جبيل ـ جوانّا عازار
عُيِّن الصحافيّ الاستقصائيّ الأميركيّ الدكتور ليكس كولمان، أخيراً، عميداً لكليّة الفنون والعلوم الإنسانيّة في الجامعة الأميركيّة للتكنولوجيا (AUT). ترك كولمان عمله كمراسل لعدد من المحطّات الإذاعيّة والتلفزيونيّة الأميركيّة، ليتحوّل إلى العمل الأكثر هدوءاً، ويتفرّغ للتعليم الجامعي في لبنان فقط، وهواليوم يعيش بين لبنان وأميركا، ولا سيما أنّ زوجته ماري كلود فيليب بعينو لبنانيّة.
يحمل كولمان ماجستير في العلوم السياسيّة ودكتوراه في وسائل الإعلام والاتّصال، وقد حاز جوائز عدة عن تحقيقاته الاستقصائية، وهو اليوم يسهم في تعليم الطلاب اللبنانييّن أسس الصحافة.
وقد فوجئ كولمان بمستوى الطلاب الذين يستطيعون أن ينافسوا طلاباً من كلّ أنحاء العالم، ويلمعوا في وسائل إعلاميّة عالميّة، وخصوصاً أنّهم يُتقنون ثلاث لغات. واللافت أنّه «يتعلّم في كلّ مرّة يدخل فيها إلى صفّ جديد أكثر ممّا يتعلّم طلابه».
أما النصيحة التي يسديها إلى طلابه: «لا تدعوا أحداً يخيفكم أو يخجلكم، من رئيس الجمهوريّة إلى أصغر عامل، فأنتم تمثّلون الجمهور الذي ينتظر منكم أن تسألوا الأسئلة الصحيحة ليقوم بدوره باتّخاذ القرار الصحيح». وينصحهم ثانياً بالتعاطف مع الأشخاص الذين يحتاجون إلى الرحمة والعناية، ويعانون حالات معيّنة مثل الفقر، الجوع، الاستغلال... متمنّياً عليهم تسليط الضوء على قضاياهم في الإعلام اللّبنانيّ.
ويدرّس كولمان أسس الصحافة الاستقصائيّة، فيعرّف الصحافيّ الاستقصائيّ بالقول: «هو الصحافي الذي يبحث عن الحدث، فلا ينتظره ليأتي إليه. يحفر ليصل إلى الحقيقة، ويدقّق في عناصر القصّة». ويذكّر بكلام الصحافي الأميركي الاستقصائي جاك أندرسن، الذي كان يوصي كلّ صحافيّ قائلاً: «ليكن كل تحقيق تقوم به كصحافيّ هو الأفضل لديك، لأنّ سمعتك كمراسل قد تهتز في أقل من خمس دقائق». ويعلّم كولمان طلابه أنّ لا وجود لحقيقة واحدة، بل لمجموعة وجهات نظر يجب الاطلاع عليها جميعها للتمكّن من تكوين فكرة واضحة عن الواقع. من هنا، بحسب كولمان، «لا يجب إبقاء الأصدقاء قريبين فقط، بل يجب ترك الأعداء أقرب إلينا منهم، فإذا كنّا لا نعرف كيف يفكّر عدوّنا أو الذي يختلف عنّا، فكيف يمكننا بعدها تقويم تفكيرنا؟». لمع اسم كولمان في أواخر السبعينيات عندما كان مديراً للأخبار في أكبر محطّة إذاعيّة في ألاباما، حين فضح حاكم ولاية ألاباما جورج والاس، حيث أظهر للعلن أنّ والاس، الذي كان مقعداً ومتزوّجاً من ابنة عائلة سياسيّة عريقة في ألاباما، هو على علاقة مع شابّة يلتقي بها سرّاً بمساعدة حرّاس من الشرطة. واستطاعت زوجته تسجيل الحديث الهاتفي بينهما، وفضح كولمان القضيّة من أكبر محطّة إذاعيّة في ألاباما تبثّ إلى نحو 6 ملايين شخص.
عمل مراسلاً رسميّاً للبيت الأبيض، وغطّّى انتخابات جيمي كارتر ورونالد ريغان. ونفّذ تحقيقات استقصائيّة لكلّ من الـ«إي. بي. سي» والـ«سي. بي. أس». وكان من أوائل المراسلين الأميركييّن الذين يغطّون الحجّ في السعوديّة. وتولّى تغطية الحرب الأهليّة في لبنان، وحين عاد إليه بعد أكثر من عشرين سنة، وجد «أبطال الحقبة الماضية لا يزالون على الساحة اللّبنانيّة، مع فارق بسيط، هو الشيب الذي بدأ يغطي رؤوسهم».
تبقى تجربة التعليم المرحلة الأهدأ في عمر كولمان، وخصوصاً بعدما وصل إلى استراحة المحارب.