طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
خالف وزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي الكثير من التوقّعات التي انطلقت قبيل موعد الإفطار الذي أقامه، غروب أول من أمس، لكوادر «التكتل الطرابلسي» الانتخابية، في «مركز الصفدي الثقافي الرياضي» في طرابلس، في حضور النائبين محمد كبارة وقاسم عبد العزيز وحبيب فاضل نجل النائب موريس فاضل، والتي رجّحت أنّه سيتخذ موقفاً يعود فيه إلى «سرب» فريق 14 آذار.
وأوضحت أوساط سياسية طرابلسية مطلعة لـ«الأخبار»، أن خطوة الصفدي الأخيرة هي «انتفاضة جاءت في وقت متأخر، حاول فيها استلحاق نفسه، بعدما شعر بأنه بدأ يفقد شيئاً من صورته التي سعى إليها كزعيم وركن سياسي أساسي في طرابلس».
إلا أن هذه الأوساط أشارت، بالمقابل، إلى أنه «لم يكن أمام الصفدي خيار آخر ليتخذه من أجل الحفاظ على رصيده السياسي والانتخابي في طرابلس. فهو يعرف جيداً أن الشرخ الذي حصل بينه وبين تيار المستقبل بات من الصعب رأبه حالياً، وخصوصاً بعد حملة اللافتات والمقالات التي ساقها التيار ضده.. وأنه، حتى لو فكر بالتراجع عن مواقفه ومسايرة النائب سعد الحريري في الموضوع الرئاسي، فإن الأخير لم يعد يقبضه جدّياً، عدا عن أن تراجعه سيكون ضربة معنوية كبيرة له، وسيؤثر سلباً على مستقبل وضعه السياسي، وخصوصاً بعدما أصبح له، بعد مواقفه الأخيرة، حيثية سياسية مهمة في طرابلس، لا ينبغي له بأي شكل من الأشكال إضاعتها».
وتقاطعاً مع هذه الصورة، فإن المصادر المقرّبة من الصفدي أكدت أنه «ثابت على مواقفه، سواء استمر معه رفاقه في التكتل أو لا، ولن يحيد عنها بأي شكل من الأشكال، مهما اشتدت الضغوط عليه، حتى لو اقتضى ذلك استقالته من النيابة والوزارة معاً، ونفض يده من الحياة السياسية اللبنانية بالكامل».
وأوضحت المصادر لـ«الأخبار» أن «شكوى الصفدي من المسهمين في الحملة الأخيرة عليه، إنما يقصد بها تيار المستقبل تحديداً»، متسائلة: «عندما يتخذ الصفدي موقفاً متعارضاً مع موقف الأكثرية السنّية النيابية، مع بقائه على المسافة ذاتها من المعارضة، فمن سيرشّحه لرئاسة الحكومة حتى يتّهم بأنه يسعى وراء هذا المنصب؟»، قبل أن تؤكّد أن «خوف الصفدي من الفراغ والتقسيم والاقتتال يجعله مستعدّاً للتضحية بحياته السياسية».
وكان الصفدي قد شدّد في كلمة ألقاها خلال الإفطار، وقوطعت أكثر من مرة بالتصفيق وبهتافات التأييد له، على أن هاجس «التكتل الطرابلسي» يكمن في «العمل مع العقلاء على تضييق هوّة الخلاف، وصولاً إلى انتخاب رئيس من رحِم التوافق»، مشيراً إلى أن «الوفاق الوطني هو المظلة التي تحمي الجميع».
وبعدما أعاد تكرار مواقفه وقناعاته التي أعلنها، باسم التكتل، منذ ورقة مؤتمر سان كلو، وأبرزها رفضه «إبقاء موقع رئاسة الجمهورية شاغراً»، و«عدم جواز أن تنعقد جلسة انتخاب الرئيس إلا بنصاب الثلثين، سنداً للدستور وللأعراف البرلمانية المعتمدة منذ الاستقلال»، إضافة الى اعتباره أن «استمرار الأقلية النيابية في مقاطعة جلسة الانتخاب، في الأيام العشرة الأخيرة، يجعل المقاطعة تعطيلاً للدستور وضرباً للميثاق الوطني ولمبدأ الشراكة في السلطة»، فإنه عبّر عن موقفه الشخصي مؤكّداً: «لن أشارك في أي مغامرة تهدّد وحدة الوطن والكيان».
وأكد الصفدي «الدور الوطني والإيجابي الذي يقوم به الرئيس نبيه بري»، مثمّناً «مسعى الانفتاح والحوار والتلاقي الذي بادر إليه النائب الحريري، والذي يتكامل مع موقف التكتل لجهة ضرورة انتخاب رئيس يُولَدُ من رحم التوافق».
كذلك أبدى أسفه حيال «الحملة الظالمة والمنظمة» التي تستهدفه منذ مدة، والتي «أسهم فيها البعض من صيّادي الفرص وقنّاصي المناسبات والوجوه الصفراء وألسنة السوء والشتّامين بالأُجرة وعلى القِطعة»، وأعلن أن ردّه عليهم هو «الاحتقار واللامبالاة»، مضيفاً: «أما البعض الآخر من المسهمين في الحملة، فقد كانوا الأشدّ إيلاماً عليّ، لأن ظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة. ولهؤلاء تحديداً أقول: ليس محمد الصفدي من يسعى إلى رئاسة الحكومة على دم شهيد وحدة لبنان الرئيس رفيق الحريري وشهداء انتفاضة الاستقلال.. وليس محمد الصفدي من يسعى لترؤّس حكومة تساوم على محاكمة قتلَة رفيق الحريري.. وليس محمد الصفدي من يعقد الصفقات على حساب قناعات أهل طرابلس ومبادئهم وثوابتهم.. ونقطة على السطر».
وفي إطار آخر، نقل النائب محمد كبارة إلى النائب الحريري موقف التكتل الداعي إلى «التفاهم والتوافق على رئيس جديد للجمهورية، يكون مؤمناً باستقلال لبنان وسيادته الفعلية على كل الأراضي اللبنانية، وملتزماً الدستور والقوانين والقرارات الدولية»، مشيراً إلى أن السعي للتوافق «لا يعني أن يتمادى الآخرون في تعطيل البلد».