عمر نشابة
ينتشر الفساد في كل القطاعات الرسمية في لبنان، كما في سائر البلدان العربية. لم يعد ذلك يخفى على أحد، لا بل لم تعد السلطات الرسمية قادرة على منع وسائل الإعلام والجمعيات الأهلية من فضح الرشوة التي تدفع يميناً ويساراً بهدف «تسهيل المعاملات». ولم تنجح الجهود التي قامت بها الإدارات المختلفة والجمعيات والمنظمات غير الحكومية في القضاء على الرشوة وتثبيت النزاهة وترسيخ القواعد الأخلاقية في عملية إنجاز المعاملات أو تعيين الموظفين أو كسب المناقصات أوالتدقيق في قانونية ورش البناء وأعمال الترميم ومسح الأراضي وتحديد القيمة وغيرها من وظائف الدولة. ولعلّ أسوأ تأثيرات الرشوة في الإدارات الرسمية تعني نظام العدالة. يتحدّث المواطنون والموظفون في إدارات الدولة، وحتى المسؤولون فيها، عن أموال يتقاضاها أطباء شرعيون لاصطناع تقارير طبّية، وأموال يقبضها موظفو الوزارات للحصول على ملفّات أو مبالغ يحدّدها المفتّشون للتغاضي عن مخالفات وجرائم بحقّ المال العام أو هدايا و«منح» يتلقاها قانونيون في أعلى هرم إحدى سلطات الدولة الثلاث مقابل إسراع في الإجراءات أو حتى تغيير في الوقائع بأسلوب يصعّب التدقيق والكشف.
إن الفساد واستمرار انتشاره هو من صناعة المجتمع المحلي الذي يتميّز الجزء الأكبر منه بقيم «الشطارة» و«التظبيط» و«كلّ مين إيدو إلو» وليس الفساد من صنع أميركا أو إيران أو سوريا أو غيرها من الدول التي يراها العديد من اللبنانيين مصدراً لكلّ مشاكلهم. لكن إذا أردنا إنجاز معاملة في إدارات الدولة، فالمفتاح هو الرشوة....