لفّ الحذر مختلف المناطق اللبنانية أمس واشتدّ بعد الإعلان عن تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وذلك وسط إجراءات أمنية مشدّدة نفّذتها وحدات من الجيش اللبناني و قوى الأمن الداخلي.ففي بيروت (مندوب «الأخبار» نادر فوز) أقفلت معظم المدارس وغاب معظم طلاب الجامعات عن كلياتهم وهدأ ضجيج السيارات الذي حلتّ مكانه آليات الجيش وقوى الأمن الداخلي. أمّاالمقاهي فقد فرغت من روّادها وخلت زوايا الأحياء والساحات من الشبان إلّا القليل منها، وخصوصاً في ساحة ساسين حيث زاولت المحال التجارية أعمالها كالمعتاد، إلّا أنّ عدد الزبائن تضاءل بشكل ملحوظ. وبدا «كورنيش المزرعة» ثكنة عسكرية حيث انتشرت فيه آليات الجيش بكثافة، على عكس الطريق الجديدة التي انتشرت فيها عناصر قوى الأمن الداخلي.
وفي شارع الحمراء رُفعت على أحد الأرصفة لافتات كرتونية تضمنت عبارات باللغة الإنكليزية مثل «الله يحميك يا لبنان»، «صلّوا لأعدائكم»، «أحبّ عدوّك» وغيرها من العبارات المسيحية التسامحية. وتبيّن أن شابّتين قادمتين من الولايات المتحدة أعادهما الحنين إلى لبنان قرّرتا التعبير عن رأيهما، بهذه الطريقة.
أحد الموجودين في المكان تحدث عن إيمان هاتين السيدتين وصلواتهما التي سمحت بـ«هطل الأمطار خلال فترة من الجفاف» في إحدى المناطق الأميركية. فربما نحن أمام معجزة جديدة تكرّس وفاق اللبنانيين بعيداً عن جولات وزراء الخارجية الأجانب.
وفي مناطق الجبل، لاحظ الزميل عامر ملاعب أن روح المهاتما غاندي رفرفت فجأة فوق المنطقة، وتحوّلت السخونة إلى برودة قاسية. فقد استيقظت المنطقة على أجواء تهدئة وحوار شدّد عليها مسؤولو الحزب التقدمي الاشتراكي بتوجيهات من رئيسه النائب وليد جنبلاط منذ خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الأخير. ولهذه الغاية، قام مسؤولو الحزب الاشتراكي بزيارات واتصالات مع رؤساء البلديات والمخاتير والفاعليات في الجبل ومع بعض أحزاب المعارضة، حتى إن مسؤولين من الحزب الاشتراكي عرضوا على الحزب السوري القومي الاجتماعي مساعدته على إنجاح المهرجان الذي أقامه الحزب القومي في بلدة بيصور الأحد الماضي بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب، كذلك محاولتهم الاتصال بـ«حزب الله» والتلاقي مع حركة «أمل» في بلدتي كيفون والقماطية.
يضاف إلى ذلك العديد من اللقاءات التي نظمتها «وكالات داخلية» في الحزب الاشتراكي في راشيا والإقليم والمتن وعاليه والبقاع الجنوبي، وأكدت خلالها «ضرورة الحفاظ على التماسك الداخلي ومد اليد الصادقة لحماية السلم الأهلي في مواجهة كل محاولات العبث بأمن الناس وأمن المنطقة»، واعتبار «أي خطأ هنا أو هناك سيدفع ثمنه الجميع»، والتشديد على أن «مهمات الاستقرار والأمن مولجة بها القوى الأمنية والجيش اللبناني وكل الثقة بقيادة هذه القوى وحكمتها».
أمّا في البقاع، فقد سجّل مراسلو «الأخبار» حال قلق سادت الشارع البقاعي، الذي شهد شبه منع للتجوال طوعي تحسّباً لأي تطورات سياسية أو أمنية.
وأفادت مراسلة «الأخبار» في شتورا نيبال الحايك أن حركة السير تراجعت بنسبة كبيرة، كما أُصيبت الأسواق التجارية بالشلل بينما كانت الحركة في زحلة طبيعية في فترة الصباح إلى أن تراجعت بعد تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
وذكرت مراسلة «الأخبار» سيرين قوبا أن المصارف في البقاع فتحت أبوابها كالمعتاد، لكن حركة المتعاملين معها تراجعت بشكل ملحوظ، فيما سجل إقبال على حركة شراء الدولار. وأفاد الزميل أسامة القادري أن حركة المرور على معبر المصنع الحدودي خفّت بشكل ملحوظ في الاتجاهين. وفي البقاع الغربي وراشيا التزم معظم الأهالي منازلهم. ومن البقاع الشرقي، كتب الزميل نقولا أبو رجيلي أنه رغم برودة الجوّ فقد شهدت ساحات القرى تجمعات محلية ونقاشات حامية و«ودية» حول الاستحقاق الرئاسي بين أنصار الموالاة والمعارضة.
وأشار مراسل «الأخبار» في عكار خالد سليمان إلى أن الحركة كانت شبه معدومة في مختلف المناطق، وأقفلت بعض المدارس الخاصة والمحال التجارية أبوابها، وبدا الكثير من المواطنين غير مهتمين بالاستحقاق، وقد أعرب بعضهم عن استيائه وقرفه مما يجري، محمّلاً المسؤولية في فشل انتخاب الرئيس الى الطبقة السياسية من موالاة ومعارضة.
(الأخبار)