strong> ليال حداد
لم تكن الطاولة التي نظمتها بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان حول «حلّ الخلافات وإرساء دولة القانون» في كلية العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، مستديرةً، كما كان مقرراً، بل محاضرة تقليدية اعتلى فيها كل من رئيس قسم تنسيق السياسة الأوروبية للجوار الايرلندي جون أو رورك، القانوني نبيل معماري، والخبير الاقتصادي توفيق غاسبار المنصة. وألقوا كلماتهم حول الموضوع أمام طلاب كليات العلوم السياسية، وإدارة الأعمال والعلوم الاقتصادية في الجامعة.
ثم جاء وقت طرح الأسئلة. «كيف ستحلّون الصراع اللبناني والعربي الإسرائيلي؟» ، «هل الاتحاد الأوروبي اتحاد متماسك في ظل السياسات التي تمارسها بريطانيا بمعزل عن رأي باقي الدول؟»... وغيرها من الأسئلة الفضفاضة طرحها بعض الطلاب على أو رورك، الذي لم يجب عليها بشكل مباشر، وتغاضى عن بعضها.
غير أنّ قسماً آخر من الأسئلة كان أكثر دقة وحساسية. «كيف سيعمل الاتحاد الأوروبي على إرساء دولة القانون في حين عفا القانون عن مجرمي الحرب، وآلاف المواطنين لا يزالون حتى الآن مهجّرين أو معوقين من جرّاء هذه الجرائم؟» سألت الطالبة فرح قبيسي. فاجأ السؤال أو رورك الذي ذكّر بأن العودة إلى الماضي لا تفيد، وأنّه لا توجد قاعدة واحدة مطبقة في كل الدول «لكل دولة خصوصيتها لذا لا يمكن الحديث عن خطوات محدّدة».
أما سؤال إحدى الطالبات فوقع وقوع الصاعقة على الطلاب وأو رورك «هل تعتبرون حزب الله منظّمة إرهابية؟» بدأ الطلاب يتهامسون وانتظروا جواب المنسّق الأوروبي الذي تهرّب من الجواب مكتفياً بعبارة «نحن لا نتدخّل في الأمور الداخلية وندع ذلك للبنانيين أنفسهم». لم يشف الجواب غليل الحاضرين، ما دفع fرئيس بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان السفير باتريك لوران إلى الإجابة على السؤال بنفسه في نهاية المحاضرة بالقول: «الأمر محسوم بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. حزب الله طرف سياسيّ وليس منظمة إرهابية والتقيت شخصياً عدداً من المسؤولين في الحزب». أعجب الجواب قسماً من الطلاب وبدت الخيبة واضحة على وجوه بعضهم الآخر.
انتهت المحاضرة وخرج الطلاب إلى استراحة قصيرة. «رأيت أنّ المؤتمر كان اقتصادياً أكثر منه سياسياً، فالبرنامج كان فارغاً في بعض جوانبه، ثمّ إنه يشجّع على تطبيق النظام النيو ـ ليبرالي في لبنان الأمر الذي سيزيد الطبقة الفقيرة فقراً وسيقضي على معظم الانتاج المحلّي»، تستشهد الطالبة ساريا فرنسيس بمداخلة الدكتور غاسبار الذي عاد بالتاريخ إلى أيام ما قبل الحرب الأهلية في لبنان، فأظهر أن تطبيق النظام النيو ـ ليبرالي وتشريع السوق الحرة لم ينفع اللبنانيين.
انتقادات مماثلة وجّهتها كل من الطالبيتن فرح قبيسي وكارول كرباج للمؤتمر. غير أن الاستفادة كانت كبيرة عند جميع الطلاب فتقول قبيسي: «بغياب الشفافية عند حكوماتنا المتتالية، لم نكن نعرف ما هي الاتفاقات الموقّعة بين لبنان والخارج، واليوم أعرف للمرة الأولى أن هناك اتفاقاً بين لبنان والاتحاد الاوروبي، هذا يعطينا هامشاً للنقد».
أما كرباج فتسأل «لماذا كل هذا الاهتمام بنا كطلاب من قبل الاتحاد الأوروبي؟ من نحن ليأتي السفير الأوروبي شخصياً إلينا» وتجيب مباشرة على سؤالها : «السبب هو إقناعنا كجيل شباب بطريقة غير مباشرة بأهمية الاقتصاد الحر، والقيم الغربية، هذه هي البروباغندا». وكان الاتحاد الأوروربي قد اختتم أمس مؤتمره الأول «أيام الجوار» الذي بدأ الثلاثاء الماضي بالتعاون مع معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف تحت عنوان «لنتشاطر رؤيا مستقبلية واحدة». وناقش المؤتمر خلال أيامه الأربعة موضوعات الإصلاح السياسي، وسياسات الاتحاد الاوروبي في الشرق الأوسط وما يعرف بدول «الجوار» وهي الدول التي لها حدود برية أو مائية مع الاتحاد الأوروبي.