strong> أنطون الخوري حرب
قد يكون حزب «حراس الأرز» الحزب المسيحي الوحيد الذي لم يشهد في تاريخه انشقاقات وانقلابات وانتفاضات، رغم أنه خاض المسارات السياسية والعسكرية مع كل الميليشيات المسيحية. وقد يكون الوحيد الذي أطلق فكرته شاعر، ففي آب 1974، عقد اجتماع ضم إتيان صقر المعروف بـ«أبو أرز» والشاعر سعيد عقل وجوزيف الخوري طوق، في أحد مطاعم البردوني في زحلة، دعا خلاله عقل إلى «بيع الطحين الذين نأكله لشراء سلاح».
وتعود العلاقة بين صقر وعقل إلى بداية السبعينيات، حين بدأ تخوف البعض من الثورة الفلسطينية على «الكيان اللبناني». وكان الأول مفتّشاً في الأمن العام في زحلة، ومن أشدّ المتأثرين بكتابات عقل. ومن تلك الأيام انطلقت عملية بناء حزب عقائدي عسكري لبناني قومي ليشارك في الحرب ضد منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد نشاطات «ثقافية ورياضية»، في بشري، بإدارة طوق تحت اسم «مركز الشباب اللبناني»، أعلن صقر وعقل في الشهر الأول من سنة 1975 الحزب الذي شارك في معارك محلة السيوفي في الأشرفية.
وفي صيف 1975 بدأ حزب «حراس الأرز» تدريبات مقاتليه العسكرية في مخيم «التنظيم» في طبرية ومع «لواء الجبل» في ريفون، وكان عديد المنتمين إليه يقارب 1000 مقاتل مزودين أسلحة فردية خاصة، قبل أن يبدأوا بامتلاك السلاح المتوسط والثقيل الذي حصلوا عليه من الرائد المنشق عن الجيش في الجنوب سعد حداد، ثم «القوات اللبنانية» في ما بعد.
وخلال ما عرف بحرب السنتين 1975 ـــــ 1976، شاركت قوات «الحراس» في المعارك على كل الجبهات «المسيحية»، إضافة إلى حركة بارزة في الجنوب مع قوات حداد، حيث بدأت علاقة الحزب بإسرائيل. وتميز دور الحزب في تلك الفترة بمحاولات مصالحة الميليشيات المسيحية كلما اختلفت وسقط من بينها قتلى وجرحى لا دخل للفلسطينيين بهم.
عقيدة «حراس الأرز» مبنية على مبدأ «قومية الوطن اللبناني الذي لا يذوب في العروبة الإسلامية»، اقتناعاً بأن تاريخ وجود لبنان يعود إلى ما قبل ستة آلاف سنة «تكوّنت عبرها نموذجية لبنان وطناً للمضطهدين، فالموارنة أتوا إليه هرباً من اليعاقبة في القرن السابع للميلاد، والدروز أتوا هرباً من المسلمين السنّة الذين اتهموهم بالهرطقة في القرن الحادي عشر، كذلك الشيعة الذين لجأوا إليه هرباً من السنّة، والأرمن من الاضطهاد التركي». وكان الشعار الذي رفعه حراس الأرز خلال الحرب هو «لن يبقى فلسطيني على أرض لبنان»، وما لبث أن تحول حين اشتدت المعارك إلى «على كل لبناني أن يقتل فلسطينياً». أما ما يفاخر به «حراس الأرز»، ولا يعرفه كثيرون، فهو «الشهداء من الطوائف الإسلامية الذين يورد أسماءهم في صدارة لائحة شهدائه».
والحزب الذي يشكو أنه «لم يسلم من اعتداءات ميليشيا الكتائب عليه مرات عديدة، أحدها في البترون حيث سقط له أربعة شهداء»، بحسب عضو «الهيئة الثلاثية الرئاسية» في الحزب جوزيف الخوري، يفخر بأنه نأى بنفسه عن الصراعات المسيحية ـــــ المسيحية، بل رفضها، ولا سيما مجزرتا إهدن عام 1978 والصفرا عام 1980، مشيراً إلى أنها «مسامير دقّت في نعش المقاومة».
أما بالنسبة إلى العلاقة مع سوريا، فقد كان الطرف المسيحي الوحيد الرافض للدخول السوري إلى لبنان عام 1976، واعتصم قائده مع مقاتليه احتجاجاً، في بلدة تنورين الشمالية. لكنه تعامل مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 بـ«لجنة تنسيق مشتركة مع الإسرائيليين في بيروت». ومع ذلك يقول طوق إن «حراس الأرز، أقل حزب مسيحي تعاطى مع إسرائيل، بينما هو المتهم الأكبر بهذه العلاقة». ويقول قياديون سابقون إن هذا الاتهام شاع «بعد زيارة وفد مرموق من مثقفي الحزب إلى إسرائيل، في العلن، ولقائه مناحيم بيغن وأرييل شارون، الأمر الذي لم يقدم عليه أي مسؤول في أي حزب مسيحي آخر».
