يتابع أحد أساتذة قسم اللغة العربية وآدابها، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـــــ الفرع الأول، إحدى طالباته التي تجري بحثاً جامعياً في كافيتريا الكلية. المشهد يبدو غريباً للوهلة الأولى، ولا سيما أنّ مكتب الأستاذ هو المكان الطبيعي لاستقبال طلابه. لكن يبدو أنّ هذه القاعدة لا تسري على أساتذة أكبر قسم في الكلية، الذين فقدوا منذ سنتين مكاتبهم في الطبقة الخامسة من المبنى الرقم واحد، بعد «استيلاء» أصغر قسم في الكلية عليها (لا يتجاوز عدد طلابه 40). يذكر أنّ الطبقة الخامسة تضم ست غرف تتسع لـ11 أستاذاً. وفيما وُعد الأساتذة بإعطائهم الطبقة السابعة في المبنى نفسه، اصطدموا بـ«احتلالها» من موظف، في وقت لم تعد هناك «احتلالات» في لبنان على حد تعبيرهم. فالأساتذة الذين يواكبون أبحاث طلابهم في القاعات الدراسية أو المقاهي والكافيتريات أو حتى في منازلهم، يطالبون إما بعودة مكاتبهم في الطبقة الخامسة وإما بـ«إفراغ» الطبقة السابعة.
من جهة أخرى، صدقت توقعات الطالبات الصينيات في قسم اللغة العربية، فقد عدن إلى السنة الأولى بسبب عدم قدرتهن على التكيّف مع زملائهم، ما يضع علامة استفهام على نجاح تجربة الدمج، ما يقتضي، بحسب الأساتذة، إعادة النظر في اعتماد برنامج خاص لتقوية الطلاب الأجانب في اللغة العربية، على غرار البرنامج الذي تطبّقه الجامعة في تقوية طلابها باللغة الفرنسية، وخصوصاً أنّ هناك اتجاهاً لاستقبال طلاب أميركيين ومن جنسيات أخرى. وطالب الاساتذة بتكليف مجموعات عمل لمواجهة هذه المشكلة ووضع تصور لحلول.
وفي هذا الإطار، يشكو الأساتذة من عدم شمول البرنامج الأخير طلاب قسم اللغة العربية الذين يحتاجون إليه أكثر من غيره لكونهم يدرسون مواد متصلة بالأدب الفرنسي.

... وأساتذة الفلسفة ينتظرون الطلاب

على صعيد آخر، فتحت أبواب كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـــــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية أمام طلابها، وذهب ناجي بعد أسبوع من انطلاق العام الدراسي لمتابعة السنة الأولى في قسم الفلسفة. دخل ناجي الصف حيث انضم إليه طالبان آخران. بدأت المحاضرة وناجي في حيرة من أمره، يريد أن يعرف أين بقية الطلاب. في اليوم التالي، عاد ناجي إلى القاعة نفسها، فإذا به يصادف طالباً جديداً داخل القاعة، فيما غاب الطالبان اللذان حضرا في اليوم الأول. أما في الحصة الثانية فوجد ناجي نفسه وحيداً في قاعة تتسع لعشرين طالباً. هذه هي حال قسم الفلسفة في الجامعة اللبنانية، الأساتذة ينتظرون الطلاب الذين يتراجع إقبالهم على القسم بسبب الاهتمام باختصاصات أخرى، أو صعوبة فهم المادة، «فمن لا يفهمها يكرهها».
وهكذا يغيب الطالب عن المحاضرات ليعود في نهاية العام فقط لتقديم الامتحانات. ويفاجأ الطالب الوحيد بالعدد الهائل من الطلاب الذين لم يرهم طوال العام الدراسي. فالطالب يهمل واجباته تجاه نفسه بالتهرب من الصفوف، وسياسة الجامعة بعدم إلزامية الحضور في هذا القسم لا تساعد الطالب على معرفة ما عليه فعله، فيلوم الجامعة، وتلومه الجامعة بدورها. ويطلب الأساتذة من طلابهم الحضور من أجل التفاعل في الصف. ويبقى أن نبحث عن سبب غياب الطلاب عن محاضراتهم.
(الأخبار)