» الشيوعي للمعارضة، ومعها حكماً حزب الله، أدى إلى «توتير» العلاقة، وأحدث «التباسات» تنطوي على الكثير من التأويلات.
يؤكد الحزب الشيوعي وحزب الله «متانة» العلاقة بينهما رغم التمايز في المواقف وسبل مقاربة الأزمات الداخلية. ويقول نائب الأمين العام للحزب الشيوعي سعد الله مزرعاني لـ«الأخبار» إن «العلاقة مع الحزب طبيعية وودية والزيارات المتبادلة تجري دورياً، والنقاشات والحوارات بين الحزبين تشمل جميع القضايا، ونحن نعبر دوماً عن مواقفنا وما نؤمن به بكل حرية واستقلالية».
وعن أسباب عدم مشاركة حزب الله في مهرجان «الشيوعي» في الأونيسكو، يوضح مزرعاني أن الحزب الشيوعي أرسل دعوة رسمية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للمشاركة كما جرت العادة في كل أنشطة الحزب الكبرى، و«نحن توقّفنا ملياً أمام عدم تلبية الدعوة وإرسال ممثل عن حزب الله، لكن الحزب أبلغنا لاحقاً اعتذاره عن الخلل التقني الذي أدى إلى هذا الغياب غير المقصود». ويضيف مزرعاني أن حزب الله «كلف الحاج محمد برجاوي تمثيل السيد نصر الله وحزب الله في ذكرى تأسيس حزبنا، ونحن نتفهم هذا الأمر الناجم عن أسباب تقنية بحتة. فجميع مراكز حزب الله قصفت في العدوان الإسرائيلي، ونحن نرى عدم المشاركة أمراً عابراً لا يؤثر في العلاقة الطبيعية مع حزب الله، ولم نلمس في علاقتنا معه أي احتجاج أو انتقاد لمواقفنا السياسية حيال مختلف القضايا».
وعن عدم مشاركة حركة «أمل» أيضاً في المهرجان، يوضح نائب الأمين العام للحزب الشيوعي أن الحركة اعتذرت عن عدم المشاركة الناجم عن أمر طارئ حدث مع المكلف رسمياً من الحركة تمثيلها في المهرجان و«التبرير كان مقنعاً، والغياب عن الحضور لم يكن أيضاً موقفاً سياسياً».
تأكيد الحزب الشيوعي اللبناني استمرار «العلاقة الطبيعية» مع حزب الله رغم غياب الأخير عن المهرجان وعدم تغطية إعلامه لاحتفالات ذكرى جبهة المقاومة، يكرره أيضاً حزب الله الذي أجرى اتصالاً بالحزب الشيوعي وأبلغه اعتذاره عن «الخلل» التقني الذي أدى إلى غياب ممثل الحزب عن الذكرى. ويقول الحاج محمود قماطي لـ«الأخبار» إن «خللاً تقنياً أدى إلى عدم وصول دعوة الحزب الشيوعي إلى حزب الله للمشاركة في ذكرى تأسيسه، وقد أبلغنا الأستاذ سعد الله مزرعاني بهذا الخلل الذي لم ولن يؤثر على العلاقة مع الحزب الشيوعي». وأكد قماطي أن علاقة الحزبين «في أحسن حالاتها، ونحن نقوم معاً بأعمال مشتركة ونعقد لقاءات دورية ومستمرة». وعما إذا كان تمايز مواقف الشيوعي عن كثير من مواقف المعارضة قد أدى إلى توتر ما في العلاقة، أوضح قماطي أن «لدى الحزب الشيوعي نهجه الخاص في التعبير عن موقفه السياسي، وهو مع المعارضة في كثير من الأمور، لكنه يتمايز عنها في طرحها أو مقاربتها، وللأسف البلد قائم على وضع طائفي والحزب الشيوعي لا ينسجم مع هذا الجانب، ونحن نعلم مدى انسجامه مع خصوصيته ونحترمها كثيراً». وهل تركت مواقف «الشيوعي» أي تأثيرات على العلاقة مع حزب الله؟ يجيب قماطي بالنفي، ويؤكد أنه «لا انزعاج بتاتاً من بعض مواقف الحزب الشيوعي الانتقادية للمعارضة، وهذا الأمر لا يؤثر في العلاقة الثنائية بين حزبينا». ويختم قماطي بأن هنالك تحضيرات مشتركة مع الحزب الشيوعي وقوى من المعارضة والموالاة من أجل عقد مؤتمر وطني عام للتأكيد على وحدة لبنان والتمسك بالسلم الأهلي والحض على التوافق.