عام 1989 استقال «أبو أرز» من «الجبهة اللبنانية» ومن مجلس قيادة «القوات اللبنانية» الذي انضم إليه بعد أحداث الصفرا، وذلك بسبب الفرز السياسي الذي أحدثته الحرب التي أعلنها رئيس الحكومة العسكرية آنذاك العماد ميشال عون ضد القوات السورية. ثم أصدر مذكرة إلى مقاتلي «الحراس» يدعوهم فيها إلى العودة إلى بيوتهم و«القوات اللبنانية» إلى الالتحاق بوحدات الجيش التي تأتمر بأوامر عون.
لكن الحزب انتهى عسكرياً عام 1990 حين اندلعت ما عُرِفت بـ«حرب الإلغاء» بين الجيش و«القوات» التي هاجمت مقر قيادة الحزب والإذاعة التابعة له، «صوت الأرز»، واعتقلت العناصر والقياديين ورحّلت رئيس الحزب إلى قبرص قبل أن ينتقل للإقامة في الشريط الحدودي المحتل بعد 13 تشرين الأول من ذلك العام، وكان أعضاء مجلس القيادة قد تغيّروا بالكامل، فحلّ حبيب يونس وجوزيف طوق وناجي عودة وبيار عطا الله وسمير غزال ورامي الشدياق وسمير نصر وغسان حداد ونديم الشويري، مكان جان علم وشكيب طربيه وريمون الضاهر وإلياس مطر وريمون خوري وجورج يوسف ولويس ملاط، بسبب خوف الأخيرين أو سفرهم أو تواريهم.وبدأ مجلس القيادة الجديد تنظيم نشاطات ثقافية، مكتفياً سياسياً بإصدار البيانات المعبّرة عن مواقف الحزب. وكان ينتقل مرتين في الشهر إلى بلدة صبّاح الجنوبية لعقد اجتماع دوري مع رئيسه «أبو أرز». وما لبث الحزب أن انضم إلى ما عُرِف بـ«التيار السيادي المسيحي» الذي تلاقى مع أهدافه، وتحديداً مع «التيار الوطني الحر».
عن الوضع القانوني للحزب، يقول طوق إن الحزب يحوز العلم والخبر القانونيين، إلا أن سبعة أحكام قضائية صدرت بحق رئيسه تتراوح مُدد عقوباتها بين 3 سنوات والمؤبّد والإعدام، وكلها بتهمة التعامل مع إسرائيل، «فيما الذين تعاملوا بأكبر نسبة مع إسرائيل عيّنوا وزراء في الحكومة اللبنانية»، ولم «تتبلّغ القيادة حتى اليوم أي حظر قانوني على وجود الحزب أو نشاطه».
كذلك تعرّض أعضاء القيادة لجملة اعتقالات، فسجن جوزيف طوق مرات عدة، كما سجن سمير نصر وحبيب يونس وناجي عودة ورامي الشدياق.
وعن وضع الحزب اليوم، يقول طوق: «لا نجد أنفسنا داخل أي اصطفاف سياسي حالياً، ولدينا اعتراضات واختلافات مع الجميع، لكن هذا لا يمنع من التعاون بيننا وبينهم في بعض المواضيع، لكن شبابنا وجدوا أنفسهم تلقائياً ومن دون أي قرار مركزي إلى جانب التيار الوطني الحر خلال انتخابات 2005 النيابية».
ويلخص قيادي في الحزب المواقف من الآخرين، بتأييد المقاومة «في المبدأ» ومعارضة «إسلاميتها»، ورفض «أي علاقة مع قوات سمير جعجع، قبل أن يعتذروا عن الإساءات التي ارتكبوها بحقنا، ويعيدوا ممتلكاتنا التي صادروها»، إضافة إلى الخلاف مع التيار الوطني الحر «لجهة الاكتفاء بمطالبة سوريا ببتّ ملف المعتقلين اللبنانيين في سوريا، والتغاضي عن المطالبة باعتذار وتعويض عن ممارسات النظام السوري خلال احتلاله للبنان». وبعد الانحسار القسري والإرادي، عادت مراكز الحزب لتنتشر من جديد في مناطق سن الفيل والسبتية وجونيه والبترون وزحلة، والسبب أنه يتوقع أعضاء القيادة أن تصدر الدولة قانون عفو عن كل الملفات السياسية بعد الانتخابات الرئاسية، ما يسمح بعودة «أبو أرز».




