طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
أثارت التهديدات بالقتل عبر اتصالات يجريها مجهولون من «كابينات» هواتف عمومية بأشخاص مُحدّدين، ويدّعون فيها الانتماء إلى جهات أو تيّارات سياسية معينة، ردود فعل وأسئلة عدّة عن مدى جدّية هذه التهديدات، وعن ماهية الإجراءات التي تتخذها القوى الأمنية من أجل وضع حدّ لها، وخصوصاً بعدما أثارت الكثير من البلبلة والاضطراب في أكثر من منطقة.
وترك التهديدان اللذان تعرض لهما مدير تحرير جريدة «الرقيب» الزميل محمد سيف، وعضو مجلس أمناء «تجمّع العلماء المسلمين» في لبنان الشيخ مصطفى ملص، من شخصين مجهولين ادّعيا الانتماء إلى «أفواج طرابلس» و«تيّار المستقبل» على التوالي، آثاراً وتداعيات لم تنته بعد.
فبعدما أعلن «تيّار المستقبل» تبرؤه من «أفواج طرابلس»، وأنّها «غير ملتحقة به، ولا علاقة له بها من قريب أو بعيد»، بعد الضجّة التي أثيرت في طرابلس إثر تعرّض سيف للتهديد، برز بشكل مفاجئ بيان باسم «الأفواج» وُزِّع على نطاق ضيّق أوّل من أمس، أطلقت فيه الأفواج على نفسها صفة «المؤسّسة»، وأكّدت أنّها «تُشكّل مع «تيّار المستقبل» امتداداً واحداً وساحة واحدة، وتسعى لهدف واحد هو الحفاظ والتصدّي للفتنة التي نلعن من أيقظها»، مشدّدة بالمقابل على «سيادة القوى الأمنية الشرعية على كلّ الأراضي اللبنانية، وأنّ تحرّكها يأتي في سياق التوعية بأهمية الاحتكام إلى القانون».
وأوضح بيان الأفواج أنّ «ما أورده أحد الموظفين في جريدة «الرقيب»، عن تلقي تهديد من متصل ادّعى الانتساب إلى «أفواج طرابلس» هو اتهام باطل، ونترك للقضاء الحكم على جدّية هذا الادعاء»، مشيرة إلى أنّ «علاقة «أفواج طرابلس» بـ«تيّار المستقبل» هي علاقة الارتباط بمناصرة الحقيقة والعدالة، وعلاقة التأييد للحرية والسيادة والاستقلال»، رافضة بأيّ شكل من الأشكال «ضرب ودق الأسافين التي تسعى إلى ضرب الصفّ الإسلامي والوطني».
وحذّرت الأفواج «المتطاولين ومثيري الفتنة بأنّ للصبر حدوداً، وبأنّ أيّ تجاوز بحقنا وبحق مدينتنا وأهلنا لن يمرّ».
وقد أثار هذا البيان «انزعاجاً واسعاً» في أوساط «تيّار المستقبل» في الشّمال، وفق ما أشار مصدر مسؤول فيه لـ«الأخبار»، مشيراً إلى أنّ ذلك «يلحق ضرراً كبيراً بالتيّار على أكثر من صعيد».
في موازاة ذلك، استنكر رئيس «جبهة العمل الإسلامي» الداعية فتحي يكن حادث التهديد الذي تعرّض له ملص، متّهماً «أصابع الفتنة الداخلية التي تتحرّك بين الحين والآخر لقمع المعارضة، ومن لا يقف مع فريق الأكثرية، ويلتزم هذا التيّار أو ذاك، وبخاصة في الساحة السنّية»، محذّراً اللبنانيين من «الانزلاق إلى فتنة الدم والاقتتال، فإنّ دخلتموها فلن تخرجوا منها أبداً، وسيتحوّل بلدكم إلى محرقة، وحياتكم إلى جحيم، كما تحوّل العراق والصومال وأفغانستان وغيرها»، محمّلاً السلطات والأجهزة المعنية «مسؤولية ما يمكن أن يخرج عن الطور والاحتواء».
بدوره، رأى «حزب التحرير» في بيان أنّ التهديد الذي تلقاه سيف «يرسم أمامنا صورة مخيفة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور إن ذهب البلد إلى مزيد من الانقسام، وتساءل: «إذا كان هذا التهديد وغيره من الممارسات التي بدأ النّاس يشاهدونها بأمّ العين منذ شهور في المناطق جميعاً، أول قطرة من إعصار يلوح في الأفق، فما الذي سيأتي به الإعصار في حال
وصوله؟».