strong>ثائر غندور
للموعد مع أحد النوّاب في فندق فينيسيا إجراءاته المعقّدة التي يحاول أمن الفندق والمركز الإعلامي فيه تخفيف وقعها على الصحافي. أمّا النوّاب فيحاولون أن يقتنصوا فرصة الحديث مع أيٍّ كان. هناك حاجة إلى هذا الأمر من أجل تخطّي وقع السجن الذهبي.
وقد تعوّد رجال الأمن الحركة النشطة للصحافيين في أرجاء الفندق، حتى نسوا أن هناك مكاناً مخصّصاً للقاءت مع هؤلاء. تصل إلى المدخل، فتخضع لتفتيش دقيق غير مؤذ، ثم يطلب منك أحد الأمنيين الجلوس في الصالون. بعد دقائق، يأتي آخر ويسأل: إلى أين؟ تخبره عن الهدف المنشود... يأخذك إلى إحدى الطبقات لتُفاجأ بأنك في «منزل» النائب محمد الحجّار. يتحدّث النائب في السياسة، فينفي أن يكون النائب سعد الحريري قد اختلف مع النائب وليد جنبلاط وسمير جعجع على النصاب القانوني، ويؤكّد أن الحريري ما زال مصراً على الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، «على رغم أنه قد يؤدي إلى إشكالات، لكنّها أقل خطراً من الفراغ الدستوري». تدخل إحدى النساء، هي زوجة نائب آخر كان في زيارة للحجّار، وتتجه صوب المطبخ، قائلةً للحجّار: «طلْتك مبارح (أول من أمس في «كلام الناس») كانت موفّقة». يبتسم الحجّار. وفي اللحظة عينها تنتبه إلى وجود المطبخ والأواني والعصير وربما الكورن الفليكس وأشياء أخرى.
يستكمل النائب محمد الحجار الحديث في السياسة. لا يريد أن يتناول لقاء نوّاب تكتّل الإصلاح والتغيير في الفندق، «لأني لا أملك معلومات عنه»، ولا عن لقاء الحريري مع جنبلاط وجعجع «لأني لا أملك أيضاً معلومات عنه».
يستفزّه الحديث عن «توزيع حزب الله السلاح على أطراف معارضة سنيّة»، كما اتهم رئيس تحرير جريدة «المستقبل» هاني حمّود حزب الله في حديث تلفزيوني. فهو قد اتهم الحزب سابقاً بتوزيع السلاح على مناصري النائب السابق زاهر الخطيب. يضيف هذه المرّة الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وجبهة العمل الإسلامي. يعتبر أن توزيع هذا السلاح سيؤدي إلى انفلات أمني، «لكني واثق من قدرة الجيش على ضبط الأمور، وتيّار المستقبل لا يتسلّح».
محمد الحجّار مستعد للحديث طويلاً عن حزب الله، «الذي شرّفنا في مواجهة الاحتلال والنصر في أيّار عام 2000». أمّا اليوم فيجب أن يعود السلاح إلى الشرعيّة، لكن بالحوار والتفاهم، «من دون أن يعني هذا انسحابنا من دورنا في الصراع العربي ـــــ الاسرائيلي». فهو يرى أن حزب الله ينفّذ سياسة إيرانيّة في لبنان.
يلعب بالجريدة الموجودة أمامه. يعيد النظر إلى المقال الذي كان يقرأه قبل الدخول المفاجئ عليه. شيء ما لا يعجبه في الصحافة «التي تحلّل على ذوقها». يعود إلى السياسة، ويصرّ على اختلافه وفريقه السياسي مع السياسة الأميركيّة في موضوعي العراق والصراع العربي ــــ الاسرائيلي، «فنحن لا نعتبر حزب الله منظمة إرهابية»، ويرفض أن يكون لبنان ساحةً لصراع المحاور، «فلسنا مع المحور الأميركي ــــ الاسرائيلي ولا نريد أن يكون أحد مع المحور الإيراني. لا نريد أن يبقى لبنان صندوق بريد»، مؤكّداً أن المحور الأميركي مرتبط بالإسرائيلي.
ينفي أن يكون النائب جنبلاط (وهو عضو في اللقاء الديموقراطي الذي يترأسه جنبلاط) قد قال لفضائيّة الجزيرة إنه جزء من المشروع الأميركي. ينتهي اللقاء مع الحجّار لأن صديقه الذي كان على موعد معه ينتظر منذ فترة. يعتذر منه الحجّار لأن الصحافيين يلحقون الخبر فيردّ صديقه غامزاً: لأن تصريحاتك ناريّة. قبل الخروج من الغرفة يشير الحجّار إلى أن الدخول إلى غرفته يُعتبر خرقاً أمنياً كان يجب ألا يحصل ولذلك «لا تقول لهم إنك كنت في غرفتي حتى لا يزعجوك بأسئلتهم».