توضيحان ورد

أوضحت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» ما ورد في التحقيق حول «نمور الأحرار» أول من أمس الذي «ورد فيه كلام نُسب إلى رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع بأنه اعترف أثناء المحاكمات بأن جريمة الشهيد داني شمعون هي خطأ حياته، كما اتهم فيه بعض رموز نمور الأحرار السابقون رئيس الهيئة التنفيذية بأنه هو من أمر بقتل الشهيد داني شمعون وعائلته». ولفتت الدائرة إلى أن «ما ورد من اتهامات لا يمت إلى الحقيقة بصلة ويأتي ضمن الافتراءات والأضاليل التي تهدف إلى الإساءة إلى صورة القوات اللبنانية»، مشيرة إلى «أن كل ما ذُكر ليس سوى تزوير على التزوير الذي سيق ضد القوات».



أوضح مسؤول العلاقات العامة في «رابطة سيدة إيليج» سعود أبو شبل ما نشر في «الأخبار» أمس، فأكد أن «أعضاء الرابطة هم أبعد ما يكون عن الشعور بالنقمة على أحد ويقدّرون أحزاب المقاومة كافة وخصوصاً حزب القوات اللبنانية ويثمّنون غالياً وفاء المجتمع المسيحي لشهدائه ويرون أن عملهم نوع من التعبير عن وفاء هذا المجتمع لشهدائه». كما أشار الى أنه «لتاريخه، فإن أسماء الشهداء طوني فرنجية وخليل كنعان وإلياس الزايك وإيلي حبيقة غير موجودة على لوائح الشهداء، وطموحنا أن يتوحّد مفهوم الشهادة لدى كل المسيحيين وترتفع قيمة الشهادة بحد ذاتها عن أي أمر آخر، ويتوحّد المسيحيون حول شهدائهم ويتصالحوا مع ذاكرتهم ويعملوا على تنقيتها، ونسعى إلى أن تصبح أرض إيليج المقدسة مساحة يجتمع فيها جميع المسيحيين دون أي استثناء لتكريم ذكرى شهدائهم الذين هم قبل كل شيء وفوق كل شيء شهداء الإيمان المسيحي».



«الأخبار» استقت معلوماتها من خلال أجواء عدد من المنتسبين الى الرابطة والتي تضمنت كثيراً من النقمة على قيادة «القوات اللبنانية». أما بالنسبة إلى الأسماء التي لم تتضمنها «لوائح الشهداء» فقد التبست الصياغة في شأنها، والمقصود أن الذين تحدثوا باسم الرابطة أكدوا أن هناك نية لادراجها في هذه اللوائح.

غداً: «حركة الشبيبة اللبنانية»